سجالات وخلافات وكلام نابٍ ومسّ بالمقدسات. هذا ما تسرّب من الإشكال الذي وقع داخل جلسة اللجان النيابية، التي انتهت الى مزيد من التشنج والتوتر في البلاد.
فعلى قاعدة “عنترت وما حدا ردني”، يتصرف رموز السلطة و”توابعها”. نهاية الأسبوع الماضي، احتدم السجال على خلفية تأجيل التوقيت الصيفي والآلية التي اتُخذ فيها القرار، وكأن مصالح الناس وارتباط لبنان بالعالم مرهون بفنجان قهوة، وما إذا كان حلواً أو مرّاً. صُححت “الخطيئة” بعد بلبلة وانقسام، وخيُّل الى الشعب المسكين أن “القطوع قد مرّ”.
منذ ساعات، انفجرت مجدداً، لكن هذه المرة في مجلس النواب. قلة الاحترام بدأت من طريقة تعاطي النائب غازي زعيتر مع زميله ملحم خلف على خلفية الأخير، الدعوة لانتخاب رئيس للجمهورية، فتلوث سمع الحاضرين بعبارات أطلقها زعيتر من أمثال، “شو هالبضاعة”، و”متل صباطي” والخ…
لاحقاً، ارتفعت الأصوات من جديد، وهذه المرة إشكال كبير بين النائبين علي حسن خليل وسامي الجميّل، على خلفية السحوبات الخاصة المتعلقة بتمويل إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية، وأثناء مطالعة الجميّل، بادره حسن خليل بالقول، “إن أحد رؤساء الأحزاب يريد مخالفة الدستور ويطلب من مجلس الوزراء مخالفة الدستور”، ليكمل بالشخصي ما مفاده، “انت مجرم ابن مجرم ومن عائلة مجرمة”.
بغضّ النظر عن الاتصالات التي جرت في ما بعد، لاحتواء المصيبة التي أحدثها زعيتر ـ حسن خليل، بات واضحاً ان الممانعة التي تمعن في إهانة اللبنانيين، محشورة لدرجة أنها تفتعل الإشكالات لجرّ الآخرين الى مواجهات تحجج فيها بتطيير الانتخابات البلدية، فتكون قد البستهم ما بنفسها واسقطت عليهم أدائها، طالما أنها لا تخجل بتعطيل البلاد الذي بات العنوان الأول في أجندتها السياسة.
لا رئيس جمهورية، وهذا بنظرها انتصار.
حكومة تصريف الأعمال “تمون” عليها بشتى أنواع المخالفات والتلزيمات، وهذا انتصار.
المجلس النيابي معطل، يحاول القيمون عليه أن “يفتحوه ويسكروه” على حسابهم، وهذا انتصار.
التحقيقات بتفجير مرفأ بيروت معطلة، وهذا أفضل الانتصارات، إذ ما همّ إن تشقّفت العاصمة ومات أبناؤها.
وكي يكون الانتصار أكثر دوياً، ما المانع من تطيير الانتخابات البلدية وكبّ الحرام والتهم على الفريق الآخر؟ وهذا أيضاً أمّ الانتصارات.
على أي حال، الـPasse الذي أعطي ويعطى لممارسة هذه العنتريات بأساليبها الدنيئة والمستبدة، وإن تم احتواؤها فيما بعد، لا يلغي حقيقة أن السلطة الحاكمة ومن ورائها الثنائي المُتحكم، محشور بالاتفاقات والتفاهمات الجديدة التي تُرسم في المنطقة، والتي ستضع حداً حتمياً لوباء التحكّم والتخلف هذا، وهو يترجم إحباطه بكل الاساليب المتاحة، ما عدا السياسية منها. فلا الاستقواء بالسلاح ولا الضرب على الأوتار الطائفية ولا “زتّ” أرقام تتحدث عن تضاؤل أعداد المسيحيين لإحباطهم، ولا الأساليب النابية في التعاطي، فعل فعله… واليوم أكثر من أي وقت مضى، ستجد العنتريات من يَرُدّها، ودائماً ضمن آلية بناء الدولة.