لبنان بوجهيه المتناقضين… فقراء وأغنياء يرفضون الاستسلام

حجم الخط

عمّقت تداعيات الأزمة الاقتصادية الهوة الاجتماعية بين طبقة ثريّة قادرة على العيش بكل رفاهية، وأخرى فقيرة ومهمّشة بالكاد تستطيع تأمين قوتها اليومي، فيما الطبقة الوسطى التي لطالما كانت صمام الأمان في مجتمعنا اللبناني، تتلاشى يوماً بعد يوم في ظل سقوط كل المفاهيم المالية، في بلد لا خطط اقتصادية ولا إصلاح فيه.

تجول في المدن السياحية اللبنانية، فلا تجد مكاناً لركن السيارة، ولا طاولة شاغرة لتناول الغذاء أو العشاء. السيارات الفارهة نفسها، والأسعار عادت الى سابقاتها. تدقق قليلاً في الرواد، فتراهم “Tiré à quatre épingles” وكأن لا أزمة ولا حجز للأموال في المصارف ولا مصيبة اقتصادية. الأمر ينسحب على السوبرماركت والقطاعات الأخرى إضافة الى المحلات التجارية الكبيرة، إذ عادت ظاهرة التبضع من الماركات المعروفة وإن كانت النسبة انخفضت عما كانت عليه في السابق.

في المقلب الآخر، حيث الحقيقة الموجعة، لبنانيون بالكاد يؤمنون الضروريات، مع حدّ أدنى للأجور لا يتجاوز الـ9 ملايين ليرة. صرخة القسم الأكبر من الأهالي تتعالى من ارتفاع الأقساط المدرسية، ومعاناة أرباب الأسر تتفاقم مع استحالة تأمين كل ما تحتاجه العائلة. والأسرة لا يلزمها المأكل والمشرب والدراسة فقط، فلائحة المصاريف تطول، من الاستشفاء الى الكهرباء والاشتراك، فالإنترنت والبنزين والغاز و… “مئة مصيبة ومصيبة”.

في علم الاقتصاد، 20 بالمئة من اللبنانيين الذين يصرون على التشبث بالأمل، هم من حافظوا على صورة لبنان الجميل اعتباراً من العام 2019 وحتى اليوم، وحاولوا ولو من دون قصد، أن يتركوه صاخباً، يضج بالحياة. هؤلاء، إما يتقاضون قسماً لا بأس به من رواتبهم بالدولار، وإما يعمل أحد أفراد عائلاتهم في الخارج، فيستفيدون هم من المال الاغترابي. أما الـ80 بالمئة من اللبنانيين الآخرين، فيحاولون تقطيع هذه المرحلة الصعبة بأقل الأضرار الممكنة. واقع الحال ليس تقشفاً بقدر ما هو عجزاً مالياً، وبالتالي وجدوا أنفسهم مرغمين على تغيير نمط حياتهم، فيما يعمد قسم آخر، الى اختصار سهراته و”ضهراته” ومشاريعه واستبدالها في أجواء منزلية، لأن ذلك سيكون أوفر له على كافة المستويات.

موسم الصيف طرق الأبواب، معمقاً بشاعة الصورة بين اللبنانيين الذين يعشقون الحياة لكن غالبيتهم الساحقة غير قادرة على ذلك، وآخرون لم تؤثر الأزمة بشيء على واقع معيشتهم، فيما الحكومة مستمرة في لامبالاتها وعماها عن أي رغبة في معالجة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية.

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل