انتهت الجلسة الانتخابية أمس الأربعاء خالية الوِفاض ومن دون ضجّة على عكس ما كان متوقعاً. الأمور هادئة وسعر صرف الدولار في السوق الموازية بقي مستقراً على 93 ألف ليرة! الأمر الذي يثير التساؤل حول سبب هدوء السوق الموازية عقب حدث كهذا سياسي مَفصلي بامتياز.
..”الواقع ذاته على الأرض”، يقول نقيب الصرّافين ماجد المصري لموقع “القوات اللبنانية” الإلكتروني، “ترقّب اللبنانيون اليوم ما إذا كانت الجلسة ستُنتج رئيساً أم لا، لترى إذا كان سعر صرف الدولار سيهبط في حال انتُخب الرئيس، أو سيرتفع إن فشلت جلسة الانتخاب”.
ويؤكد “حالياً سيبقى سعر الصرف على حاله ولن يرتفع، وذلك لسببين: أولاً، مصرف لبنان يضبط عملية ضخّ الليرة في السوق. وثانياً، استمرار العمل وفق منصّة “صيرفة”. هذان العاملان يجعلان الأمور مستقرّة على ما هي عليه، كما أن المعطيات ذاتها على الأرض. من هنا لا يزال سعر الصرف مستقراً”.
ويعتبر أنه “لو تم أمس انتخاب رئيس للجمهورية لكان الجميع تفاءلوا وانخفض سعر الصرف بالتأكيد. أما الآن، فالرأي العام لا ينتظر حالياً أن تذهب الأمور إلى الأسوأ”.
ويلفت المصري إلى أن “الدولار في لبنان سياسي وليس اقتصادياً، أي أنه مرتبط بالأخبار والتطورات السياسية على الساحة الداخلية”، ويوضح أنه “بقدر ما تكون الأخبار إيجابية ومطمئنة ينخفض سعر صرف الدولار في السوق الموازية، والعكس صحيح. ففي نهاية المطاف يخضع سعر الصرف لعملية العرض والطلب، والسوق هي التي تفرض نفسها”.
ويشدد في السياق، على أنه “لا يمكن التأكيد على إمكانية انخفاض سعر الصرف في المديَين القريب والمتوسط، إذ أن احتمال انخفاضه يتساوى مع احتمال ارتفاعه. فنحن نتوقّع كل شيء… ومن البديهي القول إن مع اقتراب توافد المغتربين خلال الصيف وضخّهم الدولار في السوق، قد ينخفض سعر الصرف، مع التأكيد أن استمرار العمل بمنصّة صيرفة يهدّئ سعر الدولار في السوق الموازية”.
في ظل هذا الواقع المعطوف على تصنيف الليرة اللبنانية بين “أضعف 10 عملات في العالم”، بحسب تقرير “فوربس أدفيزور”، تبقى الحاجة اليوم إلى توحيد أسعار الصرف كإجراء ضروري لانتظام الحركة الاقتصادية، وهو أحد الإجراءات المسبقة الواردة ضمن الاتفاق المبدئي الموقَّع بين الدولة اللبنانية وصندوق النقد الدولي.
الخبير السابق في صندوق النقد الدولي الدكتور منير راشد يقول لموقعنا إن “الطريقة الأسهل لتوحيد سعر الصرف هي:
ـ أولاً: إلغاء أسعار الصرف المتداول بها حالياً والبالغة نحو 12، أبرزها: سعر صرف السوق الموازية، سعر الصرف المعتمد في التعميمَين 158 و161، سعر صرف منصّة “صيرفة”، سعر الصرف المعتمد للدواء والتعليم… إلخ. يجب إلغاؤها كلها باستثناء سعر صرف “صيرفة” الذي يبقى قيد التداول.
ـ ثانياً: السماح للمصارف التعامل بسعر صرف السوق الموازية، تماماً مثل الصرافين. على أن تتبع منصّة “صيرفة” سعر السوق لاحقاً.
عندئذٍ يصبح سعر صرف السوق الموازية هو السعر الأوحد المعتمد لدى الجميع”.
ويعتبر أنه “لو تم السماح للمصارف سابقاً باعتماد سعر صرف السوق الموازية لصرف التحويلات من الخارج، لكانت حصّلت مليارات الدولارات”، ويضيف، لذلك، الأهم هو إلغاء كل أسعار الصرف المرتبطة بتعاميم البنك المركزي، والسماح للمصارف بالتعامل بسعر صرف السوق الموازية، عندها تتبع منصّة صيرفة سعر السوق، وتصبح بالتالي شكليّة. وإذا أراد مصرف لبنان التدخّل في السوق، فيقوم بذلك من خلال المصارف ويرفع سقف الأموال المرصودة لها من البنك المركزي”.
ويشدد في هذا الإطار، على أن “توحيد سعر الدولار” يكون من خلال “تحرير سعر الصرف”، ويقول، إن توحيده لا يتم من دون تحريره، وإن لم نفعل ذلك فسيبقى هناك سعران لسعر الصرف: سعر منصّة “صيرفة” والسعر المعمول به في السوق الموازية. في حين يجب أن يكون لدينا سعر واحد، الأمر الذي يستوجب تحريره. فمصرف لبنان لا يمكنه تحديد سعر صرف معيّن ويلزم السوق به. وإلا عاد كما في السابق إلى معادلة تثبيت سعر الصرف، لكنه لم يعد قادراً اليوم على تلبية عمليات البيع والشراء المرتفعة التي تسجّلها السوق.
ويجزم راشد بأن “تحرير سعر الصرف يبقى الطريقة الوحيدة لتوحيده”.