تتركّز الأنظار على اجتماع القمة العربية في جدة التي تعقد غداً خصوصاً مع عودة رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى “الحضن العربي” بعد إقصائه لـ12 سنة، ومع استمرار الشغور الرئاسي في لبنان. فهل يضعف موقفه ويجرّه نحو التطبيع قبل ولادة الرئيس؟
أما في الشق المالي، وبعد البلبلة التي تم إحداثها في ملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، عُقد اجتماع طارئ بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري للبحث في الموضوع.
وبالعودة إلى الملف الأبرز على الساحة اللبنانية والإقليمية، يمثل ميقاتي بلاد الأرز، ولم يتضح بعد كيف ستكون مقاربته لقضية النازحين السوريين، وسط مؤشرات لاحت عبر “نداء الوطن” عن أولوية الجانب الرسمي اللبناني، وهي عودة العلاقات الى طبيعتها مع نظام الأسد، وليس كيف يعيد الأخير أكثر من مليونيّ نازح في لبنان الى ديارهم، بعدما تحولوا الى أزمة متفجرة تضع لبنان على شفير أزمة إنسانية ومعيشية وديموغرافية لا سابق لها.
وأوضح موقف عن رفض النظام السوري تقييده بالتزامات عودة النازحين الى ديارهم، جاء على لسان وزير خارجيته فيصل المقداد على هامش اجتماع تحضيري للقمة عقده وزراء خارجية الدول العربية امس في جدة.
في هذا المجال، كشفت معلومات “اللواء” عن أن ملفات لبنان الى القمة ستركز على المصالحة مع سوريا، واحتضان العرب لبنان مجدداً من اجل النهوض، بدءاً من إنهاء الشغور الرئاسي، وتأليف حكومة جديدة، والشروع بخطة الإصلاحات لإعادة التعافي الاقتصادي، والخروج من النفق المظلم.
أما عن اجتماع ميقاتي ـ بري، فقد توافرت معلومات لـ”النهار” ان الاجتماع بينهما امس في عين التينة، وان ذكر انه تناول الموقف الرسمي اللبناني في القمة العربية، إلا أنه في الحقيقة تركز على موضوع سلامة وأنهما توافقا في نتيجته على الطلب من الحاكم الاستقالة.
وأفادت المعلومات نفسها بأن بري وميقاتي بعثا فعلاً برسالة الى سلامة بطلب الاستقالة لكنه رفض رفضاً قاطعاً قبل انتهاء ولايته لأن ذلك سيعتبر إقراراً منه بالاتهامات الموجهة اليه الامر الذي ليس في وارد القبول “وليتحمل كل واحد مسؤولياته”. وتحدثت المعلومات عن نشوء ما يشبه خلية ازمة مشتركة لدى بري وميقاتي لمواجهة هذا التطور.
رئاسياً، تؤكّد أوساط حزب القوات اللبنانيّة لـ”نداء الوطن”، أنها لن تكون جزءاً من تسوية تؤدي إلى انتخاب رئيس تيار المردة سليمان فرنجيّة رئيساً للجمهورية، ما يضعها في مواجهة سياسيّة مفتوحة مع هذا الفريق. وذلك خلافاً لموقفها من إمكانية إنتخاب رئيسٍ من الوسطيين، ما يفتح الباب أمام مقاربة مشاركتها في السلطة التنفيذيّة إنطلاقاً من طبيعة الحكومة وتركيبتها وميزان القوى المتحكمة بها والنهج الذي سيتم إعتماده كما شخصيّة رئيس الحكومة المكلّف.
وإذ تعتبر أوساط “القوات” أنه من المبكر مقاربة المرحلة المقبلة راهناً، تشدّد على أنّ التركيز مع مكونات المعارضة مسلّط على إسقاط مرشّح الممانعة والذهاب إلى انتخابات رئاسيّة وإيصال رئيس للجمهوريّة يضع لبنان على سكّة الإنقاذ بعيداً عن تأثّره بميزان قوى الأمر الواقع الذي يجسده حزب الله.
وعلى الرغم من أن انفتاح “القوات” على التيار الوطني الحر من شأنه أن يدفع حزب الله إلى التراجع عن دعم فرنجيّة في حال أثمر توافق المعترضين خياراً بديلاً، تشدد أوساط “القوات” على وجوب التمييز بين الانتخابات الرئاسيّة ووضع الدولة في المسار الصحيح، وذلك انطلاقاً من أنّ الأزمة المرتبطة بموضوع سلاح حزب الله ودوره لا تنتهي بانتخاب رئيس للجمهوريّة، ما يؤكّد وجود أزمتين في لبنان:
الأولى، أزمة سلاح حزب الله ودوره المعطّل للدولة، منذ العام 2005 إلى اليوم، على غرار الإحتلال السوري بين 1990 و2005، كما السلاح الفلسطيني ما بين 1969 و1982.
الثانية، مرتبطة بطريقة إدارة الدولة التي تشكّل محور الصراع راهناً والتي تدور حول الإنتخابات النيابيّة ورئاستي الجمهورية والحكومة.
ومع تيقّن “القوات” أنّ اللحظة التي يتمكّن خلالها حزب الله من التحكّم بمفاصل الدولة من شأنها أن تعيد الممارسات التي سادت خلال حقبة الاحتلال السوري، من نفي واعتقال للمعارضة، ترى أن الشقّ الأول من معركتها يهدف إلى منع “الحزب” من التحكّم بمفاصل الدولة تجنباً لاستخدامها على غرار الاحتلال السوري، قبل الانتقال إلى الشقّ الثاني المرتبط بترسيخ الممارسات الكفيلة بإعادة الانتظام إلى عمل المؤسسات بعيداً عن السلاح وهيمنته.