المسيحيون في لبنان ليسوا عدداً، فالبشريّة انطلقت بفرد، والأبجديّة بدأت بحرف أ، والأعداد أولها 1، والمعرفة ركيزتها سؤال.
وكلّ ما بعد ذلك كان تالياً، والتّالي فيض عن أصل، لا كون بدونه.
ولو عدنا إلى مبدأ القلّة والكثرة، يحتاج شوال البطاطا في الطّبخ إلى رشّة ملح ليتّسق مذاقه، وعليه، كفانا طحناً بقشور لا تنتج حَباً، وإن كوّمنا بيادر بعلو صنّين.
تظلّ البذور حاجة الطّين لإثبات الحياة، وإظهار المواسم، وإكمال النّمو، ولولا البذرة لما أجدى هطول المطر.
وبذور هذا الـ”لبنان” هم المسيحيّون.
فهم إنسانه الأوّل، وهم ألِفُ لغته، وهم واحده الّذي لا يقبل القسمة على غير نفسه.
هم ملحه الّذي يمنحه نكهته الخالدة، وهم سؤاله الأزلّي لمعنى الفضول الإنساني.
وسيظلّ المسيحيّون هم الأصل، ليظلّ كلّ قاصر عقل هو التّالي.