حسم الأمر… “ع بعبدا ما بيفوتوا”

حجم الخط

يجلس الوطن من دون اعتدال في عيون الرجل الرامشة على قلقها الكبير. لبنان الجريح في عيون سمير جعجع. وطن يتلوى في ضياعه وفراغه وجحيمه المدوي، ورجل مناضل يصرخ شبه وحيداً وكأنه شارد في برّية من العملاء والمحتلين والمتخاذلين، والنهمين الى انتزاع صحن سلطة وموقع يلتهمونه لملأوا تلك الغريزة المدمرة بالتسلط، ولا يهم إن بقي صحن الجمهورية فارغاً من كل شيء.

بكل ما أوتي من صبر وحنكة وخبرة وقوة، يصر الحكيم على أن “لبناننا آت”، ويحاول انتشال صحن الوطن من أنياب الذئاب، والذئاب من حوله تتكاثر، تحاصره، تستهدفه، وتشيطنه و”القوات اللبنانية”. في كل حديث إعلامي يطل به، يحاول قائد “القوات اللبنانية” أن يضع الحروف على نقاط نضاله المرير لأجل استرجاع لبنان، وفي كل إطلالة ينال نصيباً وافراً من الهجوم عليه وعلى مواقفه العالية السقف دائماً.

لا تحب تلك السلطة الفاسدة الحقيقة، ولمّا ينطق بها أحدهم يُرمى بتهمة العمالة. يرفض الاحتلال الايراني رشقه حتى بالورد، فكيف إذا كانت الرشقات مواقف مناقضة تماماً لما يفعله بلبنان، فيجهَز وسائل إعلامه وجيوشه الالكترونية لتكون في المرصاد، لكن غلّة القصف دائماً تأتي واهية، ويتصدر هاشتاغ القوات اللبنانية “لبناننا آت” ومواقف الحكيم تراند وسائل التواصل.

في مقابلته الأخيرة وتلفزيون “الجديد” مع الزميل جورج صليبي، قال جعجع ما يتوقع وما لا يتوقع منه، خصوصاً لناحية قراءته الحادة من سياسة الرئاسة الفرنسية ومن تغيير النظام في لبنان. مواقف الحكيم انتظرتها “الأوساط السياسية على اختلاف توجهاتها من منطلق أنه من المواقف المنتظرة للأقطاب السياسيين بعد أسابيع من الجمود الداخلي من جهة، ولكونه يحمل مؤشرات حاسمة لموقف القوة الأبرز في المعارضة حيال التطورات الأخيرة في الملف الرئاسي والمتغيرات الإقليمية من جهة أخرى، وفي الواقع جاء الحديث ليثبت أهمية مضامين المواقف التي أطلقها جعجع ودلالاتها بعد كل المخاض الحاد الذي تتخبط فيه الأزمة الرئاسية بما يضيء على المسار التي ستسلكه قوى المعارضة في مواجهة الاندفاع الممانع”، كتبت جريدة “النهار”.

كعادته لا يوارب الحكيم ولا يدوِر الزوايا ولا يجامل، في وقت نحتاج الى الوضوح الى حدّ “القصف” أحياناً، ولو كان قصف الحكيم بمدفيعة “لائقة”، إذا جاز التعبير، خصوصاً عندما يكون الحديث عن “حزب الله”.

“قنوات الاتصال مفتوحة مع كل الأطراف ما عدا حزب الله، تواصلنا مع التيار ولم نصل إلى نتيجة لأن باسيل بعدو واقف محل ما هو من سنتين وعم ينبّش ع مصالحه” قال، وذهب أبعد من ذلك، “معادلة حزب الله واضحة، إمّا مرشحه أو الفراغ وهذا ما لا نقبل به”. ورداً على الشيخ نعيم قاسم لناحية مواصفات الرئيس “توصيف قاسم خاطئ”.

انتقد الرئيس بري لعدم عقده جلسات لانتخاب رئيس ومخالفته الدستور، انتقد فرنسا بشدة، التي توارب في الملف الفرنسي لتصل بسليمان فرنجية رئيساً لتحقق أهدافها التجارية على حساب لبنان، “فرنسا تخوض معركة إيصال سليمان فرنجية إلى سدّة الرئاسة، على خلفية مصالح مشتركة بينها وبين حزب الله، من مرفأ بيروت إلى مرفأ طرابلس وسواها من الأمور، لذلك أرى أن أكثر من يتعامل مع السفارات هو الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله”.

وبما يشبه العتب الشديد على الأم الحنون المفترضة، “ما تقوم به فرنسا لن يسفر عن أي نتيجة، وارتباط اسمها بمرشح حزب الله لا يعكس حقيقتها بأنها أم الديمقراطية وحقوق الإنسان”.

وصّف وضع سليمان فرنجية “ابن محور الممانعة…” وسأله “أين طُبّقت الضمانات بعد اتفاق الطائف؟…اقفل حزب الله المجلس واغتيل محمد شطح ووسام الحسن فعن أي ضمانات نتحدث؟…الحزب يفتش عن رئيس لجمهوريته لا لجمهورية لبنان، يريد رئيساً لا يطعنه في ظهره في الوقت الذي نريد فيه رئيساً جدياً يؤمن حياة اللبنانيين ويقيم جمهورية فعلية”، قال.

ولعل أبرز موقف طبع المقابلة هي عبارة “ع بعبدا ما بيفوتوا”! “أنا أتحدث كأي مواطن نزل إلى الشارع ليطالب بحقه، وإذا كانت فرنسا تريد مرشحاً معيّناً لرئاسة الجمهورية، فليترشح هذا الشخص للانتخابات الرئاسية الفرنسية عندما تنتهي ولاية الرئيس إيمانويل ماكرون”.

تحدث عن ضرورة تغيير تركيبة النظام، “هالتركيبة مش ظابطة وعلينا البحث بها. لماذا لا يمكننا الذهاب إلى تركيبة مشابهة لبلجيكا مثلا؟ المطلوب هو أبعد من لامركزية إدارية، وعلينا البحث جميعا بالتركيبة الجديدة”.

وما أشعل الردود عليه عبر “تويتر” كان رأيه ببشار الأسد، “لست مع التقرب من الأسد لأنه بنظري جثة موجودة على رأس النظام السوري ولا يمكنه القيام بأي شيء”.

كلام كبير مؤلم لفرط واقعيته، صادر عن رجل مشهود له بالنضال والعناد والجهاد لأجل بقاء لبنان ولأجل جمهورية قوية تليق بأبنائها.

لبناننا آت؟ يصر الحكيم على هذا الشعار، “لبناننا آت وما رح يصح الا الصحيح”.​

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل