حصل ما كان متوقعاً في الجلسة الـ12 التي عُقدت أمس الأربعاء لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، باستثناء الإرباك الفاضح الذي طبع تصرفات فريق الممانعة بقيادة الثنائي الشيعي، حزب الله وحركة أمل، الذي بدا غير مطمئن بالكامل، ويخشى جدياً من حصول مفاجآت غير محسوبة.
مصادر سياسية معارضة، تعتبر في حديث إلى موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، أن “الجلسة الـ12 لانتخاب الرئيس، وعلى غرار الجلسات الـ11 التي سبقتها، دلَّت على أن هناك ميزان قوى داخل مجلس النواب، ولا أحد يستطيع إيصال مرشحه بالقوة والفرض والتهديد والتهويل، واعتبار المرشح الخصم مرشح تل أبيب”.
وترى المصادر ذاتها، أنه “على ضوء هذا الواقع الثابت، تبيَّن أن كل هذا التهويل على مدى الجلسات الـ11 سقط، وتابع سقوطه في الجلسة الـ12. بالتالي، نحن أمام مشهد جديد”، مشددة على أن “المعارضة التعددية المتنوعة بنصاب وطني بامتياز، أكدت بأنه لا يمكن للفريق الآخر أن يفرض مرشحه بأي شكل. ولو كان متأكداً من قدرته على إيصال مرشحه لما طيَّر النصاب، الذي هو دليل ومؤشر على أنه غير قادر على انتخاب مرشحه”.
وتضيف، “لذلك، ما حصل أمس أكد المؤكد، بأن هذا المشهد المعطوف على وضعية خارجية مهتمة بلبنان وبظل لقاءات دولية تُعقد، يجب أن يدفع إلى وضعية جديدة. لأن الجلسة الـ13 المقبلة إذا بقيت على هذا المنوال، فحُكماً الـ59 صوتاً التي نالها المرشح جهاد أزعور ستتحول إلى 69 صوتاً، أي ما يتجاوز الـ65 صوتاً”، مشددة على أن “الفريق المعطِّل الواضح، والذي عطَّل أيضاً جلسة الأمس، يتحمَّل مسؤولية عدم انتخاب رئيس للجمهورية، إذ كان هناك إمكانية جدية لهذا الانتخاب بعدما اقتربت أصوات أزعور من الوصول إلى الـ65 صوتاً”.
أما ماذا بعد؟ تؤكد المصادر عينها، أن “الخطوة التالية هي مزيد من تحصين المعارضة التعددية المتنوعة، ورفع منسوب وضعيتها بضم مزيد من النواب إليها، والإصرار أكثر فأكثر على عقد جلسة انتخابية في أقرب وقت من أجل تحويل الـ59 صوتاً إلى 65 صوتاً”.
من جهتها، تعتبر مصادر سياسية مراقبة، عبر موقع “القوات”، أنه “من الإشارات التي دلَّت على صعوبة النفاذ من الجلسة الـ12 إلى رئيس جمهورية منتخب، هو بعض المعطيات الدولية، ومنها الواردة من باريس حول زيارة الموفد الخاص للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان، وزير الخارجية السابق جان إيف لو دريان الذي تسلَّم إدارة الملف اللبناني حديثاً، بعد يوم الجمعة المقبل، لمتابعة الاهتمام الفرنسي خصوصاً على صعيد حل أزمة الاستحقاق الرئاسي”.
وتلفت المصادر ذاتها، إلى أن “وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا أعلنت عن اجتماع سيضمّها إلى لو دريان يوم الجمعة، لاطلاعه على آخر ما رست عليه الاتصالات والمشاورات حول لبنان، والاستحقاق الرئاسي تحديداً”.
وتضيف، “بالتالي المنطق البديهي للأمور يقول، لو أن رئيس الجمهورية كان سيُنتخب في جلسة الأمس، لكانت زيارة لو دريان إلى بيروت للإسهام في تسهيل إنجاز الاستحقاق الرئاسي لزوم ما لا يلزم. من دون أن ننسى الإعلان عن زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى باريس ولقائه ماكرون، يوم الجمعة المقبل، وأن لبنان سيكون على جدول أعمال الزعيمين”.
وبالعودة إلى الداخل، وتحديداً مجريات جلسة الانتخاب الرئاسية الـ12، ترى المصادر عينها، أنه “كان من الواضح أن فريق الممانعة استعد باكراً واتخذ قراراً مسبقاً بتعطيل نصاب الدورة الثانية، لتأكده من أن فرز أصوات الدورة الأولى سيمنح تقدماً ملحوظاً لأزعور على مرشحه سليمان فرنجية، ما يجعل آلية اقتراع النواب المترددين مختلفة حُكماً في الدورة الثانية. علماً أن عدداً من هؤلاء صرَّح سلفاً أنه سينتخب أزعور في الدورة الثانية، فيما بعضهم الآخر أعلن عن أن الأمر وارد بشكل جدي بالنسبة له في حال بلوغها وعدم تعطيل النصاب”.
“ومن الدلائل الدالّة بشكل لافت على الخشية التي كانت تسيطر على ثنائي الحزب وحركة أمل وقراره المسبق بتعطيل الدورة الثانية”، وفق المصادر نفسها، “أن رئيس مجلس النواب نبيه بري لم يكن يُحصي سوى الأصوات التي يحصل عليها فرنجية، كما سجلت عدسات الكاميرات”.
وبالإضافة إلى ذلك، “أغفل بري بشكل غير مفهوم مطالبات النواب المعترضة على طريقة احتساب الأصوات، بعد ما شاب نتيجة عملية الفرز من عيوب دستورية وقانونية، إذ تبيَّن أنه تم فرز 127 ورقة فيما الحضور في قاعة مجلس النواب كان مكتملاً بـ128 نائباً، فاعتبر أن الأمر غير مهم وأعلن رفع الجلسة وقطع البث من داخل القاعة العامة. فضلاً عن أن نواب الثنائي وحلفاءه بدأوا بالانسحاب من الجلسة فور الانتهاء من الاقتراع، ولم ينتظروا حتى بدء عملية فرز الأصوات”.
كل ذلك يؤكد، بحسب المصادر عينها، أن “الثنائي الشيعي، وأمام عجزه عن فرض مرشحه فرنجية رئيساً، على الرغم من كل محاولات التهديد والوعيد والترهيب والهجومات المتلاحقة بخطاب دون المستوى والتي استمرت حتى الدقائق الأخيرة ما قبل انعقاد الجلسة، لم يكن يملك سوى الاستمرار في التعطيل، مراهناً على تطور ما يغيّر الوضع لمصلحته، على الرغم من أن كل المعطيات والمعلومات المتقاطعة تشير إلى استحالة ذلك”.
أي عملية نسخ من دون ذكر المصدر تعرض صاحبها للملاحقة القانونية