على مسافة يومين من الجلسة 12 لانتخاب رئيس للجمهورية، الأربعاء المقبل، يرتفع منسوب التوتر والتشنج لدى فريق الممانعة. ويتمظهر ذلك في مواقف مختلف مسؤولي وقياديي هذا الفريق المتلاحقة، الطافحة بلغة التهديد والتهويل والوعيد. فضلاً عن كلمة السر التي أعطيت للصحافة الدائرة في فلكه والإعلاميين شبه المتحدثين باسمه، بإطلاق العنان للهجومات والاستهداف والتصويب على المرشح الوزير السابق جهاد أزعور الذي تقاطعت عليه غالبية القوى المعارضة والأحزاب والنواب المستقلين والتغييريين مع التيار الوطني الحر.
وتعتبر مصادر سياسية مخضرمة مطلعة، أن “توتر الفريق الذي يقوده ثنائي حزب الله وحركة أمل، مفهوم بالمعنى السياسي، إذ بات أمام الحقيقة الساطعة التي لم يعد بإمكانه إنكارها، والمتمثلة بسقوط رهانه على التعطيل والتهويل لإيصال فرنجية الذي باتت حظوظه صفراً. بالتالي، إن التوتر مردّه إلى أن هذا الفريق في وضعية مأزومة نتيجة عجزه عن إيصال مرشحه، على الرغم من كل المناورات العسكرية، والسلاح، والتخوين، والتهديد. وذلك، بموجب ميزان القوى القائم، على المستوى الوطني والنيابي والمسيحي والخارجي، الذي لا يصبُّ في مصلحته”.
وترى المصادر ذاتها، عبر موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، أن “الإرباك الذي طبع إطلالة فرنجية، أمس الأحد من بنشعي، يعكس ضمناً اعترافاً مسبقاً بهزيمته، إذ لم يظهر بمظهر المرشح الواثق المرتاح إلى وضعيته، بل العكس تماماً. علماً أن التسويق الذي سبق الإطلالة، وعد بكلمة مفصلية مهمّة، ليتبيَّن أنها كانت ضعيفة في الشكل والمضمون”.
وتضيف، أن “التناقضات التي تضمَّنها خطاب فرنجية، والهجومات بالجملة التي شنَّها على مجمل القوى المناهضة لفريق الممانعة الذي أكد انتماءه إليه، بمثابة مرايا تعكس توتر المحور. فعودة فرنجية إلى نبش الدفاتر القديمة التي يُفترض أن صفحتها طويت، تعني اعترافه بالفشل في تسويق صورة حديثة للمرشح التوافقي المنفتح على الجميع، والذي ناور الفريق الممانع طويلاً لمحاولة تمريرها. فضلاً عن عدم تقديم برنامج رئاسي متماسك منتظر، يحاكي تطلعات اللبنانيين بالإنقاذ والإصلاح”.
في المقابل، “من الواضح أن قوى المعارضة المتقاطعة ربحت جولة أساسية بالنقاط في سياق المعركة الرئاسية”، وفق المصادر عينها، التي تلاحظ أن “المعارضة باتت في وضعية أفضل، ويمكن أن تحمل جلسة 14 حزيران مفاجآت”، لافتةً إلى أن “البيان الأخير الذي أصدره أزعور تلقَّفته معظم المراصد المحلية والإقليمية والدولية بشكل إيجابي، ما يعزِّز أسهمه في المنافسة”.
وبرأيها، أن “ما طرحه أزعور تضمَّن ملامح مهمة وعناوين أساسية تعكس موقفه ورؤيته للمرحلة المقبلة، وأشبه ببرنامج رئاسي متكامل تطرَّق إلى مختلف الملفات المطلوب معالجتها للخروج من الأزمة”، مشددة، على أن “إصرار أزعور على أنه مرشح وسطي وفاقي من خارج الاصطفافات الحزبية والسياسية أيّاً كانت، ورفضه أن يكون مرشح تحدٍّ إنما يمدّ يده للجميع من دون استثناء للتعاون، بل يطلب بإصرار مشاركة الجميع في الإنقاذ، نقاط تعزِّز صورته وترفع من حظوظه، خصوصاً لناحية بعض الكتل، والنواب الذين لم يحسموا موقفهم حتى الآن”.
وتنوِّه، إلى أن “لا أحد يملك ترف الوقت بعد سبعة أشهر ونيِّف على الشغور الرئاسي، فيما البلاد تغرق والمؤشرات المالية والاقتصادية وتقارير المؤسسات الدولية تبشِّر بما لا تحمد عقباه، والبعض منها يخشى من أن لبنان يقترب في نواحٍ اقتصادية معينة من نقطة عدم إمكانية الترميم والإصلاح”.
وتؤكد، أنه “إن كان مفهوماً قيام بعض النواب والكتل بمناورات سياسية لتحسين شروط التفاوض على المرشح الرئاسي الأمثل بالنسبة إليه، باعتبارها حقاً مشروعاً من ضمن اللعبة السياسية، غير أن ذلك يصبح مدمّراً في وضعية كالتي يعيشها البلد وبعد 7 أشهر ونصف الشهر تقريباً من الفراغ الرئاسي. خصوصاً أن الأمور باتت واضحة للجميع وكل المناورات باتت مكشوفة”.
وتضيف، “المطلوب من جميع النواب، خصوصاً المعارضين لفريق الممانعة، انتخاب رئيس للجمهورية وملء مقعد الرئاسة، لتبدأ بعدها مرحلة الإنقاذ. والمنافسة اليوم بين اسمين واضحين معلنين، لكل مشروعه ورؤيته ونظرته، والمطروح في جلسة 14 حزيران التصويت باسم واضح لأحد المرشحين”.
وترى، أن أي “تلاعب بطرح أسماء أخرى أو شعارات رنانة فارغة من مضمون فعلي، يعدُّ بمثابة خدمة للفريق الآخر المهيمن على الدولة والذي أوصل البلاد إلى هذه الحالة من الفقر والجوع بتدميره المؤسسات إلى حدِّ التفكك والتحلُّل خدمةً لدويلته”.
وتشدد المصادر نفسها، على أن “الحجج التي كانت تساق للهروب من أخذ موقف واضح والتصويت للمرشح أزعور بحجة عدم تقديمه برنامجاً رئاسياً، أو أنه ليس وفاقياً وما شابه، سقطت كلها مع البرنامج الرئاسي الذي طرحه قبل ساعات، بالمضامين التي حفل بها والتي تُبهت كل تبريرات المترددين وأصحاب اللا موقف حتى الآن”.
أي عملية نسخ من دون ذكر المصدر تعرض صاحبها للملاحقة القانونية