سجل الدولار تراجعاً طفيفاً في الأيام الماضية. فبعدما كان بحدود الـ110.000 ليرة تقريباً منتصف الأسبوع الماضي، انخفض خلال عطلة الأسبوع إلى نحو 106.000 ليرة، ليفتتح التداول الأسبوع الحالي صباح الاثنين على تراجع إلى حد تراوح ما بين 100.000 و102.000 ليرة، بحسب المناطق، ويختتم مساءً ما بين 97.500 ليرة للمبيع و98.500 ليرة للشراء.
وتعتبر مصادر مالية واقتصادية، عبر موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، أنه “من البديهي أن نشهد خلال هذه الفترة استقراراً نسبياً لسعر صرف الدولار في السوق السوداء”، مشيرة إلى أن “الأمر كان متوقعاً على غرار الفترات السابقة، لأسباب عدة، أولها القرار الأخير الذي اتخذه مصرف لبنان، باستمرار تمويل شراء الدولار للشركات والأفراد عبر منصة صيرفة على سعر 90.000 ليرة للدولار، بعدما قفز قفزته الكبيرة ولامس الـ145.000 ليرة قبل مدة. وعاد البنك المركزي وخفَّض سعر دولار صيرفة أمس الاثنين إلى 88.000 ليرة للدولار الواحد.
وتشير إلى أن، “المراقبين يلاحظون أن البنك المركزي يرفع من وتيرة تدخله من خلال صيرفة لتمويل عمليات شراء الدولار عبرها، لضبط ارتفاعه في سوق الصرف. فقد بلغ حجم التداول على صيرفة في آخر يوم عمل (الجمعة) الأسبوع الماضي، 96 مليون دولار، فيما كان الخميس 90 مليون دولار والأربعاء 80 مليون دولار. في حين بلغ التداول عبر صيرفة الاثنين مطلع الأسبوع الماضي 45 مليون دولار، بينما بلغ أمس الاثنين مطلع الأسبوع الحالي 85.000.000 ليرة على سعر 88.000 ليرة للدولار الواحد.
لكن يبقى السؤال، بالنسبة للمصادر ذاتها، “حول كمية الدولارات التي قرَّر البنك المركزي استهلاكها لمنع تفلُّت الدولار في السوق السوداء بقفزات كبيرة، والمدة التي تتيحها للحفاظ على الاستقرار النسبي لسعر الصرف الذي نشهده حالياً؟ علماً أن مصرف لبنان بحاجة شهرياً إلى نحو 300 مليون دولار تقريباً لتمويل صيرفة وتأمين التزامات الدولة والرواتب والأجور لموظفي القطاع العام والمتقاعدين، فضلاً عن توفير حاجيات استيراد السلع والبضائع الأساسية. والمبلغ قد يرتفع أحياناً إلى 400 مليون دولار أو أكثر شهرياً”.
وتلفت المصادر، إلى أن “مصرف لبنان يحاول تقليص الفارق بين سعر الدولار على منصة صيرفة وسعره في السوق الموازية، لأنه مجبر على مواصلة شراء الدولار من السوق السوداء، للأسباب التي ذكرناها. وذلك للتخفيف من الخسائر التي يتكبدها لضبط السوق، والحد ما أمكنه من استهلاك الاحتياطي النقدي الذي يملكه”.
وترى، أن “رفض موظفي القطاع العام بمختلف أسلاكه الإدارية والعسكرية، العاملين والمتقاعدين، تقاضي رواتبهم بالدولار على سعر 60.000 ليرة وإصرارهم على سعر المنصة القديم بـ28.880 ليرة للدولار، على الرغم من صعوبة الاستجابة لمطلبهم، يصعِّب مهمة مصرف لبنان في ضبط سوق الصرف. وحتى لو وافقوا على سعر الـ45.000 ليرة السابق، والذي تحاول الحكومة اعتماده كحل وسط، وتراجعوا عن التصعيد والإضرابات والاعتصامات، يبقى الفارق كبيراً مع سعر السوق الفعلي للدولار”.
وتوضح، أنه “في هذه الحالة، يكون مصرف لبنان قد اشترى الدولار من السوق السوداء على أرقام 130.000 ليرة و140.000 ليرة للدولار مثلاً، ليبيعها على المنصة بـ45.000 أو ربما بـ60.000 ليرة، ما يعني أن خسائره ستكون كبيرة. بينما كانت الخسائر لتكون أقل لو مرّ اعتماد سعر الـ90.000 ليرة للدولار للموظفين، أو السعر الجديد بـ88.000 ليرة، كما أصبح أمس الاثنين، إذ لا يعود الفارق كبيراً مع السوق السوداء اليوم التي انخفضت إلى حدود الـ100.000 ليرة تقريباً، (98.000 ليرة مساء أمس الاثنين كمعدل وسطي)، في حال استمرّت على هذا المعدل بطبيعة الحال”.
وتشبِّه المصادر عينها المشهد، بأن “(الدولار لا تهزّو واقف ع شوار) إذا جاز التعبير، لأن النتيجة في كل الأحوال كما يتبيَّن، أن البنك المركزي يخسر في هذه العملية”. وتستطرد، “لا خيارات كثيرة أمامه، وكل هذه الحلول مؤقتة بتسليم الجميع”.
وتضيف، “الحلول الاقتصادية والمالية والنقدية أساسية وضرورية وباتت واجبة الوجوب بالتأكيد، أمس قبل اليوم، والحكومات المتعاقبة تأخرت في اتخاذ القرارات والإصلاحات المطلوبة، لكن الحل يبدأ في السياسة. وطالما لم يحصل التغيير في النهج والممارسة، وحتى الأشخاص، يعني أننا لا نزال في المأزق، والدولار قد يعاود الارتفاع في أي لحظة”.
أي عملية نسخ من دون ذكر المصدر تعرض صاحبها للملاحقة القانونية