!-- Catfish -->

“القوات” في السلطة مدرسة

لم يكن القوات اللبنانية يوماً حزباً سلطوياً، بل عمل دائماً للحفاظ على السلطة، وفي أكثر الأحيان، على ما تبقى منها. وعندما انخرط في السلطة، لم يكن هذا هو الهدف، بل كان وسيلة لتحقيق إصلاح ـ أو على الأقل بعضه ـ كان منشوداً وضرورياً.

إذا عدنا بالتاريخ إلى الوراء، نتذكر يوم مرت طريق القدس من جونية، فما كان من القوات إلا أن انتفضت وقالت “لا” بصوت عال، فخاضت حرباً طويلة ودامية، ولا أسف على نهايتها.

عندما جاء اتفاق الطائف كان لا بد أن تؤيده القوات لكي يمر ويصبح دستور الجمهورية الجديد وهذا ما كان. لكن كان المطلوب من الدكتور سمير جعجع يومها أكثر من الموافقة على هذا الاتفاق. كان المطلوب منه أن “يمشي” مع سلطة الاحتلال مقابل أن تغدق عليه هذه السلطة نِعَم المراكز والمناصب والمحسوبيات، أولها رئاسة الجمهورية. فكانت نتيجة هذا الرفض 11 سنة في السجن لأنه رفض الهروب كما فعل غيره.

وعندما كان يقبع في سجنه، كانت هذه العروض تتكرر، لكنه رفض المساومة على القضية ومبادئها، فحل الحزب وتعرض القواتيون، إلى أبشع أنواع البطش والانتقام، في حين أن التسونامي فاوض وساوم وعاد من منفاه “بطلاً” ليتسلم سلطة أقل ما نقوله إنه سلمها أسوأ بكثير مما استلمها، عكس ما وعد به تماماً.

عندما خاضت القوات اللبنانية الانتخابات النيابية، ناضلت وحدها ضد التسونامي العائد من فرنسا بوعود رنانة. وعلى الرغم من ذلك، كانت للقوات حصة وازنة في المجلس النيابي. وفي الانتخابات النيابية الأخيرة حصدت أكبر كتلة برلمانية في حين تراجعت كل الأحزاب الأخرى.

لا بد من التنويه هنا، بأن النواب والوزراء السابقين في القوات هم لغاية اليوم أعضاء في تكتل الجمهورية القوية ولم نر أحداً منهم ينقلب على الحزب كما حصل في الأحزاب المارقة الأخرى.

أما في الحكومة، فكان للقوات عدد ضئيل من الوزراء، وعلى الرغم من ذلك، أثبت وزراء القوات أنهم من غير طينة السلطة الحاكمة التي عاثت بالبلد فساداً حتى أوصلتنا، كما وعدت، إلى جهنم.

لحظ اتفاق معراب أن يكون عدد الوزراء بين الفريقين بالتساوي سواء بالحقائب السيادية أو غيرها، لكن ذلك لم يحصل بسبب التفاف الشريك على الاتفاق. لم تنسحب القوات من الاتفاق على الرغم من الالتفاف عليه، بل ردد جعجع قولاً شهيراً لونستون تشرشل “مطرح ما منكون بيكون راس الطاولة”. وهذا ما حصل. فشل الآخرون بجميع الحقائب التي تسلموها، كالعدل والخارجية والطاقة الخ… وحققت القوات نجاحاً باهراً ـ أشاد به الخصوم قبل الحلفاء ـ في جميع الوزارات التي خدم فيها وزراؤها. أسباب هذا النجاح كثيرة لكن أهمها أن قيادة القوات لم ولن تطرح أي وزير لمجرد ولائه المطلق السياسي، ولم ولن يوقع وزراؤها استقالات مسبقة لقلة الثقة بمن يعيّنونهم. سيرة وزراء القوات تتكلم عن نفسها.

هذه هي القوات اللبنانية، مدرسة في السلطة وخارجها. هكذا كانت، وهكذا هي اليوم وهكذا ستبقى إلى الأبد ودائما “حيث لا يجرؤ الآخرون”.

 

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل