بالأسماء: العمالة بين التهمة “الافتراضية” والإدانة الواقعية

حجم الخط

“العميل لا دين ولا طائفة ولا مذهب له”، وطبعاً حتى لا حزب ولا دولة…

ومع ذلك لا ينفكّ “الحزب” منذ نشأته على “افتراض” العمالة على كلّ من يخالفه الرأي أو يعارض سلاحه ولطالما طالت سهام العمالة الأقربين له قبل الأبعدين والذين كانوا حتى الأمس القريب أعداء “كار” السلاح و”المقاومة” من حركة أمل وصولاً الى الأحزاب الإسلامية و”الوطنية” – العلمانية، كالحزب الشيوعي اللبناني ومنظمة العمل الشيوعي والحزب السوري القومي الاجتماعي وغيرهم من الأحزاب، وطبعاً لم ينجُ التيار الوطني الحر وزعيمه ميشال عون من التهمة الجاهزة “الافتراضية”…

اليوم تجلّت التهمة الافتراضية  بأسوأ حلتها بوجه من أراد أو يريد التصويت – التصويبي بوجه مرشح الحزب “المفترض” المفروض منه ومن تؤامه الشيعي… ليقوم قياديو الحزب ومن يدور في فلكه بإسقاط تهمة “الصهيونية” الإمبريالية على كل من المرشّح وعلى المقترعين، وهذا ما نطق به المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان بتاريخ 11 حزيران من العام 2023 إذ “افترض” أن من يصوّت لجهاد أزعور إنما يصوت لمرشح تل أبيب… وفي هذا الإطار من التعميم والتعمية، نستذكر مستغربين ما كان قد سبق أن اتهم به “افتراضياً” نائب الحزب نواف الموسوي شريحة كبيرة من اللبنانيين ومن بيئته تحديداً إذ قال في 2 آذار من العام 2010، “يجب التعامل مع كل حامل جواز سفر اجنبي كعميل محتمل”.

ولأن المفتي الممتاز محسوب على حركة أمل برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه برّي نحيل “المُتّهِم” الى ما قاله برّي في الوقائع وفي العالم الواقعي في مؤتمر صحافي بتاريخ 20 كانون الثاني من العام 1989 عن علاقة “الحزب” بجيش انطوان لحد ومن ورائه إسرائيل بقوله، “واذ يهم (الحزب)  وباتفاق مع لحد، وعبر خطوطه أقفلت طريق كفرحونة من أجل تمرير بضع مئات من العناصر، ويُقال إنه دفع عن كل عنصر أربعمائة دولار، وحصل تمرير مرتكبي مجزرة السبت الأسود” (مجزرة إقليم التفاح).

وفي العالم الواقعي وبالوقائع يهمنا أن نَذكُر ونتذكّر ونُذَكِّر بأن نسبة مئوية كبيرة تُعّدُّ بالآلاف من أبناء الطائفة الشيعية كانت في صفوف جيش أنطوان لحد العميل لإسرائيل، كما يهمنا ان نُذَكِّر أن أغلب هؤلاء لم يدخلوا أراضي فلسطين المحتلة بل مكثوا واستقروا في لبنان وجنوبه وبقاعه ليحاكم قسم منهم بمحكوميات متواضعة، ويُغَضُّ النظر عن قسم كبير منهم بوساطات “الهية” وطنية.

الأهم شكّل الخارجون من سجون “العمالة” مع أولئك الذي تمّ غضّ النظر عنهم خزّاناً إضافياً لبيئة “المقاومة” إن لم يكن لصفوفها.

وفي العالم الواقعي وبالوقائع وبالأحكام القضائية والتحقيقات الأمنية يهمنا أيضاً ان نَذكُر ونتذكّر ونُذَكِّر، بأن الفترة الممتدة من العام 2005 وحتى كتابة هذه السطور، شهدت اكتشاف عشرات الشبكات والقبض على مئات العملاء بمعظمهم من صلب تنظيم “الحزب” ومحيطه وبيئته، ونذكر أمثلة قليلة منهم على سبيل الاستشهاد لا أكثر.

1ـ مروان فقيه: أوقف في آذار من العام 2009  وفي 15 تموز من العام نفسه، طلب قاض التحقيق العسكري الأول رشيد مزهر عقوبة السجن المؤبد للموقوف مروان كامل فقيه، واتهمه بالتعامل مع العدو وبتزويده معلومات كان يجب أن تبقى مكتومة حرصاً على سلامة الدولة، عن مواقع أمنية ومسؤولين في “الحزب”، وفي التحقيقات اعترف فقيه بأنه باع بعض كوادر وعناصر “الحزب” سيارات مزودة بكاميرات مرتبطة عبر الأقمار الاصطناعية، بمشغليه الإسرائيليين… وأفشى معلومات عن منازل مسؤولي وعناصر “الحزب” ومخازن سلاحه ومواقعه، مما ساهم بضرب واستهداف هذه المواقع واغتيال بعض كوادر الحزب في حرب تموز من العام 2008. علماً أن فقيه كان صديقاً لصيقاً لكثير من المسؤولين الحزبيين في النبطية وقد ورث علاقته مع الاسرائيليين من والده العميل بعد وفاته.

والجدير ذكره، أنه على الرغم من تسبب فقيه بمقتل الكثير من شباب منطقة النبطية بفعل عمالته، خرج فقيه في العام 2018 بما سُمِّي يومها صفقة “اخراج العملاء من السجون” ودور الحزب في “تبييض” صفحات بعض هؤلاء. وشوهد يتمشى في شوارع النبطية، تماماً كما سبق وحصل بموضوع العناصر الشيعية من كوادر وعناصر جيش لبنان الجنوبي.

2 ـ محمد شوربا: عميل مسؤول في وحدة العمليات الخارجية (910) التابعة للحزب، وهذه الوحدة مسؤولة عن القيام بعمليات ضد أهداف اسرائيلية محددة، وقد ألقي القبض عليه في آب من العام 2014. ساهم العميل ـ الكادر في “الحزب” بإحباط الكثير من عمليات الحزب والتي كان هدفها الثأر لقائده عماد مغنية… وتقول المعلومات بأن هناك شبهات حول تورط شوربا نفسه في عملية اغتيال مغنية والقيادي البارز في الحزب حسان اللقيس… كان شوربا نفسه من اللصيقين بأمين عام الحزب السيد حسن نصرالله.

3 ـ محمد قاسم الحاج: معروف بـ”أبو تراب” عميل مسؤول وحدة التدريب في الحزب، قدم جميع المعلومات التي في حوزته عن معسكرات التدريب… وقد سجنه “الحزب” في سجونه من العام 2014 حتى وفاته في 4 أيول من العام 2021.

… وللختام، ومنعاً للإطالة نعود الى ما قاله رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في موضوع العمالة في إطار ردّه على حسن نصرالله بتاريخ 14 تشرين الثاني من العام 2012، “العمالة لإسرائيل هي أسوأ انواع العمالة، ولكن في الوقت ذاته العمالة لأي دولة أجنبية أخرى هي عمالة، والعميل الفعلي هو الذي، بعد انتهاء الحرب واتفاق الطائف الذي نصّ على حلّ كل التنظيمات المسلحة، ظلَّ يتلقى أموالاً وأسلحة وذخائر وتدريباً وخبراء من دولة أجنبية أياً تكن، على الرغم من وجود دولة لا تعترفون بها بخلاف كل ما تعلنوه، فالدولة بنظركم هي فقط لتسيطروا عليها…  العميل هو قماشة، وهذه ليست قماشتنا”.

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل