المخدرات… والحزبُ في نفيِهِ يؤكّدُ

حجم الخط

“لستُ مذنباً” عبارة ردّدها مسؤولو “الحزب” في كل عمل أو عملية للحزب اعتبروها “مُخجِلة” او “مُحرجة” تماماً كضبط عشرات عمليات تهريب الكبتاغون مؤخراً الى الكويت والمملكة العربية السعودية والأردن وأوروبا وأفريقيا… لم تحرج الحزب اعترافات المضبوطين المتلبّسين ولا عرض المضبوطات على المحليات والفضائيات ومنصات التواصل الاجتماعي، ولم تخجله كذلك لا  الأحكام الصادرة ولا الإدانات ولا التقارير ولا الوثائقيات، والأهم وهنا بيتُ القصيد، لم يتورّع الحزب إما بتَورِيةٍ مستورة او بتصاريح منشورة عن الإعلان كونه “مُذنبٌ بما أسندَ إليه”.

اتهمت التقارير الأميركية السنوية منذ نشأة “الحزب”، الحزب ووليّه السوري في لبنان وفي سوريا برعاية تهريب وتجارة وتصنيع المخدرات، ومنه تقرير نشرته صحيفة “النهار” في صفحتها السابعة في تاريخ 11 آذار من العام 1996، يتهم فيه “الحزب” والاستخبارات السورية برعاية مختبرات خفية في البقاع تتولى تصنيع الأفيون الأساسي (الأفيون الباز) القادم من آسيا الوسطى من طريق تركيا، ومن طريق سوريا. آخر هذه التقارير الأميركية والبريطانية في عامي 2022 و2023 والتي تحدّثت عن تورّط النظام السوري عبر ماهر الأسد والمحيطين به مع “الحزب” بتصنيع وتجارة وتهريب المخدرات، لتفرض كل من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا عقوبات على كيانات وأشخاص سوريين ولبنانيين يدورون بفلك النظام والحزب.

لم يشذّ الوثائقي الذي بثّ في 5 شباط من العام 2023 في ثلاثة أجزاء عبر “فرانس 5” تحت عنوان “حزب الله: التحقيق الممنوع” عن مضمون ووقائع التقارير الآنفة الذكر، مع ما تضمّنه من وقائع مثبتة بالأدلة والقرائن والاعترافات في تسجيلات صوتية حول مصادر تمويل الحزب وضلوعه في تهريب المخدرات وتبييض الأموال وتجارة السلاح عبر القارات وتلمّس التقرير حركة “الحزب” في كارتيلات المخدرات وتجارة الأسلحة وتبييض الأموال، وكيفية تتبع “إدارة العمليات الأميركية الخاصة لمكافحة المخدرات” والـ”سي آي إيه” طرقه في تلك المجالات عبر قارات أميركا وأفريقيا، وأوروبا وآسيا…

فإدارة العمليات الأميركية الخاصة لمكافحة المخدرات و”السي آي إيه” وبحسب المسؤول في الوكالة روبيرت بايير والرئيس السابق لإدارة العملياتِ الأميركية ديريك مالتز، خرقتا شبكات الحزب، وكشف مالتز عن أسماء لمسؤولين في الحزب ومتورطين عاملين لمصلحته عبر العالم، وهم: عماد مغنية، أيمن جمعة، طارق العيسمي، علي خروبي، أدهم طباجة، علي فياض ومحمد نور الدين، ولن يكون آخرهم عبدالله صفي الدين شقيق القيادي في الحزب هاشم صفي الدين.

ومن اعترافات “الحزب” على نفسه، نتوقف عند ما قاله الشيخ صادق النابلسي المقرب من الحزب في حديث تلفزيوني في 24 نيسان من العام 2021 عن “أن التهريب على الحدود بين لبنان وسوريا هو لحماية المقاومة”، ولم يحدّد طبعاً أنواع البضاعة المهرّبة.

مع بدء حملة الجيش اللبناني على حي الشراونة لتوقيف تاجر المخدرات “ابو سلة” علي منذر زعيتر، وفي تاريخ 5 حزيران من العام 2022، هدّد رئيس الهيئة الشرعية في “الحزب” الشيخ محمد يزبك الجيش اللبناني في لقاء مع بعض أهالي منطقة الشراونة قائلاً ما حرفيته، “أعراضكم هي أعراضنا وبناتكم هم بناتنا، وأنتم أنفسنا، ولن نقبل المظلومية لأحد… من هذا المنطلق الذي أوصى به أمير المؤمنين علي، أن نكون الى جانب المظلوم وندافع عنه. هذا كلامنا الأول والأخير، ونحن نمهل ساعة أو ساعتين للانسحاب من الشراونة وإذا لم تحل الامور فليأتوا ويقتصوا منا أيضا”.

هنا وضع “الحزب” نفسه أيضاً في خندق المطلوبين بارتكاب عناصر منه جرائم المخدرات بوجه الجيش اللبناني، لينسحب بعدها الجيش منهياً العملية، مع العلم أن منطقة الشراونة كما منطقة بعلبك الهرمل، تشهد منذ عشرات السنين معارك كرّ وفرّ بين الجيش اللبناني وتجار ومهربّي ومصنّعي المخدرات والذين اتخذوا من فيتو “الحزب” ملاذاً آمناً لنشاطهم، وقد استشهد وأصيب للجيش اللبناني كما لقوى الأمن وقوى مكافحة المخدرات العشرات في محاولات ضبط وتوقيف هؤلاء.

أخيراً ننتقل الى ما قاله أمين عام “الحزب” السيد حسن نصرالله في إطلالته الأخيرة في 12 أيار من العام 2023، محاولاً ردّ تهمة جرائم المخدرات دفاعاً عن حزبه، إذ تدرّج دفاعه من نفي التهمة الى ادعائه محاربة المهربين والمصّنعين وفي الحالتين لم يكن موفّقاً. فنصرالله قال، “نحن لا نهرب مخدرات نحن نهرب سلاح. لا نقبل أن يلوث سلاح المقاومة الشريف بنجس ورجس المخدرات… والاتهامات هي كذب وظلم وخيانة وتآمر”، ليكمل مستنتجاً بمنطقه، “أصلاً، وفي العديد من المناطق، هل تستطيع الدولة اللبنانية أن تقوم بما تقوم به من تفكيك لمصانع الكبتاغون والمخدرات والعصابات لولا الحزب”؟.

وهنا يأتي الرد المنطقي على الاستنتاج وانسجاماً مع ما سبق من إداء للحزب، “أصلاً، وفي العديد من المناطق، هل تستطيع العصابات ومصنّعو الكبتاغون والمخدرات انشاء مصانعهم والاستمرار بها لسنوات متواصلة من دون تدّخل ودخول الدولة، لولا الحزب؟ علماً أن الدولة التي لم تستطع التدخل بالأمس واستطاعت اليوم، لدواعٍ تفاوضية خليجية ـ إيرانية ولاستعمال ورقة المخدرات للمقايضة في السوق الإقليمية؟

وعن الحزب نكرّرُ مع الشاعر ابو سهل الأندلسي، …”كادَ المريبُ أن يقولَ خُذُوني”.​

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل