بالصمود والتكاتف… نعبر “صحراءهم”

حجم الخط

لا يختلف اثنان على أننا نعيش أزمة كبيرة في لبنان، ظاهرها اقتصادي اجتماعي وعمقها سياسي وجودي، وقد أوصلونا إلى ما وصلنا إليه، بخطواته الممنهجة، فريق الممانعة الذي يترأس قيادته حزب الله، وشارك معه في هذه الخطوات حلفاؤه وخاصة التيار الوطني الحر. وهذا ما حذرنا منه سابقاً ومن خطورة تفاهم مار مخايل، الذي كان دوره أساسياً مفصلياً في تمكين حزب الله من تحقيق ما حققه حتى اليوم، سواء عن  علم أو جهل. ففي الحالتين المصيبة كبرى، وفي الحالتين وصلنا إلى مرحلة مفصلية من تاريخ لبنان تهدد الكيان اللبناني الذي نعرفه وتهدد الميثاق اللبناني الذي نشأ على أساسه لبنان الكبير، وتهدد الهوية اللبنانية التاريخية منها، والثقافية والاقتصادية والاجتماعية، لنكون أمام مواجهة كبرى ولو بثوب سلمي.

يوجد في لبنان من يستشعر هذا الخطر، ويوجد من لا يوليه أهمية ويحدد سقف خطابه ارتفاعاً أو انخفاضاً، بحسب المصلحة الشخصية. وبطبيعة الحال من يستند بقراراته إلى مصالحه الخاصة لا يمكن الركون إليه وإلى مواقفه ولا يمكن الاستناد عليه ولا مشاركته في مسيرة انقاذ البلد، كونه لا يؤتمن على موقف ولا على سلطة ولا حتى على تاريخ.

وفي زحمة المواقف منها الشعبوية ومنها التضليلية، نجد القوات اللبنانية تتخذ موقفاً مبدئياً ثابتاً بضرورة الحفاظ على لبنان الكيان والهوية والحرية. واثبتت هذا الامر من مواقف رئيسها وكافة قياداتها ومن ممارستها للعمل البرلماني الواضح والمنتج والدستوري، ومن آدائها الوزاري الشفاف ومحاربتها للفساد وسعيها للاصلاح وتطوير الادارة بشكل فعلي وليس شعبوي.

وبالتالي تكون القوات اللبنانية هي السند الحقيقي الذي يمكن أن نتكئ عليه لتخطي هذه الازمة بشكليها الظاهري والباطني، ومع كافة حلفائها من القوى السيادية، كون وجود القوات في هذه المواجهة يمنع على فريق الممانعة تحقيق غاياتهم السوداء وتغيير وجه لبنان.

وحتى تنجح القوات اللبنانية وحلفاؤها في هذه المواجهة هي بحاجة الى الالتفاف الشعبي حولها وهذا ما رأيناه نتيجة الانتخابات النيابية الاخيرة بعد حصدها لأكثر من 220 ألف صوت تفضيلي. وهذا الالتفاف الشعبي يحتم علينا الصمود مع شعبنا بالتكاتف في ما بيننا لنعبر هذه الصحراء التي أوجدونا فيها، وفعل الصمود هذا لا يقل أهمية عن فعل مقاومتهم أيام الحرب. ومقاومتهم أبقت لنا وطناً وثبتّتنا في أرضنا، وصمودهم اليوم سيبقي لنا وطناً ويثبتنا في لبنان وسيمنع تغيير هويته.

وعلينا ألا نتعب وألا نيأس مهما اشتدت الصعاب، ومهما كَثُرَ تُجار المواقف والمناصب على حساب شعبنا، علينا أن نفرز الزؤان عن القمح، وألا نسمح بأن تضيع مقاومتنا سدى. ونحن لم يستشهد لنا بشير الجميل ولم نعانِ 11 عاماً اعتقالاً للحكيم، كي نخسر اليوم وطننا وهويتنا.

وأمام هذه الصورة الكبرى والمواجهة الصعبة، ستكون مقاومتنا السلمية على كافة المحاور، مقاومة سياسية يقودها الحكيم بالتنسيق مع كافة القوى السيادية لمنع محور الممانعة من السيطرة على رئاسة الجمهورية ومنها على كافة مواقع الدولة، ومقاومة اجتماعية نقودها كشعب يرفض الذل والتسلط ويعشق الحرية، وذلك بالصمود بوجه الازمة الاقتصادية وبالحفاظ على تقاليدنا وقيمنا بوجه تغيير الهوية الذي يُفرَض علينا.

وبهذا تتكامل مقاومتنا وتكون مقاومة فاعلة وهادفة ومنتجة، وبذلك تكون القوات اللبنانية هي الضمانة الوطنية للحفاظ على الوطن بتنوعه وهويته وبناء مؤسساته، وسنحقق اهدافنا مهما اشتدت المخاطر لأننا شعب حيّ ومقاوم بالفطرة وتاريخُنا يشهد على ذلك. ولأن لنا في السماء شفعاء قدموا أرواحهم ليبقى لنا لبنان واليوم، لن يبخلوا علينا بتضرعاتهم وشفاعتهم أيضاً ليبقى لنا لبنان كما أرادوه واستشهدوا لأجله. وليعلم الجميع في النهاية، أنه في صراع الخير والشر، سينتصر الخير مهما تجبّر الشر علينا.

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل