غريب أمر بعض أولئك الورثة السياسيين الذي يتغنى بأمجاد أسلافه وهو عارف أن تاريخه هو من ولادة التوريث غير العادل، والصدف وأخطاء في التاريخ. والأغرب، أن هذا البعض يعلم ويتجاهل، لكنه مصرّ على ادعاء الأصالة والحسب والنسب والأحقية في الميراث.
غريب أمر بعض أولئك الورثة السياسيين الذي لا تدخل في قاموسه مفردات الكفاءة، والوطنية، والولاء ولا حتى الانتماء.
غريب أمرهم، فهم يطالبون بحقهم في الميراث وهم عاجزون، مقصّرون، فاشلون، فاسدون، يتلطون خلف السلطة والقوة، أغرقوا الشعب بالأزمات المتتالية، وأفقروه بقراراتهم وحكمهم، وقضوا على ماضيه وحاضره، وأكثر يستكملون إمعاناً بالانقضاض على مستقبله.
غريب أمرهم، وهم الذين يستقيلون بممارساتهم كل يوم من الولاء والانتماء والوطنية كما يستقيلون بأدائهم من الواجبات والمسؤولة، ويصرون بأنانياتهم وجشعهم وأطماعهم كل يوم معاودة المطالبة بحقهم في الحكم والسلطة.
غريب أمرهم كيف لم يقفوا يوماً أمام مرآة التاريخ ولم يتمعنوا في تحولات الجغرافيا.
فالكد والجهد حق، والتوريث والميراث حق، لكن ما ليس بحق هو تبذير الإرث وهدره وعدم الحفاظ عليه بقلة الكفاءة وسوء الإدارة.
فالخسارة يا أيها الورثة السياسيين ليست بمال ولا بحلي ولا بمقتنيات ولا بمجوهرات، فالخسارة من جهلكم وقلة كفاءتكم وأخطائكم هو تاريخ، وأرض، وشعب، واستقلال، وكرامة، وعزة، وحرية، ووطن.