لليوم الثاني على التوالي لم يمثل رجا سلامة شقيق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، أمام المحققين الأوروبيين بداعي المرض، ما أدى إلى تعطيل مهمّة القضاة الأجانب، الذين استدعوا ماريان الحويك مساعدة رياض سلامة إلى جلسة استجواب تعقد اليوم الخميس.
وأفاد مصدر قضائي مطلع بأن وكيل رجا سلامة «أبلغ المحققين الأوروبيين، بأن موكله لا يزال يعاني آلاماً حادة في الأمعاء ويتعذّر عليه الحضور إلى قصر العدل والخضوع للتحقيق لساعات طويلة».
وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» إن «القاضية الفرنسية أود بوريزي التي تقود التحقيق الأوروبي، ستقرر ما إذا كانت ستحدد موعداً جديداً لاستجواب رجا الأسبوع المقبل، أم تصرف النظر عنه وتكتفي بما لديها من معلومات بشأنه».
ولم يخف المصدر «امتعاض القضاة الأوروبيين من تمنّع سلامة عن الحضور، وهم غير مقتنعين بالأسباب المرضية لتبرير غيابه، خصوصاً أن القضاة تفاجأوا بتقديم التقرير الطبي بعد أكثر من ساعة على موعد انطلاق التحقيق، وكان يفترض به إرساله قبل الجلسة وليس خلال انعقادها».
وأظهرت مجريات التحقيقات التي بدأت في النصف الثاني من يناير (كانون الثاني) الماضي، مدى التداخل بين الملف اللبناني والملفات الأوروبية الخاصة بحسابات رياض سلامة وشقيقه رجا وشركة «فوري» التي يملكها الأخير، وكشفت مصادر متابعة للتعاون بين الطرفين لـ«الشرق الأوسط»، أن القاضية بوريزي «أبلغت النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، بالإجراءات التي اتخذتها بحق رئيس مجلس إدارة (بنك الموارد) الوزير السابق مروان خير الدين، وألزمته بتطبيقها في لبنان، ومنها عدم الإدلاء بأي تصريحات إعلامية، ومنع التواصل بينه وبين رياض سلامة وشقيقه، وعدم الحضور إلى بنك الموارد إلى حين انتهاء التحقيق الفرنسي معه».
وأكدت المصادر أن القضاء اللبناني «سيصدر استنابة قضائية يوجهها إلى القاضية بوريزي، لتزويده بنتائج التحقيقات التي أجرتها مع خير الدين في باريس، للاستفادة منها في الملف اللبناني العالق أمام القاضي شربل أبو سمرا، واتباع الإجراءات نفسها التي يعتمدها القضاء الأوروبي لدى تقديم طلب مساعدة من لبنان».
ويفترض أن يخضع وزير المال يوسف الخليل، إلى التحقيق أمام القضاة الأوروبيين غداً الجمعة، لكن المصدر القضائي أوضح أن «الجواب على مذكرة تبليغ الخليل لم يأتِ بعد، ولم يُعرف إذا تبلغ أصولاً موعد الجلسة أم لا»، لافتاً إلى أن «استدعاء الخليل إلى التحقيق جاء بصفته مسؤولاً سابقاً في مصرف لبنان (مدير العمليات المالية) وليس بصفته السياسية». في وقت ترددت معلومات بأن وزير المال «لن يمثل أمام المحققين بناء على طلب مرجعيات سياسية».
ولا يمكن لتغيّب رجا سلامة عن التحقيق أن يمرّ من دون تدابير قانونية، وفق تعبير المصدر القضائي، الذي اعتبر أن القاضية الفرنسية «تتجه لاتخاذ إجراءات بحقه، وهذا الأمر كان مدار نقاش جانبي بين القضاة الأوروبيين قبل مغادرتهم قاعة التحقيق».
وقال: «هذه الإجراءات لا يمكن اتخاذها في لبنان بل في فرنسا، والجانب اللبناني لم يطلع عليها في الوقت الراهن». وشدد على أن «السلطات الفرنسية ستُخطِر لبنان بهذه الإجراءات بواسطة القنوات المعتمدة، وتطلب تنفيذها بعد تزويده بالأدلة والمعلومات التي استندت إليها».
ولم يُعرف ما إذا كان حضور ماريان الحويك إلى قصر العدل اليوم مضموناً، إذ لا يستبعد متابعون للملفّ أن «تحذو الحويك حذو رجا سلامة في تقديم معذرة طبية».
وأشاروا إلى أن الأمر «يتوقف على ما تقرره خلال اجتماعها بوكيلها القانوني». ورأى المتابعون لمسار الملفّ أن «هناك صعوبة في إمكان تخصيص يوم أو يومين لإعادة استجواب رجا سلامة وماريان الحويك في حال تغيب الأخيرة غداً (اليوم)، على اعتبار أن جدول الأسبوع المقبل حافل بالجلسات، التي يخضع لها مسؤولون في مصرف لبنان ومديرو مصارف تجارية، علماً بأن مهمّة الفرق الأوروبية تنتهي يوم الجمعة في الخامس من مايو (أيار) المقبل، وتغادر الوفود في اليوم التالي عائدة إلى بلادها».