يتحدث بعض المقربين من «الثنائي الشيعي» أنّ الإستمرار في تطبيق اتفاق «الطائف» والالتزام به، ضمانته انتخاب رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجيه رئيساً للجمهورية، وكل ما يمكن أن يكون خلاف ذلك سيؤدي إلى مطالبة هذا الثنائي بعقد سياسي جديد في البلاد تتغير بموجبه تركيبة الحكم وتوزعها الطائفي وذلك من خلال الدعوة إلى مؤتمرٍ تأسيسي يخرج بتغليب ما يعرف بالأكثرية العددية على الأقلية.
هذا الواقع إن كان صحيحاً لا يمكن فرضه بقوة السلاح، أي أنّه لا يمكن للقوى المسلحة لهذا الثنائي أن تحتل لبنان وأن تفرض على اللبنانيين وتحديداً على المسيحيين النظام الذي ترغب به، فكما أنّ فرضية الإحتلال قائمة كذلك فإنّ فرضية مقاومته قائمة أيضاً حتى ولو تمت دغدغة مصالح بعض المسيحيين بمناصب ووعود فارغة.
هذا الواقع إذا كان صحيحاً فلماذا لا يبادر هذا الثنائي إلى طرحه صراحةً فيوفر على البلاد والعباد عناء الإنتظار حتى تنضج هذه الفكرة؟ فالجرأة تقتضي أن يطرح كل طرف ما لديه من هواجس وحلول ليتبيّن في ما بعد على أي نظام أو صيغة يتم الإتفاق.
وفي هذا السياق مطلوب من الثنائي الشيعي أن يقول ما يريد في نظام الحكم والتركيبة الجديدة، ولكنّه يجب أن يدرك أنّ ما سيطرحه ليس مُنزلاً، وأنّ للطرف الآخر الحق أيضاً في طرح ما يريد، وعندما يفتح هذا البازار لن يكون بالإمكان وقفه إلا عندما يتم إدراك الحقائق التالية:
1 – إنّ إعادة قيام دولة مركزية موحدة وقوية أمر شبه مستحيل لأنّ السيطرة عليها وعلى مواردها ستكون لطرف واحد.
2 – إنّ البديل عن هذه الدولة المركزية هي لامركزية إدارية ومالية وأمنية وعسكرية وسياسية، أو صراحةً تقسيم البلد إلى كانتونات طالما أنّ هناك طرفاً يريد الاحتفاظ بكل مقومات كانتونه القائم حالياً وعلى رأس هذه المقومات قوته العسكرية.
3 – إنّ المسيحيين هم من يحتاجون لضماناتٍ في هذا البلد ترفع عنهم السيف المصلت في كل حين، سيف الأكثرية العددية أو التسليم بالمشاريع السياسية الغريبة العجيبة.
4 – على المسيحيين أن يبادروا هم لطرح مؤتمرٍ تأسيسي لأنّ ما قام عليه لبنان الكبير أثبتت التجارب كلها أنّه غير قابل للحياة والاستقرار وقد كان جورج نقاش أكثر اللبنانيين رؤية عندما قال في مقال كتبه في 10 آذار من العام 1949: Deux Negations ne font pas une Nation.