بكركي راضية… “الكرة في ملعب الآخرين”

حجم الخط

تخيّم على معظم الأطراف السياسيين ما يمكن وصفه بـ”الحالة الانتظارية”، بعد الجلسة 12 لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، والتي سجَّلت تقدُّماً لمرشح المعارضة جهاد أزعور على مرشح الممانعة سليمان فرنجية، الذي سُجّل اسمه لأول مرة على أوراق الاقتراع بعدما كان فريق الممانعة يصوِّت بالورقة البيضاء طوال الجلسات الـ11 التي سبقت.

هذه الحالة الانتظارية المسيطرة يُرجع كثيرون أسبابها إلى زيارة الموفد الشخصي للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وزير الخارجية السابق جان إيف لو دريان، المنتظرة اليوم، ويلتقي خلالها عدداً من المسؤولين والقيادات وممثلين عن الأحزاب والكتل، وذلك لرؤية ما يمكن أن يحمل في جعبته من مقترحات أو حلول تفتح كوة في الجدار الرئاسي. ولعلّ اللقاء البارز للو دريان سيكون مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، العائد حديثاً من الفاتيكان وباريس حيث التقى مسؤولين في الكرسي الرسولي وماكرون.

وعشية وصول الموفد الفرنسي، برز بالأمس موقف لافت للبطريرك الراعي كسر حالة الجمود الانتظارية، وتخطَّى وفق كثيرين تشجيع القوى المسيحية على موقف موحَّد بالتوافق على مرشح رئاسي، إلى مباركة خطوتها بالتلاقي على دعم أزعور حتى ولو لم يسمِّه. ولعلَّ موقف الراعي يؤشِّر إلى قناعة تكوَّنت لديه، وأصرَّ على تظهيرها قبل لقائه لو دريان، منعاً لأي تأويل أو استثمار من قبل البعض في غير مكانه الصحيح.

فقد بدا لافتاً ما تضمَّنته كلمة الراعي التي ألقاها خلال مناسبة اجتماعية لتكريمه، إذ تحدث عن “بوادر الوحدة التي ظهرت بين اللبنانيين وهلَّل بها الرأي العام، بحيث كانوا يطالبون المسيحيين بأن يوحِّدوا كلمتهم حول مرشحهم الرئاسي، وهذا ما حصل وكان الأمر فخراً لنا”، متمنياً أن “يوحِّد المسيحيون كلمتهم حتى تتَّسع هذه الوحدة إلى كل مكونات الوطن من أجل أن نكوّن جميعنا العائلة اللبنانية، فإذا لم تتكوّن لا يمكن أن نسلك إلى الأمام بسلام “.

مصادر كنسية مطلعة، توضح، أن “خلفية ما قاله البطريرك الراعي بالأمس حول وحدة الموقف المسيحي، وتحديداً بالنسبة للاستحقاق الرئاسي، تعود إلى نتائج الجولات التي قام بها موفدوه ولا سيما المطران أنطوان أبي نجم على القيادات المسيحية، والتي ركَّز آخرها، قبيل زيارة البطريرك إلى حاضرة الفاتيكان وفرنسا، على أهمية تزويده بمواقف القوى المسيحية الأساسية لينقلها بدوره إلى المسؤولين في الكرسي الرسولي وخاصة إلى الرئيس الفرنسي”.

وتكشف المصادر ذاتها، لموقع القوات اللبنانية الإلكتروني، عن أن “هذا ما أبلغه بوضوح موفد بكركي المطران أبي نجم لكل القيادات المسيحية التي التقاها، وتولَّت كل قيادة إبلاغ أبي نجم بموقفها الواضح حيال ترشيح فرنجية. والنتيجة التي باتت معروفة هي التقاء القوى المسيحية الثلاث الأبرز، (القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر والكتائب اللبنانية)، على رفض هذا الترشيح والدعوة إلى التوافق على اسم آخر يتمتع بحدٍّ أدنى من المواصفات السيادية والإصلاحية”.

وتلفت، إلى أن “هذه المواقف صبَّت عند قناعة تكوَّنت لدى البطريرك نتيجة اتصالاته وجولاته ولقاءاته، بأنه من الصعب تسويق مرشح على حساب آخر. بالتالي حمل الراعي هذه المعطيات إلى الفاتيكان وماكرون، الذي اقتنع بدوره كما يبدو بوجهة نظر البطريرك، أي بصعوبة فرض أو إمرار معادلة (فرنجية ـ نواف سلام)، فكان الانكفاء الفرنسي عن هذه المعادلة، ولو لم يُعلن شيء رسمي في هذا الصدد”.

وفي أي حال، وفي ضوء هذه التطورات، استند الراعي، وفق المصادر الكنسية عينها، “إلى أمرين أساسيين، عاد بهما إلى ما سبق وأكد عليه مراراً ما يسمَّى محور الممانعة، الذي يتحدث باسمه إلى حدٍّ كبير عملياً في الموضوع الرئاسي رئيس مجلس النواب نبيه بري. فالأخير أكد أكثر من مرة أن ما يتوافق عليه المسيحيون يمشي به الآخرون”.

وتشير المصادر نفسها، إلى أن “بري، فضلاً عن عدد من معاونيه ونواب في كتلته، قال أكثر من مرة، إن ما يرضى به البطريرك ويوافق عليه نرضى به ونوافق عليه. بالتالي استند الراعي إلى هاتين المقولتين، فوجد في موقف الأكثرية الساحقة من المسيحيين بتأييد أزعور فرصة للتعبير عن ارتياحه وترحيبه بهذا الموقف المسيحي، إذ رأى فيه توحيداً للرؤية المسيحية إزاء الاستحقاق الرئاسي”.

وتعتبر المصادر الكنسية، أن “الكرة اليوم باتت في ملعب فريق الممانعة من أجل أن يكون عند أقواله، أي بالتزام ما يرضى به البطريرك وما يتوافق عليه المسيحيون. ففي الواقع، توافق المسيحيون بأكثريتهم الساحقة على مرشح معيَّن، وأعرب البطريرك بموقفه الأخير عن رضاه على هذا التوافق، وما تمنَّاه أن ينضمّ من بقي من المسيحيين إليه، أي كأنه يقصد أن ينضمّ من أيَّد فرنجية إليه”.

وتنوِّه، إلى أن “من أيَّد الأخير أقلية قليلة جداً، باعتبار أن أكثر من ثلثي النواب المسيحيين أيَّدوا أزعور، وخمسة أسداس النواب المسيحيين لم يؤيِّدوا فرنجية وإن لم يؤيِّدوا جميعاً أزعور. بالتالي لم يعد هناك من مناص إلا لتقبُّل هذا الأمر الواقع، وإلا فكلّ ما هو خلافه هو تحدٍّ لإرادة المسيحيين ولإرادة البطريرك الراعي”.

وتضيف، أنه “لا بد من استثمار موقف البطريرك الراعي والموقف المسيحي العام في دفع الجميع إلى التسليم بما يريده المسيحيون رئاسياً. تماماً كما أن سائر اللبنانيين سلَّموا بما يريد الشيعة على صعيد رئاسة مجلس النواب. كما أن الأكثرية الساحقة من اللبنانيين لا تعارض أو تجافي ما يرغب به أكثرية السُّنة عند استحقاق اختيار رئيس للحكومة”.

أي عملية نسخ من دون ذكر المصدر تعرض صاحبها للملاحقة القانونية​

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانبة

خبر عاجل