اللعبة الرئاسية داخلية أولاً… الدول تعيد حساباتها

حجم الخط

يتبيَّن، على ضوء تسلسل التطورات المحيطة بالاستحقاق الرئاسي، أن الثنائي الشيعي قرَّر منذ البداية، وقبل الدخول في مرحلة الشغور حتى، الذهاب بعيداً في موقفه الداعم لمرشحه، المضمر إلى فترة والمعلن جهاراً في مرحلة لاحقة، الوزير السابق سليمان فرنجية.

ويعتبر البعض أن الانتخابات الرئاسية في لبنان، تقف دائماً على تقاطع دولي إقليمي يترجَم محلياً بشخصية تواكب المرحلة. في حين يؤكد كثيرون من رافضي هذه النظرية، أن تضخيم العوامل الخارجية المؤثرة على الانتخابات الرئاسية هو نتيجة تخلِّي بعض المسؤولين عن دورهم وواجبهم الوطني وارتهانهم أو ارتباطهم بالخارج، بينما العامل الأساسي يبقى بيد النواب اللبنانيين إن حزموا أمرهم.

وتضع مصادر سياسية مطلعة مواكبة لمجريات الانتخابات الرئاسية في لبنان، محلياً وخارجياً، “تعنُّت الثنائي الشيعي، إلى حدِّ الاستكبار والصلف، في محاولة فرض مرشحه الرئاسي، في خانة المراهنين أو المتواطئين بعقد صفقات سياسية أو غيرها مع الخارج، ولا يأتي من فراغ”.

وتشير المصادر ذاتها، في حديث إلى موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، إلى أن “تمادي الثنائي في استعلائه، وصولاً إلى التهديد قبل فترة، مبنيٌّ على حسابات اعتقدها صحيحة، تستند إلى رهانات على ضغوط دولية وإقليمية ستمارس في مرحلة معينة على الفرقاء الذين يقفون سدّاً منيعاً في الداخل أمام وصول مرشحه إلى بعبدا، من أجل ألا نكون أمام ست سنوات جديدة من النهج ذاته واستمرار الانهيار وتفاقمه إلى مستويات لا يمكن تخيُّلها”.

وإذ تنوِّه المصادر، إلى أن “لبنان بطبيعة الحال ليس دولة عظمى ويتأثر بالمناخات الدولية والإقليمية، في فترات التصادم أو في أوقات التهدئة، وهو يعاني منذ عقود نتيجة ذلك”، لكنها تؤكد، أن “أسباب هذه الهشاشة تعود دوماً لعدم التزام البعض بالمصلحة الوطنية دون غيرها وإصراره على ربط لبنان بصراعات المحاور التي لا تعنيه، وليس لاعتبار أن قدره الخضوع والاستسلام دائماً لإملاءات خارجية”.

وتشدد، على أنه “على ضوء ما حصل منذ بداية الشغور الرئاسي قبل ستة أشهر ونيِّف، ثبت للجميع أن الكلمة الأخيرة في ما يتعلَّق برئيس الجمهورية العتيد هي بالفعل بيد اللبنانيين، وتحديداً النواب، مع الأخذ في الاعتبار كل العوامل المحيطة لكن ليس على حساب اللبنانيين ورغماً عن إرادتهم”، مشيرةً في هذا الإطار إلى “موقف رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، الذي أكد مراراً أن دور الخارج ثانوي بالنسبة لانتخابات الرئاسة في لبنان، والعامل الأساسي يبقى لبنانياً وملك النواب الـ128 ورهن إرادتهم وخيارهم”.

وتلفت المصادر عينها، إلى أنه “بات معلوماً للجميع ما بذلته فرنسا على سبيل المثال من جهود كبيرة مع مختلف الأطراف، في الخارج والداخل، للتسويق لانتخاب فرنجية مقابل الإتيان برئيس حكومة إصلاحي إنقاذي، (نواف سلام أو غيره) فماذا كانت النتيجة؟ سقوط هذه المحاولة وإعادة فرنسا لحساباتها أمام الرفض الداخلي لفرنجية، سواء على المستوى التمثيلي المسيحي في مجلس النواب، أو من أوسع شريحة نيابية معارضة ومستقلة من توجهات وانتماءات متعددة”.

وتتابع، “تمَّ التهليل من قبل داعمي فرنجية، الثنائي الشيعي تحديداً، للاتفاق السعودي الإيراني باعتبار أنه يرفع حظوظه، وأن السعودية لا تضع فيتواً عليه، وأن الضغوط ستشتد على الداخل خصوصاً على أصدقاء السعودية للسير به. وأيضاً خابت الحسابات بين الحقل والبيدر بالنسبة لهذا الفريق مرة جديدة”.

وتوضح، أن “الرياض أعلنت بالفم الملآن أنها لا تتدخل في اسم الرئيس اللبناني، ولا تضع أي فيتو على أي اسم، فرنجية أو غيره، ولا اسم لديها تدعمه أو تسوِّق له لأن المسألة بيد اللبنانيين وهي مسؤوليتهم التي عليهم تحمُّلها، والرياض تتعاطى مع الرئيس الذي ينتخبونه وفق المواصفات التي أعلنت عنها، (المستقل القادر على التواصل مع الجميع والإصلاحي الفعلي غير المنغمس في الفساد)”.

وكذلك الأمر، وفق المصادر نفسها، “بالنسبة للموقف الأميركي الذي عبَّرت عنه الخارجية الأميركية، التي أكدت أنها لا تدعم أحداً ولا تضع فيتواً على أحد، ولا تضغط على أحد لانتخاب هذا أو ذاك، ولا يعنيها اسم الرئيس، بل من واجب اللبنانيين أن ينتخبوا رئيساً لبلادهم يكون قادراً على التواصل مع الجميع ولديه رؤية إصلاحية بعيداً عن الفساد لوقف الانهيار وبدء مرحلة النهوض”.

وتقول، إن “الموقفين القطري والمصري يصبّان في السياق ذاته، أي برمي الكرة في ملعب اللبنانيين للاتفاق في ما بينهم على الالتزام بالدستور والذهاب إلى مجلس النواب وانتخاب رئيس لبلادهم من بين المرشحين المعروفين”.

بالتالي، تضيف المصادر ذاتها، “صحيح أنه قد يكون لهذه الدولة أو تلك، من بين الدول المؤثرة على المسرح الدولي والإقليمي والمهتمة بالشأن الرئاسي اللبناني، تفضيل بين مرشح وآخر. لكن الأصح أيضاً، وما ثبت بالفعل، أن الدول الخارجية لا تستطيع فرض ما تريده بالقوة، وفي هذه الحالة رئيساً تختاره، إن لم تجد من ينفِّذ سياستها ويعقد صفقات معها”.

وتؤكد، أنه “حتى وعلى الرغم من ذلك، يكفي أن تقف قوى فاعلة معارضة بوجه الصفقات الخارجية وترفض الإملاءات، لتفشل وتسقط، ويتراجع الخارج في النهاية عن مقارباته التي لا تتلاءم مع مصلحة لبنان كما يراه المعارضون”.

ووفق هذه المعطيات، ترى المصادر، أن “الثنائي وحلفاءه (حاروا وداروا) وراهنوا على ضغوط وصفقات خارجية توصل مرشحهم فرنجية إلى بعبدا، ليصطدموا بجدار داخلي منيع على الخرق رفعته المعارضة في وجههم. ما يعني أنه في النهاية، تبيَّن أن اللعبة الرئاسية داخلية أولاً وأخيراً، مع إطلالة واجبة على المناخات الخارجية ومعرفة كيفية التعامل معها بأفضل الطرق بطبيعة الحال، لضمان مصلحة لبنان العليا”.

أي عملية نسخ من دون ذكر المصدر تعرض صاحبها للملاحقة القانونية​

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانبة

خبر عاجل