“الوطني الحر” تحوّل هدفاً سهلاً تحت قبة البرلمان

حجم الخط

لم يُخالِفْ “ثلاثاء الجلستين” للبرلمان والحكومة التوقعات بأن تتكرّس معهما الفوضى التي يتقلّب لبنان على جمْرها في سياق الارتدادات المتدحْرجة لأزمة الانتخابات الرئاسية المعلَّقة منذ نحو 6 أشهر وللانهيار المريع الذي رمى البلاد في واحدة من أعتى العواصف المالية التي عرفها العالم منذ 1850.

ومن خلف غبار التمديد التقني للمجالس البلدية والاختيارية لمدةٍ أقصاها سنة واحدة والذي أُقر بقانونٍ في جلسة تشريعية لمجلس النواب انفجرت فيها “القلوب المليانة” بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ونواب داعمين له وبين تكتل النائب جبران باسيل، صراخاً وسجالاتٍ لم تَخْلُ من طابع طائفي على خلفية تبادُل الاتهامات حول المسؤولية عن تأجيل الانتخابات المحلية التي كانت جولتها الأولى محدَّدة في 7 أيار المقبل، فإن سياقَها الساخن لم يبدّل حرْفاً في القرار الكبير الذي تكاتفت عليه كتل وازنة اختبأت وراء شعار “الضرورات تبيح المحظورات” للانغماس في إهدار استحقاقٍ دستوري جديد ومحاولة إبقاء “المرتكب”… برسْمٍ مجهولٍ معروف.

فعلى قاعدة ما “كُتب قد كُتب”، وبعد إطلاق التيار الوطني الحر برئاسة باسيل أمس الاثنين، إشاراتٍ متناقضة أوحت بتردُّدٍ في توفير نصاب جلسة التمديد، التزم التيار بـ”وعْد الحضور” الذي كَسَرَ معه قرار رفْض التشريع في كنف الشغور الرئاسي، معتمداً بالتوازي ما اعتبره خصومه “غطاء نارياً” أراد أن يوفّره لشراكته في خيار إرجاء الانتخابات وذلك عبر “هجومٍ تمويهي” على الحكومة، رئيساً ووزير داخلية (بسام مولوي)، بوصْفهما المسؤوليْن عن تأمين الظروف المالية واللوجستية لإنجاز الاستحقاق بموعده وأنهما يندفعان في لعبة مزايدةٍ لتحميل البرلمان وكتله المسؤولية عن تأجيل انتخاباتٍ يرى التيار أن مجلس النواب “أُكره” على إنقاذِ البلاد من تداعياتِ تلكؤ السلطة التنفيذية عن احترام موجبات إجرائها وما سيترتب على ذلك من فراغ مميت على مستوى المجالس المحلية.

وعلى الرغم من إعلان باسيل بعد الجلسة الخاطفة (أقرت أيضاً تعديلات على قانون الشراء العام) أن ما حتّم على كتلته المشاركة في الجلسة هو “القوة القاهرة وقد شاركنا من باب المسؤولية لمنع الفراغ الذي لا يمكن أن يُملأ من خلال حلول القائمقام محل البلدية، كما ان المخاتير لا يمكن لأحد الحلول محلهم”، فإن “الوطني الحر” وَجَد نفسه تحت قبة البرلمان “هدفاً سهلاً” لرئيس الحكومة ونواب داعمين له أخذوا عليه ازدواجية المعايير في الموقف من العمل التشريعي للبرلمان في ظلّ الفراغ الرئاسي، وصولاً إلى تعمُّد ميقاتي حشْر التيار بكلامه في الجلسة، قائلاً “لو كنتم فعلاً لا تريدون تأجيل الانتخابات البلدية لَما حضرتم وأمنتم النصاب للجلسة الحالية؟ فمن لا يريد التأجيل لا يحضر”، ليردّ على اعتراضات نواب “التيار”، “أنا لم أسمّكم، ولكن الواضح أن اللي في مسلة تحت باطو بتنعرو”.

وزاد منسوبُ «المزايدات»، التي تمدّدتْ على حافة التمديد المحسوم، مع بروز مطالباتٍ بسحْب اقتراح قانون التمديد إمعاناً في إحراجِ نواب التيار الحر وبهدف تظهير أن تأمينهم النصاب العددي والسياسي لإرجاء الانتخابات البلدية ينطلق من حساباتٍ تتصل بالواقع الشعبي للتيار الذي خسر على طريق الاستحقاق الرئاسي “آخِر حلفائه” حزب الله ولم يُعِد تأهيل نفسه بعد الانتخابات النيابية التي أظهرت تراجعاته الكبيرة في البيئة المسيحية على الرغم من نقاط الاستلحاق التي رفده بها “الحزب” في مناطق مشتركة.​

المصدر:
الراي الكويتية

خبر عاجل