لم يفاجئ البيان الأخير لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الأوساط المالية والاقتصادية المتابعة، والذي نفى فيه الأخبار المتداولة حول توقُّف منصة صيرفة ابتداء من أول الشهر المقبل، أو تحوُّلها حكراً على الشركات من دون الأفراد، مؤكداً أن كل هذه الأخبار مركّبة وبعيدة كل البعد عن الحقيقة، وأن العمليات على صيرفة مستمرة كالمعتاد.
وترى مصادر مالية معنية، عبر موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، أنه “على الرغم من فشل صيرفة، عموماً، في تحقيق الأسباب الموجبة التي دفعت سلامة لإنشائها من الأساس في كانون الأول العام 2021، أي لجم تدهور سعر صرف الدولار في السوق الموازية، وتقليص الهامش بين سعره على صيرفة وسعره في السوق السوداء، وتحويل جزء من الطلب عليه من هذه السوق إلى صيرفة بالإضافة إلى سحب جزء من السيولة بالليرة، غير أن سلامة غير قادر على وقف العمل بها”.
وتوضح، أن “سلامة، وغيره من المسؤولين المعنيين، لا يزالون يعتبرون أن صيرفة تشكّل أداة مهمة بين يدي الحاكم تمكنّه من التدخل وشراء الدولار من السوق السوداء ومن بعض المصارف وصرّافي الفئة A، من خلال الليرات التي يملكها أو تلك التي يواصل طبعها. ومن ثم بيع الدولار عبر المنصة من جديد. على الرغم من استهلاكه المزيد من أموال الاحتياطي النقدي مداورة لبيعها عبر صيرفة، بالإضافة إلى الدولارات المتأتية من شركات تحويل الأموال عبر التحويلات الخارجية”.
وتضيف، “تتيح منصة صيرفة لسلامة وللمسؤولين شراء الوقت أكثر، انطلاقاً من أنها تنجح على فترات متقطعة في لجم ارتفاع الدولار، بغضّ النظر عن الكلفة العالية وخسارة المزيد من الدولارات. بالتالي لا بأس من استمرارها أطول فترة ممكنة.
أضف إلى أن صيرفة، تتيح لموظفي القطاع العام وغيرهم، قبض معاشاتهم بالليرة، بالدولار، بسعر أقل من سعر السوق السوداء. ومن ثم يقومون بصرف دولارات المعاشات المقوّمة بحسب سعر صيرفة في السوق الموازية الأعلى من سعر المنصة، فيحققون بعض التعديل في قيمة معاشاتهم”.
وتعتبر المصادر ذاتها، أن “هذه الطريقة تتيح للحكومة إسكات الموظفين بعض الشيء، خصوصاً مع الزيادات على المعاشات التي يتلقّونها. لكنها أيضاً تمكّنها من تأخير رفع قيمة الرواتب والأجور مع استمرار انهيار قيمتها وارتفاع حدة المطالب بتصحيحها، لفترة محددة في كل مرة وتمنحها مزيداً من الوقت. لذلك ستستمر صيرفة في المدى المنظور على الأقل، على الرغم ممّا تتسبَّبه من نزف للدولارات المتبقية”.
وتؤكد، أن “كل ما يحصل كناية عن تخبُّط وعشوائية. فكما أشرنا، مصرف لبنان يؤمِّن دولارات صيرفة من الاحتياطي، ويشتري كمية إضافية من السوق الموازية نفسها بأسعار عالية. أي عملياً هو يضخّ سيولة إضافية بالليرة لشراء الدولار من السوق السوداء، لتلبية استمرار مرافق الدولة وتأمين استيراد السلع الأساسية. بعكس ما قاله سلامة أخيراً عن أن سبب رفع سعر صيرفة إلى 90.000 ليرة، هو لـ(ضبّ) الكتلة النقدية من السوق وعدم استعمالها في التهافت على الدولار”.
وتشير المصادر عينها، إلى أن “الجميع يعترف في الكواليس أننا ندور في حلقة مفرغة، لكن مصرف لبنان لن يتخلَّى عن أداة صيرفة التي تسمح له بهامش المناورة ومواصلة لعبة تقطيع الوقت إلى أطول فترة ممكنة. علماً أن سلامة لا يزال اللاعب الأقوى داخل دوّامة صيرفة والمصارف والصرافين والسوق السوداء، لامتلاكه الحجم الأكبر من الكتلة النقدية بالليرة مع القدرة على زيادتها في أي لحظة، فضلاً عن الدولارات المتبقية من الاحتياطي النقدي بحدود الـ10 مليار دولار”.
أي عملية نسخ من دون ذكر المصدر تعرض صاحبها للملاحقة القانونية