أنْ ينزلق مَن يدّعي العمل الصّحفي إلى كيل التُّهَم وأقذع العبارات بحقّ قوّة سياسيّة وازنة مثل “القوّات اللبنانيّة” ويُطلق الصّفات التي تُعبّر عن ثقافته بحقّ مسيرتها المقاوِمة والنّضاليّة، هذا شأنٌ يعنيه، وأن يرتكز، بهجومه المُعلّب هذا، على التُّهم والفبركات التي ساقتها منظومة الاحتلال السوري القضائيّة الأمنيّة ضد “القوّات” لرفضها الخنوع للسّطو على الوطن، فهذا أيضاً شأنٌ يعنيه ولا يهمّنا، لكن أن يُشوّه دورها الرّيادي في محاربة الفساد، فهذا لا يُمكن السّكوت عنه.
أوّلاً، في ما خصّ مسألة تلزيم المطار ومبنى المسافرين، إنّ موقف “القوّات” كان واضحاً ومُعلناً ومُباشراً منذ اللحظة الأولى، أنّها وكما دائماً، لن تُقارب الموضوع من منطلق شعبوي تسطيحي غرائزي، بل وفقاً لمعايير قانونيّة علميّة تقنيّة دستوريّة وربطاً بآراء الجهّات الرّقابيّة المعنيّة المشهود بمصداقيّتها، وإن كان في هذا الأمر من عيب، فعَلى المتشدّقين بالعكس، أن يعلموا تماماً أنّ “القوّات” لن تُبدّل مِن تعاطيها المؤسّساتي ارضاءً لبعض الأقلام ومَن يقف خلفها.
ثانياً، إنّ وزير الاشغال والنقل في حكومة تصريف الأعمال علي حمية القابض على عقد التلزيم، يرفض الكشف عنه حتّى لهيئة الشّراء العام، وهل يُمكن إبداء الرأي من دون الحصول على كلّ المعطيات المطلوبة للحكم عليها؟ وهنا كان الأولى بمَن يدّعي العمل الصّحفي والاستقصائي أن يوجّه حملاته إلى الجهّة التي تمنع الكشف عن العقد عوض توجيهها إلى “القوّات” التي تُلاحق الأمر وفق الأصول.
ثالثاً، تقدّم عضو تكتّل الجمهوريّة القويّة النائب جورج عقيص بسؤالٍ إلى الحكومة حول ملف توسعة مطار رفيق الحريري الدولي وكيف يمكن الاستناد إلى قانون رسوم المطارات وتخطّي قانون الشّراء العام الذي ألغى صراحةً في الفقرة الخامسة من مادّته الـ114 كلّ نصّ مخالف له أو لا يتّفق مع مضمونه، لاغياً كلّ صفقات التّراضي، وساءل الحكومة عن عدم تطبيق قانون الشراء العام، وعن ماهيّة الأسس المالية والاقتصاديّة والمحاسبيّة التي حدّدت مدّة العقد، وعن مدى تأمين وزارة الأشغال للشروط التنافسيّة وتكافؤ الفرص والشفافية والعلانيّة، وعن مدى اطّلاع مجلس الوزراء على جميع الاجراءات القانونيّة التي أفضت إلى إبرام القعد بالتراضي، وعن مخالفة الوزير حميّة لقرار الحكومة الذي رخّص له توسعة المطار بواسطة مناقصة تجري لدى هيئة الشراء العام.
رابعاً، أعلن رئيس لجنة الادارة والعدل النائب جورج عدوان أنّه سيُطلع اللبنانيين، بعد اجتماع اللجنة، على دراسة قانونيّة كاملة حول عقد تلزيم مبنى الـTerminal 2 في المطار، وسيُضيء على كلّ ما هو قانوني وغير قانوني على ضوء تقريريّ ديوان المحاسبة وهيئة الشّراء العام.
خامساً، “القوّات اللبنانيّة” يا سيد ميشال قنبور، لا تنتظرك، لا أنتَ ولا موقعكَ ولا مَن خلفكما، كي تأخذ شهادةً بمسيرتها المشرّفة في الدّفاع عن الأرض في زمن الحرب وفي مواجهة الاحتلال في زمن السّلم وفي مقارعة منظومة السّلاح والفساد في يومنا هذا، وشهادة الخصوم قبل الحلفاء عن خلوّ أيّ شُبهة فساد بحقّها وعن إدارتها للنّموذجيّة للوزارات التي تسلّمتها، أسطع مِن أن تسقط بحبرٍ غير موضوعيّ.
أخيراً، نضع دونيّة العبارات التي وردت في مقال لموقع “ليبانون ديبايت” اليوم الاربعاء، برسم الرأي العام اللبناني، ليعلم مستوى الاعلام الموجّه الذي يستهدف “القوّات”، ومدى تخطّيه لكلّ أصول الموضوعيّة والمهنّية، ويبقى أنّ كلّ إناء ينضح بما فيه من أقلامٍ ونفوس ومبادىء وأخلاقيّات، تتحرّك وتتنفّس وفق ما يُشبع رغباتها الدّنيويّة.