بات من شبه المؤكد أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة سيُكمل ولايته إلى نهايتها أواخر تموز المقبل، بغض النظر عن مذكرة التوقيف الدولية الصادرة عن القضاء الفرنسي بحقه، والتي تبلغتها الدولة اللبنانية عبر الإنتربول بعد وضعها على النشرة الحمراء.
وبعيداً من الناحية القضائية التي تكمل مسارها بحسب القوانين اللبنانية المرعية الإجراء والاتفاقيات الدولية التي وقَّع عليها لبنان، تعتبر مصادر مالية معنية، أن “ثمة مخاوف من الترددات على الوضعين المالي والاقتصادي لهذه القضية، نظراً لأهمية الصلاحيات والمسؤوليات التي يتولاها حاكم البنك المركزي اللبناني، وموقعه في علاقات لبنان المالية الدولية”.
وتلفت المصادر ذاتها، في حديث إلى موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، إلى “خطورة الاتهامات الموجّهة إلى سلامة لجهة تبييض وغسل وتهريب أموال، بغض النظر عن صحتها لأن المسألة يحسمها ويقرر فيها القضاء، لكن يكفي الشوشرة التي تثيرها لتثير المخاوف من انعكاساتها على علاقات لبنان المالية الدولية”.
وإذ لا تستغرب، “ما يثار من أخبار عن أن هذه القضية مدار بحث ومتابعة ورصد من قبل مصارف دولية، أوروبية وغيرها، بعضها تعتبر بمثابة بنوك مراسلة لمصرف لبنان وعدد من المصارف اللبنانية، لأن هذه المصارف تفتش عن مصلحتها بالدرجة الأولى، تلفت إلى أنه “من الأمور الموضوعة على طاولة البحث، مدى ضرورة قطع العلاقات المالية مع لبنان اليوم أو انتظار انتهاء التحقيقات وصدور الحكم، أو على الأقل مضاعفة التدقيق في المرحلة الحالية بانتظار جلاء القضية”.
لكن المصادر المالية عينها، تسارع إلى التأكيد على “وجوب عدم التسرُّع والركون إلى أي إشاعة تصدر، خصوصاً أن قضية سلامة تتشابك فيها العناصر السياسية والإدارية والمالية والقضائية، وكثيرون في هذه الضفة أو تلك قد تكون لهم مصالح سياسية أو مالية أو شخصية لضخ الإشاعات”.
وتوضح، أنه “حتى الآن، لم يتبلغّ مصرف لبنان أو أي من المصارف اللبنانية، من المصارف المراسلة المعتمدة سواء في أوروبا أو الولايات المتحدة أو غيرها، وقف التعاملات المالية معها”، مشددةً على أن “توقيع سلامة على طلب فتح الاعتمادات وسائر التعاملات مع البنوك المراسلة، خصوصاً في الولايات المتحدة، لا يزال سارياً ومعترفاً به بشكل طبيعي”.
وترى في هذا الإطار، أنه “لا يخفى على أحد من المعنيين في الشأن المالي والمصرفي، أن البنوك المراسلة في الولايات المتحدة لا تتخذ قراراً مماثلاً في ظل الظروف الماثلة وملاحقة سلامة قضائياً بالتهم المثارة ضده، من دون استشارة وموافقة الخزانة الأميركية، ما يجعل هذه البنوك بمثابة البوصلة للجميع على هذا الصعيد”.
وتشير، إلى أنه “على سبيل المثال، في المبدأ، حتى ولو أوقف مصرف مراسل التعامل مع مصرف لبناني معين، فقد يكون الأمر لأسباب تجارية وربحية بحتة. بمعنى أن المصرف المراسل قد لا يعتبر أنه يحقق أرباحاً مناسبة له من السوق اللبناني فينسحب. مع الاعتراف طبعاً بأنه في حال حصل هذا الأمر اليوم، لا يمكن منع التساؤلات والشكوك من أنه يأتي على خلفية القضية القضائية المثارة ضد حاكم مصرف لبنان”.
وتلفت المصادر عينها، إلى “ضرورة التمعُّن جيداً بالموقف الأميركي من قضية سلامة، والذي يمكن اعتبار أنه لا يزال في وضعية التريُّث حتى الساعة. علماً أن الجميع يسلِّم بما لواشنطن من دور فاعل في ما يتعلق بالمصارف المركزية حول العالم، ومن ضمنها مصرف لبنان بطبيعة الحال”.
وتضيف، أن “جواب منسّق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي، حين سئل عن عدم دعم الموقف الفرنسي بإصدار مذكرة توقيف بحق سلامة وتحميله مسؤولية الفساد في لبنان، يستدعي التوقُّف عنده، إذ قال إنه (لا شك في أننا ندعم محاربة الفساد في مختلف أنحاء العالم ونعمل على تحميل المتهمين المسؤولية، لكن في هذا الملف يجب طرح هذا السؤال على السلطات الفرنسية علّها تُقدّم الجواب)”.
أي عملية نسخ من دون ذكر المصدر تعرض صاحبها للملاحقة القانونية