لا يمكن وضع “الفورة” الأخيرة لـ”ثنائي حزب الله وحركة أمل” إزاء المستجدات الحاصلة على صعيد الاستحقاق الرئاسي، لناحية بوادر معينة لإمكانية الاتفاق على مرشح رئاسي، هو الوزير السابق جهاد أزعور، تتقاطع عليه مروحة واسعة من الكتل النيابية المعارضة والنواب المستقلين مع تكتل لبنان القوي، إلا في خانة الخشية من أمر ما ربما يقترب من التحقق بما لا تشتهي سفنه وقد يباغته على حين غرة. ويبدو الأمر تماماً كمن يستشعر خطراً محدقاً يستوجب التحرك بسرعة.
وتأتي إطلالة نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، أمس الاثنين، ممارساً هواية التغريد المستجدة لديه عبر موقع تويتر، في هذا السياق، محاولاً “شدّ ركاب المحور” بالقول إن ترشيحه للوزير السابق سليمان فرنجية “انطلق منذ البداية من عدد وازن وهو إلى زيادة”، محاولاً تبهيت إمكانية اتفاق المعارضة والتيار الوطني الحر على أزعور، باعتباره أن “المتعارضين على البرامج والسياسات يحاولون الاتفاق لمواجهة فرنجية، وبالكاد يجتمعون على واحد من لائحة فيها 16 مرشحاً”.
كلام قاسم يستكمل الحملة المنسقة ضد أزعور التي افتتحها رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، قبل يومين، بنبرة تصعيدية وبأسلوب “غير رفيع المستوى”، إذ اعتبر أن “المرشح الذي يتداول باسمه هو مرشح مناورة”، متحدثاً عن “أصوات ترتفع لترشح مثل هؤلاء ليصلوا الى قصر بعبدا”، ومعتبراً أزعور، من دون أن يسمِّيه مباشرة، “ممثل الخضوع والاذعان والاستسلام”.
ولم يتأخر المعاون السياسي لرئيس حركة أمل، رئيس مجلس النواب نبيه بري، النائب علي حسن خليل، عن اللحاق بزميله، إذ وضع ترشيح أزعور في خانة “النكد السياسي ومنطق التعطيل والتشفي والمؤامرات الداخلية”. على الرغم من أن أزعور التقى بري قبل أيام، وأبلغه الأخير أن “لا شيء ضدك، لكن نحن كثنائي لدينا مرشحنا الطبيعي فرنجية، متمسكون به وروح شوف طريقك”.
هذا علماً أن الثنائي الشيعي كان يحاول دائماً ليّ الحقيقة وتغطية تعطيله لجلسات الانتخاب وإقفال مجلس النواب ومنع انتخاب رئيس للجمهورية وإبقاء البلاد في حالة الفراغ والتحلل، من خلال تحدّي المعارضة بالاتفاق على مرشح والنزول إلى البرلمان والانتخاب. فـ”ما عدا ممّا بدا” ليثور الثنائي هذه الثورة ويفور هذه الفورة، بمجرد أجواء عن احتمال اتفاق المعارضة مع “لبنان القوي” على مرشح رئاسي؟
المحلل السياسي علي حمادة، يلفت، إلى أنه “ما إن لاحت بوادر إمكانية اتفاق بين قوى المعارضة، لا سيما الكتل النيابية الوازنة في البرلمان، حول اسم توافقي، لا يمثل تحدياً للثنائي الشيعي ولا لأحد، ويمتلك مواصفات لائقة بمنصب رئاسة الجمهورية، وهو ذات كفاءة علمية عالية تتطلّبها المرحلة خصوصاً على صعيد المعالجات الاقتصادية والمالية، حتى سارع الثنائي الشيعي، بدايةً حزب الله على لسان النائب رعد، إلى استهداف إمكانية ترشيح أزعور”.
ويعتبر حمادة، في حديث إلى موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، أن “موقفي رعد وحسن خليل يشي بالمناخ السائد في أوساط الثنائي الشيعي، والذي يقوم على محاولة فرض مرشحه، علماً أنه مرشح تحدٍّ لإرادة شريحة وازنة أساسية من اللبنانيين، وللمكون المسيحي بغالبيته العظمى. بالإضافة إلى الرأي العام الذي يعتبر أن هذه محاولة لفرض رئيس للجمهورية من فوق كل الأعراف، وكل الشعارات التي تتحدث عن توافق وتفاهم في البلد”.
ويشدد، على أن “المشكلة هي في السياسة التي يتّبعها الحزب في لبنان”. ويشير، إلى أن “الأخير يستند في كل سياساته إلى وهج السلاح غير الشرعي وفائض القوة الذي استُخدم مراراً، في الاغتيالات، والغزوات في 7 و11 أيار العام 2008، والقمصان السود، وغيرها”.
ويلفت، إلى أن “فائض القوة المستند إلى السلاح، لا يزال يُستخدم حتى الآن، وصولاً إلى آخر تجلّياته من خلال المناورة العسكرية الأخيرة في بلدة عرمتى الجنوبية. بالتالي، هم يعتبرون أن من يختارونه للموقع الأول في الجمهورية هو الذي يجب أن يتبوأه، من دون أي نقاش أو مراجعة”.
والتساؤل المشروع هنا، وفق حمادة، “إذا كان النائب السابق فرنجية يعلن مراراً أنه رجل الانفتاح والحوار والتفاهمات، ويريد أن يكون على وفاق تام مع كل الأفرقاء حتى مع خصومه السياسيين، كيف يمكن أن يقبل باستخدام اسمه وترشيحه في سياق الفرض والإكراه، أولاً مسيحياً وثانياً وطنياً؟”.
ويضيف، “عملياً، فرنجية لا يمتلك غطاء مسيحياً لترشيحه ولا يمثل حالة توافقية ووحدوية في البلد. وحتى على سبيل الافتراض أن الحزب وحركة أمل تمكَّنا من تأمين 65 نائباً لانتخابه في الدورة الثانية، فهو سيكون رئيس نصف البلد فيما ستكون بوجهه معارضة تمثّل النصف الآخر، بالتالي لا يعود مرشح التوافق إنما مرشح الغلبة. فهل هذا ما يريده فرنجية لنفسه؟”.
وينوِّه حمادة، إلى أنه “من ناحية أخرى، لا بد من الإشارة أيضاً إلى أن مسارعة الحزب وحركة أمل إلى إصدار مواقف سلبية من إمكانية ترشيح أزعور، هي في مكان ما محاولة للالتفاف على زيارة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي التي بدأت أمس الاثنين، إلى الفاتيكان ومن ثم إلى العاصمة الفرنسية باريس”، لافتاً إلى أنه “ربما يحمل معه الاسم أو نمطاً آخر من التفكير بمرشح توافقي لا يشكل تحدياً لا للمسيحيين ولا لغيرهم”.
ويرى، أن “هذه المحاولة الالتفافية من الحزب هي لإجهاض زيارة الراعي إلى الفاتيكان وباريس، وضربة استباقية لها، ومحاولة لتحويلها بما يخدم مصالحه. وربما يراهن الحزب على منطق ما سيدافع عنه الطرف الفرنسي عند مقابلة البطريرك الراعي، بالقول إن المرشح الذي يُطرح الآن سيخلق مشكلة، فلماذا لا نعود إلى فرنجية ونُقنع الرافضين بالقبول به لأن هذا أسهل وأسرع الممكن؟”.
ويؤكد حمادة، أنه “ليس في حساب الثنائي لغاية اللحظة، أي إمكانية للتراجع، إذ يراهن على أنه قادر حتى الآن على فرض فرنجية والتغلُّب على المعارضين من خلال استخدام (جنرال الوقت)”.
أي عملية نسخ من دون ذكر المصدر تعرض صاحبها للملاحقة القانونية