رصد فريق موقع “القوات”
على الرغم من التحليلات والتكهنات حول الملف الرئاسي وتهليل فريق الممانعة لزيارة رئيس تيار المردة سليمان فرنجية إلى العاصمة الفرنسية وتصويرها وكأنها زيارة التأكيد على وصول فرنجية إلى بعبدا، الحقيقة تدل على أنه بعيد عن كرسي الرئاسة بُعد مسافة بعبدا عن باريس.
وفي السياق، تفيد المعلومات الواردة من العاصمة الفرنسية، بأن الجانب الفرنسي كان يتفاوض مع السعودية لإيصال رئيس تيار المردة سليمان فرنجيّة إلى سدّة الرئاسة إلا أنّ الأخيرة لم تُعطِ الضوء الأخضر.
وأشارت مصادر أخرى لـ”النهار”، الى ان باريس ستبلغ فرنجية بضرورة الانسحاب من السباق الى القصر لتسهيل عملية الانتخاب، لان وصول رئيس طرف الى بعبدا امر شبه مستحيل.
وافيد أيضاً أن حزب الله وضع في أجواء الزيارة في ظل تواصل غير مباشر معه في هذا الملف، وانه يؤيد الإخراج الفرنسي لتجنب الاحراج.
وفي السياق نفسه، ووفق المعلومات، تصرّ الرياض على رفضها التام للعودة الى اتفاق الدوحة عام 2008 والذي ثبّت نظرية “الثلث المعطّل” التي نالها “حزب الله” في غزو ميليشياته لبيروت في 7 أيار من العام نفسه. ولا يبدو ان فرنجية بحسب المعلومات، قادر على الوقوف بوجه الحزب ليتجاوز ذلك الاتفاق الذي حكم الحزب وحلفاءه منذ 15 عاماً في عمل الحكومات بدءاً من حكومة الرئيس سعد الحريري التي أطاح بها “حزب الله” وحلفاؤه في بداية عام 2010،عندما دخل الى البيت الابيض في عهد الرئيس باراك اوباما رئيسا للحكومة وخرج منه رئيساً سابقاً.
كذلك علم ان المحادثات الباريسية شملت سابقاً شخصيات وردت اسماؤها ولا تزال على لائحة الترشيحات، من بينها الوزيران السابقان زياد بارود وجهاد ازعور حيث تولى الوسيط الفرنسي الوقوف على آرائهما في ما يتعلق بجملة عناوين في مقدمها اتفاق الطائف والسياسة الدفاعية وسلاح “حزب الله.”
الى أين ستفضي الحركة الناشطة حالياً في باريس من اجل مواكبة ملف الاستحقاق الرئاسي؟
يشير مواكبون للملف الى ان باريس وضعت نفسها في موقع الوسيط إنطلاقا من اعتبارات يضعها البعض ضمن الاطر التاريخية من منطلق “الأم الحنون”، لكن في المقابل هناك الكثير من الشواهد والامثلة على رغبة فرنسا في الامساك بالعصا من الوسط، أي المواءمة بين تدوير الزوايا في علاقات تنشدها المصالح الفرنسية مع إيران في الاقليم ومع “حزب الله” في لبنان، وبين الحفاظ على علاقاتها مع دول الخليج العربي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية. وقد جاء الاتصال الهاتفي الاخير بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وبين ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان في إطار الحفاظ على دور باريس الوسيط بعد الانتقادات التي سيقت ضد هذا الوسيط وإفراطه في الجنوح الى ممالقة الجانب الايراني وتالياً “حزب الله.” وتحدثت اوساط اعلامية في الخليج ان الرئيس ماكرون كان غير مرتاح لموقف ممثل المملكة في اللقاء الخماسي مستشار الديوان الملكي السعودي نزار العلولا لأن الاخير رفض طروحات الجانب الفرنسي في الاستحقاق الرئاسي ما ادى الى لجوء دوائر الاليزيه الى الرياض بما يشبه الشكوى، غير ان الرياض حسمت الموقف فابلغت باريس، ان موقف ممثلها في الخماسية هو موقف المملكة ولا داعي للسؤال اكثر عن هذا الموقف.
إذا، في خلاصة المحادثات الباريسية، ووفقاً للمعلومات، فإن دوريل حاول بديبلوماسية ابلاغ مرشح الثنائي الشيعي ان بلاده على رغم استمرار مسعاها لتأييد وصول فرنجية الى قصر بعبدا، الا ان دون ذلك صعوبات. والمعنى في ذلك، ان باريس تكاد تتملص من محاولة السمسرة كي يصل فرنجية الى ما يريده الثنائي الشيعي ولكي يصل الاليزيه الى توظيف الملف اللبناني في حساباته الاقليمية ظناً منه ان التفويض الاميركي له هو شيك على بياض وهو ليس كذلك.
من جهتها، رأت مصادر حزب القوات اللبنانية ان لا وجود لخلاف ماروني يؤخر انتخاب رئيس للجمهورية، بل هناك خط مسيحي – اسلامي من جهة يقابله خط مسيحي – إسلامي اخر ومن جهة أخرى يتعارض مع تطلعات وطنية. ولفتت الى ان رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل قال في اخر اطلالة له، “اولويتنا هي الدولة ومن ثم تكون المقاومة التي تدافع عن الدولة.»واستطرد بالكلام ان خلافه مع سماحة السيد حسن نصرالله وان اولويته المقاومة ومن ثم الدولة”. في المقابل، تعترض القوات اللبنانية على مشروع حزب الله ولذلك الخلاف بين القوات والوطني الحر هو من طبيعة استراتيجية. وعليه، ليس الخلاف على تكتيكات سياسية ضيقة النطاق. وفي الوقت ذاته، اعلنت القوات ان لا مشكلة لديها اذا تقاطعت مع الوطني الحر على رئيس سيادي اصلاحي، ولكن حتما ليس على مرشح من فريق الممانعة.
اما عن احتمال قيام القوات اللبنانية بتغيير موقفها الرافض لمرشح رئاسي ممانع، أوضحت مصادر “القوات” لـ”الديار” انه لا يمكن مقارنة ظروف 2016 بالوضع الحالي اليوم. ذلك ان الخطيئة الاصلية بدأت بحكومة الرئيس تمام سلام التي أتت بعد حكومة رئيس نجيب ميقاتي التي اقصت 14 اذار للمرة الأولى منذ 2005 والانقلاب الذي صار من الرابية بإسقاط حكومة رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، حيث اخذت قوى 14 اذار عهدا على نفسها بعدم التعايش مع قوى الممانعة.
وعام 2016 وضع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع امام خيارين، اما مرشح من 8 اذار واما سيتحمل مسؤولية تطيير اتفاق الطائف، وفقا للمصادر القواتية. وعليه، امام الحائط المسدود الذي وضعت امامه القوات اللبنانية تم التوصل الى ترشيح العماد عون رئيسا، خاصة ان الأخير كان يملك قاعدة مسيحية كبيرة آنذاك، واليوم هذه الأكثرية المسيحية انتقلت الى القوات اللبنانية. اما اليوم فالوضع مختلف مع رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، فهو لا يملك التمثيل المسيحي الذي كان يملكه العماد عون عام 2009، كما ان فرنجية هو في صميم الخط الممانع ولا يمكن بعد الان ابرام أي تسوية مع الفريق الاخر بما ان فكرة التعايش بين 14 اذار و8 اذار سقطت وفشلت. اضف الى ذلك، يعيش لبنان اليوم انهيارا كبيرا، ولذلك لا يمكن الاستمرار في السياسات ذاتها.
على صعيد الانتخابات البلدية، تعتبر القوات اللبنانية ان كل الاستحقاقات الديمقراطية يجب ان تحصل في مواعيدها، والاعذار التي تعطى انه لا يجب ان تحصل انتخابات بلدية في ظل الشغور الرئاسي هي ساقطة لأنه عام 2016 لم يكن هناك رئيس للجمهورية، انما حصلت الانتخابات البلدية . كما ان العذر المرتكز ان هذا الاستحقاق الأخير يحتاج الى جلسة تشريعية، فهو غير صحيح لان التمويل يكون عبر السحوبات الحقوق الخاصة. وتابعت المصادر، ان “الانتخابات البلدية تشكل حاجة ماسة، خصوصا ان بلدات عديدة بعد سبع سنوات يجب تجديد عناصرها كما ان وجود البلديات شكل في ظل الانهيار ضمانة للناس وحصانة لناسها على الرغم من إمكاناتها الضئيلة”.