رصد فريق موقع “القوات”
خرقت جريمة القرنة السوداء فرحة الأعياد وصمت الشغور الرئاسي وضجّ لبنان بالحادثة المحزنة التي ألمّت ببشري. ضحيتان لم تكفِ الدولة المتقاعسة لتقوم بواجبها لناحية تحديد وانهاء النزاع العقاري في تلك القرنة التي كادت أن تضع لبنان في قرنة ساخنة.
أما الملف الرئاسي الراقد على رجاء القيامة، لا يزال في ركود تام، ففرنسا التي تقوم بحراك باتجاه انهاء الشغور منهمكة بالاحتجاجات الداخلية واعمال الشغب، ولبنان متروك لمصيره ولا حياة للملف الرئاسي في الوقت الراهن.
وفي السياق، بدأ الهمس اللبناني، في الاوساط السياسية يتعاظم لجهة اي تأثير للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، عبر موفده الى بيروت لمعالجة ازمة الشغور الرئاسي جان ايف لو دريان، يمكن ان يكون مستقبلا مع اندلاع اخطر ازمة احتجاجات ضربت باريس والمدن الفرنسية الأخرى، ردا على قتل شاب جزائري (الشاب نائل) برصاص الشرطة، مع امتداد الاحتجاجات الى مدينة لوزان في سويسرا، مسجلة اعلى نسبة من احداث الشغب منذ 2005.
وأوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» أن ما من تطور ملحوظ قد يسجل على صعيد الملف الرئاسي، وإن هناك توقعا بأن يتراجع الحديث عنه في الوقت الراهن حتى أن من يتابع الحركة السياسية في البلد يخرج بنتيجة تفيد أن الأجازة الرئاسية مفتوحة إلى حين يظهر مؤشر بالنسبة إلى الحراك الخارجي وتحديدا ما قد يقدم عليه الموفد لودريان الذي لا يزال تحركه هو المسعى الوحيد في الملف الرئاسي في انتظار ما إذا كان هناك من طرح يحمله ام ان جولته الثانية متممة للأولى.
ولفتت المصادر إلى أن الإصرار على موضوع الحوار الذي يتمسك به فريق الممانعة لا يعني أن هناك مناخا يتم تحضيره للحوار الرئاسي لاسيما أن هناك لاءات ترفعها المعارضة، موضحة أن ما من معطيات جديدة برزت بشأن تراجع الكتل النيابية عن دعم مرشحيها ولا يزال مبكرا الحديث عن ذلك بعد ما قالت كلمتها في الجلسة الانتخابية الأخيرة ولن تخرج عنها حاليا إلا إذا حصل تطور مفاجىء أو تم التحضير لمبادرة يتوافق عليها الجميع.
وفي الغضون، تؤكد مصادر دبلوماسية واكبت زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان-إيف لو دريان لبيروت، أنها شكلاً ومضموناً، كانت تهدف الى طيّ صفحة الحراك الفرنسي لتسويق ترشيح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، والإنتقال الى البحث عن بديل يحظى بقبول لدى غالبية القوى السياسية.
وتتوقف هذه المصادر عند الخلوة التي عقدها لو دريان مع قائد الجيش جوزف عون، لنحو نصف ساعة، ولم يشارك فيها سوى مترجمة لو دريان، الذي فضّل إضفاء الطابع الرسمي على اللقاء كي يكون المحضر دقيقاً، غير أنه لم تتوافر أية معلومات داخلية عن مضمون اللقاء.
وتضيف المصادر، أنه من المفترض أن يكون لو دريان قد عكف على صياغة خلاصات لقاءاته في بيروت، وأطلع الرئيس إيمانويل ماكرون والخلية الدبلوماسية الرئاسية على النتائج، قبل أن يبدأ إتصالاته بأطراف اللجنة الخماسية. وتجرى حالياً اتصالات لترتيب زيارة لو دريان للرياض التي تتشارك والدوحة في مقاربتها الملف الرئاسي.
وتتوقع المصادر ذاتها، أنّ عودة لو دريان الى لبنان ستكون خلال النصف الثاني من شهر تموز الحالي، اذ يفترض أن يحمل خريطة طريق إقليمية – دولية لمسار إنقاذ لبنان ووضعه على سكة إعادة تكوين مواقعه ومؤسساته الدستورية، انطلاقاً من إنتخاب رئيس للجمهورية يتمتع بمواصفات اللقاء الثلاثي الأميركي- الفرنسي- السعودي الذي أعلن في أيلول الماضي، كذلك يلتزم مندرجات تفاهمات اللجنة الخماسية، وأهمها التعاون مع المؤسسات الدولية، وفي مقدمها صندوق النقد الدولي لإنجاز إصلاحات ضرورية على المستويين الاقتصادي والاجتماعي.
توازياً، أشارت مصادر قريبة من رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ«الجمهورية» ان كل شيء مجمد منذ ان انتهت الجولة الأولى من مهمة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لو دريان، وليس هناك اي حراك يعني هذا الاستحقاق وان رئيس المجلس ليس في وارد اتخاذ أي خطوة في هذا الاتجاه وخصوصا على مستوى البحث في الجلسة الثالثة عشرة لانتخاب الرئيس ما لم يستجد ما يستدعي مثل هذه الخطوة.
من جهته، أشار مرجع سياسي رفيع المستوى لـ”الجمهورية” إلى أن البلاد دخلت مرحلة الفراغ الطويل بعد سقوط الفرص التي كانت متاحة منذ نحو شهر، كاشفاً انّ عودة الموفد الفرنسي جان ايف لو دريان “ليست اكيدة. وحتى اذا عاد سيكون خالي الوفاض بعد ان اصبح الملف الرئاسي في مكان آخر”.
وأضاف المصدر، “لبنان دخل في حالة جمود قاتلة، والخوف من ان تملأها توترات على غرار ما حصل في القرنة السوداء”.
وبالنسبة الى ما خص العمل الحكومي الذي يفترض ان يستمر في ظل الفراغ الرئاسي، استبعد المصدر “ان تتمكن هذه الحكومة من اجراء تعيينات ولو طرحتها تحت مسمّى الضرورية، كتعيين حاكم جديد لمصرف لبنان عند انتهاء ولاية الحاكم الحالي نهاية هذا الشهر، متوقعاّ سهولة في طرحها وتحولها مادة للجدل مقابل صعوبة في تنفيذها”.