أن تُضيء القوى السياسية على الأزمات التي تعصف بالبلاد والمشاكل التي تلاحق الشعب وتُطالب بوجوب إرساء الحلول، لهو من البديهيّات، خاصّةً إنْ كانت صادرة عن قوى معارضة وموجودة خارج السلطة التنفيذية، لكن أن يأتي هذا الأمر من قبل أطراف في الحكومة، لا بل من قبل الفريق الذي يقبض على كامل قرار مجلس الوزراء، تُصبح المسألة خارج الإطار الطبيعي.
جاءت تصريحات الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله في الأمس، لتطرح أكثر من علامة استفهام:
كيف يُحمّل السيّد حسن، الدولة، مسؤولية الانهيار وكلّ السلطات والأجهزة التنفيذية المولجة باتخاذ تدابير معالجة الازمات هي بإمرة محوره؟
كيف يسأل السيّد حسن عن دور الدولة بلجم المضاربات في سعر الصرف، فيما يُسيطر على كلّ الحكومة، والتي هي وحدها مخوّلة باتّخاذ التدابير اللازمة؟
كيف يُطالب السيّد حسن بعقد طاولة حوار اقتصادي لمعالجة المشكلات الاقتصادية، فيما الأمر من صلاحيّة السّلطة التنفيذيّة؟ فما هي الخطوات التي فعلتها حكومته بهذا الصّدد؟ هل تناسى السيّد حسن أنّه وعبر حكوماته غطّى وشرّع فساد حلفائه؟ شارك وساهم بإقرار القرارات الكارثية والصفقات المشبوهة؟ لِمَ يسعى لرمي مسؤولية حكومته على طاولة حوار غير مولجة بذلك؟
كيف يتحدّث السيّد حسن عن توجّهات لبنانيّة ترفض التعاون مع الصّين؟ أين هي هذه التّوجهات؟ أوليست الحكومة هي المسؤولة عن إبرام أيّ تعاون مع أيّ دولة؟ أوليست هذه الحكومة كما سابقتها تحت قبضة السيّد حسن؟ لِمَ لم تُقدِم على الاستفادة من العروض الصّينيّة التي تحدّث عنها؟
كيف يدعو السّيد حسن إلى ضرورة التوجّه شرقاً، فيما يغيب هذا الشّرق عن مساندة أسياد محوره في طهران ودمشق، اللتين تُعانيان أضعاف أضعاف ما يُعانيه لبنان؟ ألا توجد عروض صينيّة للنّظامين في إيران وسوريا كما لبنان؟ أو أنّ حتّى لبنان لم يتلقَّ أيّ عرض لأنّ الشرط الصّيني هو وجود دولة في لبنان نزيهة شفّافة صادقة قادرة، وهذه الدولة التي يقبض فيها السيد حسن على الحكم غائبة بفضل إدارته السّلبية؟
ما نعيشه من أزمات يتحمّل مسؤوليّتها مَن يقبض على قرار الدولة من داخلها ومن خارجها، مَن يواصل سياسة التعطيل وتأخير كلّ فرصة إنقاذ، ومَن يصرّ على ممارسة الازدواجيّة في السيادة والامن والاقتصاد والمال، حتّى وصلت معه أن ينتهج ازدواجيّة في معايير المعارضة والموالاة، ازدواجيّة صارخة في تحميل المسؤولية إلى سلطة هو المسؤول عنها! عجيب يا سيّد.