اعتبرت أوساط مطلعة على زيارة رئيس الجمهورية السابق ميشال عون لرئيس النظام السوري بشار الأسد، أن “من الصعوبة بمكانٍ فصْل الزيارة عن معاني صِدام الخيارات بين التيار الوطني الحر والحزب في الاستحقاق الرئاسي، إذ وجد النائب جبران باسيل نفسه في تقاطُع اضطراري مع خصوم الحزب ودمشق داعِماً ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور.”
وتقاطعتْ المعطياتُ التي توافرتْ عن الزيارة وتوقيتها عند أنها انطوت على رسالةٍ بأن الوطني الحر لم يبدّل تَمَوْضُعَه الاستراتيجي وبأنّ وقوف باسيل في خندق واحد مع قوى المعارضة موْضعياً وتصويته القسري في جلسة 14 الحالي الانتخابية لأزعور ليس في إطار “نقْل البارودة” بل أقرب إلى “تغيير نوع الخرطوش” تحت سقف رفْض خيار رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي بات هناك شبه إجماع مسيحي على عدم السير به.
وإذ بدا من المبكر رصْدُ وقْع هذه الزيارة لدى الحزب، الذي يُحيل الأسد عليه كل “طالِب مُساعَدة” له في الملف الرئاسي، من فرنجية إلى التيار “باعتبار أن الأمر للحزب” في الاستحقاق الرئاسي، فإن ما تردّد عن إمكانِ أن يطلب عون وساطةَ الرئيس السوري في ما خصّ الخلاف بين باسيل و”الحزب”، وتوقُّع ترجماتٍ قريبة له اعتُبر مبالَغاً فيه ولا سيما أن مكوّنات هذا الخلاف متشابكة ويشكل الملفُّ الرئاسي “رأسَ جبل الجليد” فيه، إلى جانب عنصر أساسي يتمحور حول اعتبار باسيل أن رئيس البرلمان نبيه بري هو عائق رئيسي في العلاقة مع الحزب كما أنه “السبب العميق” وراء رفْضه لفرنجية، وهو الموقف الذي سبق لباسيل أن أبلغه إلى دمشق عبر موفدين “شاكياً” بري.
وفي رأي الأوساط نفسها أن مشكلة عون شخصياً مع فرنجية هي الأكبر، لاعتباره أن زعيم المردة شكّل مع بري جبهة رفْض لانتخابه في 2016 وصولاً لـ”التجرؤ” على منازلته رئاسياً ثم تعطيل عهده برمّته، وهو ما يفسّر التغطية الكبيرة من “الجنرال” لباسيل في خياره المعترض على فرنجية، لافتةً إلى أنه لا يُعوَّل الكثير على زيارة عون لدمشق التي لم تَستسغ أصلاً امتناع الأخير وطوال ولايته عن التوجّه إليها كرئيسٍ للجمهورية في عزّ الحرب فيها، وسط اقتناعٍ بأن محاولة استدراج الأسد للملف الرئاسي لن تنجح وإن كانت محطة الرئيس السابق في سوريا يمكن أن تُطَمئن المعترضين داخل الوطني الحر على السير بأزعور إلى أن هذا “التكتيك الرئاسي” لا يبدّل في الخياراتِ الاستراتيجية التي لا يحبّذ هؤلاء الخروجَ عنها في لحظةِ “انتعاشٍ” لمحور الممانعة وفي سياق إدراكهم لأهمية التحالف مع “الحزب” لحفْظ مَقاعدهم النيابية.
وبهذا المعنى، وضعتْ الأوساط زيارة عون في إطار محاولة “احتماء باسيل بالأسد” في “تمرّده” على خيار الحزب الرئاسي والسعي إلى تغطية هذا التطور بوصْفه مربوطاً بمشكلة سحيقة مع بري – مع ما لدمشق من مآخذ على رئيس البرلمان – أكثر منها مع فرنجية و
“الحزب”.