كتب أنطوان سلمون في “المسيرة” – العدد 1742
من الفيدرالية الى مركزية الدويلة
“حزب الله” يؤسس لـ”المشروع الأكبر”
يتّفق الكثيرون من اللبنانيين على استحالة المساكنة بين تمسك «حزب الله» بالسلاح وبين حصر هذا السلاح بيد الدولة اللبنانية المتمثلة بقواها الشرعية المسلّحة دون سواها.
واجه الحزب ويواجه هذا الوفاق ـ الاتفاق بممارسته الفعلية القهرية القسرية على الأرض من خلال الضغط ومحاولته السيطرة بالقضم التدريجي للقضاء والاقتصاد والأمن والمؤسسات الدستورية الشرعية… وآخر تجليّاتها محاولته استبدال النظام المصرفي والنقدي بما يُسمى جمعية “القرض الحسن” عبر ضرب هذا النظام لحساب توسّع وتمدّد تلك الجمعية.
يمارس “حزب الله” “الفدرلة المشوّهة” بل قل “التقسيم” كخطوة أولى لمشروعه الكبير المعلن عنه في كل أدبياته ومؤلفاته وخطاباته، ألا وهو الجمهورية الإسلامية في لبنان تحت حكم الولي الفقيه في إيران.
الحزب بنى ويبني جيشاً ليس فقط لحماية كانتونه – كما يحصل في الفدرالية الطبيعية، إذ يقوم الجيش المركزي الفدرالي بحماية الحدود والذود عن الوطن، بل ليكون جيشاً بديلاً رديفاً للجيش اللبناني. ففي 16 حزيران من العام 2016 أكّد نائب الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم هذا الأمر بقوله، “أصبح لدينا جيش مدرّب ولم تعد المقاومة تعتمد على أسلوب حرب العصابات، وأصبحنا أكثر تسلّحاً وتدريباً وامتلكنا خبرات متطورة”.
وكان عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسين الموسوي شرح في 31 تموز من العام 2013 دور الجيش اللبناني المتكامل مع المقاومة “بعد تسليحه”، إذ قال: “من المفيد أن نصحح للمتذاكين أصحاب شعار، بتحب الجيش سلمو سلاحك، الشعار الصحيح الذي يجب أن يرفعه العقلاء المخلصون حقا هو، بتحب لبنان سلّح جيشو، ليصبح سلاح الجيش (بعد تسليحه)، في تكامل مع سلاح المقاومة قوة وصفاً وطنياً، كأنه البنيان المرصوص… ويجعل كل لبناني مفتخراً معتزاً معتمداً على جيشه القادر المضحي الوفي”.
وقبل هذين التأكيدَين، كان الجنرال ميشال عون وللأسف، قد نفى عن الجيش اللبناني الشرعي دوره في حماية الحدود وأولاه لدويلة “حزب الله”، وذلك في 21 نيسان من العام 2010، إذ قال في مقابلة مع صحيفة الشرق الأوسط: “لا يمكن نزع سلاح المقاومة، لأنه ليس لدى لبنان حالياً بديل عن هذا السلاح. يُقال إن الجيش اللبناني هو البديل، ولكن أنا أؤكد لكم أن الجيش اللبناني غير جاهز حالياً للوقوف في وجه اعتداء إسرائيلي محتمل ضد الأراضي اللبنانية، وإنما بإمكانه فقط كبح المشكلات الداخلية والوقوف في وجه المجموعات المسلّحة الموجودة في المخيمات الفلسطينية. بالمقابل نجد مقاومة “حزب الله” قادرة تماماً على الوقوف في وجه إسرائيل”، ما معناه أن دور الجيش اللبناني يقتصر على الداخل ودور “حزب الله” حماية الوطن والحدود، علماً أن الحزب يمارس الدورَين في الداخل وعلى الحدود.
ففي موضوع السياسة الدفاعية المركزية نجد أن “حزب الله” يتخطّى الفدرالية الطبيعية، التي تُعتبر نظاماً معتمداً من أنظمة الحكم، ويستبدلها بالتقسيم إن لم نقل بمركزية دويلته.
ومن شروط الفدرالية في بلد تعددي كلبنان، الحياد في ظل استحالة الاتفاق على سياسة خارجية واحدة كما هو معتمد في الدول اللامركزية الاتحادية الفدرالية، فنرى “حزب الله” يورّط لبنان في مشاكل أمنية سياسية مع محيطه العربي والعالم الغربي، من دون العودة الى دولته المركزية، لا بل تكون تلك الدولة في أغلب الأحيان ملحقة بسياسة الحزب المرتبطة بإيران…
كما يمارس الحزب دوراً سلبياً يفرضه على اللبنانيين بمحاولة فرضه نظاماً اقتصادياً غير ملائم لاقتصاد لبنان الحر المنفتح على العالمين العربي والغربي، بحكم موقعه التاريخي والجغرافي، كذلك الأمر مع القضاء وغيرها من مفاصل الدولة ذات السيادة المفترضة الافتراضية.
نصل الى المشكلة الآنية الملّحة وهي الهجمة على المصرف المركزي والمصارف ومحاولة فرض “جمعية” القرض الحسن التي تُخالف قانون النقد والتسليف، وغير المدرجة لا على لائحة المصارف ولا الصيارفة، لتقوم بعمل كل هؤلاء، متخطية إياهم لا بل قائمة مقامهم وتنتشر على حسابهم. هنا أيضاً نرى أن أسس الفدرالية أن يكون المصرف المركزي والسياسة النقدية واحدة مركزية، بينما يقوم “حزب الله” بحرفها الى التقسيم لا بل الى مركزية دويلته.
في الخلاصة، من يُعيب على شركائه طرح الفدرالية أو اللامركزية الموسّعة كنظام حكم للمناقشة ويخوّنهم حتى هدر الدم، يمارس التقسيم الفعلي للبنانيين بين “أشرف الناس” وبين “عملاء خونة”، ونراه ينطلق لتعميم وفرض أنظمة دويلته على اللبنانيين في الدولة، ذلك لأن “الحزب إسلامي قبل أن يكون مقاوماً”، على ما كشفه نعيم قاسم في كتابه “حزب الله المنهج – التجربة – المستقبل”، في الفصل السابع من الصفحة 370.
للإشتراك في “المسيرة” Online:
http://www.almassira.com/subscription/signup/index
from Australia: 0415311113 or: [email protected]