رصد فريق موقع “القوات”
يهيمن الشغور على كافة الأصعدة في لبنان، من رئاسة الجمهورية مروراً بحاكمية مصرف لبنان، وصولاً إلى قيادة الجيش، لا أحد من المنظومة يدرك حجم المخاطر المترتبة والناتجة عن الشغور في ظل وطن يمر في أسوأ فترة له منذ تأسيسه، لكن لا عجب أن تمعن المنظومة التي يتزعمها حزب الله القائم بأعمال إيران في لبنان، في تخريب البلاد ووضع العباد تحت أعباء الانهيار وتمرير الوقت والانتظار، علّ يلملم فريق الممانعة فتات ما تبقى من مكاسب سياسية لتحسين وضعه الرديء، لكن لن يستطيع “الحزب” فرض ما لا يريده اللبنانيون.
البداية من الشغور الآتي في حاكمية مصرف لبنان، إذ لم يعد من خيار أمام حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي، سوى تطبيق القانون الذي يتيح لنائبه الأول وسيم منصوري، القيام بتسيير وتدبير شؤون الحاكمية خلفاً له، لأن ميقاتي ليس في وارد طلب التمديد له أو تعيين من يخلفه في منصبه، كما قال لـ”الشرق الأوسط”، لأنه لا يريد أن يعمّق الشرخ بين اللبنانيين، أو أن يرفع من منسوب الانقسام الذي بلغ ذروته مع انسداد الأفق أمام انتخاب رئيس للجمهورية بعد أن دخل الشغور الرئاسي في شهره التاسع.
وأكد ميقاتي أن تكليف سلامة بتسيير أمور مصرف لبنان إلى حين تعيين من يخلفه بمرسوم يصدر عن مجلس الوزراء ليس مدرجاً على جدول أعماله، وقال إنه لن يغطي التمديد لسلامة لقطع الطريق على من يتهمه بأنه يوفر الغطاء السياسي له بذريعة أن لديه مصلحة شخصية في إبقائه على رأس حاكمية مصرف لبنان.
ولفت إلى أن الحل لملء الشغور في حاكمية مصرف لبنان فور انتهاء ولاية سلامة يكمن في تطبيق القانون الذي يسمح لنائبه منصوري القيام بالمهام الموكلة إليه. وقال، “من لديه حل آخر فما عليه إلا أن يتقدم به، وأنا من جانبي لن أرشّح أي اسم لخلافة سلامة”.
وسئل ميقاتي ما العمل في حال نفذ نواب حاكم مصرف لبنان تهديدهم بالاستقالة من مناصبهم بعد أن كانوا ألمحوا في البيان الذي أصدروه إلى نيتهم بالاستقالة احتجاجاً على عدم تعيين خلف لسلامة؟ فأجاب أن وزير المال يوسف خليل سيطلب منهم الاستمرار في تسيير المرفق العام، وهذا ما ينطبق على مصرف لبنان.
أما على صعيد الشغور الرئاسي، يصل الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لو دريان الاثنين المقبل في 17 الحالي، ليجري محادثات تتعلق بالحوار، قبل نقله الى وظيفة جديدة في المملكة العربية السعودية، بدءاً من الخريف المقبل، إذ عيّن خلفاً لجيرار ميستراليه رئيس الوكالة الفرنسية لتطوير العلاقات في المملكة العربية السعودية، وانه سيتسلم منصبه الجديد في أيلول المقبل. علماً أنّه لم يصدر ما يؤكد ذلك رسمياً. لكن في حال تأكد الخبر فإن ذلك لا يمنع استمرار لو دريان بمهمته اللبنانية حتى ايلول.
لكن مصادر سياسية نفت عبر “اللواء”، تبلغ المسؤولين اللبنانيين، أي موعد رسمي لعودة المبعوث الرئاسي الفرنسي لو دريان إلى لبنان مجدداً، وقالت إن كل ما يتم تداوله بهذا الخصوص، يندرج في اطار التوقعات والاستنتاجات، بينما في الواقع لم يطرأ أي تطور في ملف الانتخابات الرئاسية منذ مغادرة لو دريان للبنان أخيراً، والامور ما تزال تراوح مكانها، في ظل الامعان بتعطيل جلسات انتخاب الرئيس وتجاوز الدستور، واطالة امد الفراغ الرئاسي، واتساع وتيرة التداعيات السلبية التي تطاول المؤسسات والإدارات العامة ومرتكزات الدولة الأساسية.
وأشارت المصادر إلى ان التذرع بضرورة اجراء الحوار لتعطيل الانتخابات الرئاسية، لا يبرر اطلاقاً التهرب من مسؤولية اجراء الانتخابات الرئاسية، بل يؤكد ان هناك قوى وأطراف، تسعى من وراء ذلك، الامعان في تخريب وتهديم ما تبقى من مكونات الدولة لصالح تمدد نفوذها وسيطرتها، أو لفرض مرشح حزب الله وحلفائه سليمان فرنجية فرضاً، برغم حيازته أصواتاً نيابية، أقل مما ناله مرشح المعارضة والتيار الوطني الحر الوزير السابق جهاد أزعور في جلسة الانتخابات الرئاسية الاخيرة.
وفي الغضون، وجهت قطر دعوة الى دول اللجنة الخماسية للاجتماع في الدوحة في 13 الحالي، ما يمثل تطوراً جديداً في مسار الاهتمام العربي والدولي بالاستحقاق الرئاسي في لبنان. وعلى الرغم من أنّ موعد الاجتماع المقترح للخماسية لا يزال خاضعاً للتشاور، إلا أنّ مجرد توجيه هذه الدعوة يشير الى أنّ هناك قراراً خارجياً بإبقاء لبنان تحت الأنظار.
وعلمت “نداء الوطن” من مصادر ديبلوماسية أنّ قطر بصفتها عضواً في اللجنة الخماسية التي انطلقت من باريس، أرفقت دعوتها الى دول اللجنة التي تضم أيضاً الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا والسعودية ومصر، بجدول أعمال مقترح للاجتماع الخميس المقبل.
ووفق معلومات هذه المصادر يتضمن الجدول عناوين عامة تتصل بالملف اللبناني. ومن بين الردود الأولى على الدعوة القطرية، ما يشير الى رغبة أحد أطراف اللجنة في إرجاء الموعد من 13 الحالي الى 17 منه. أما ردّ الفعل الفرنسي فلم يظهر حماسة للموعد المقترح، بل أبدت فرنسا رغبة في تأجيل الاجتماع الى أيلول المقبل كي يتسنى للموفد الرئاسي جان إيف لو دريان إكمال المساعي التي باشرها في لبنان.
ويترافق الموقف الفرنسي مع معلومات تحدثت عن قرار باريس تعيين لو دريان رئيساً للوكالة الفرنسية لتطوير مدينة العلا في المملكة العربية السعودية، وسيتسلم منصبه الجديد في أيلول المقبل، لكنه في منصبه الجديد، سيصبح أكثر قرباً على مستوى العلاقات بين باريس والرياض.
ولفتت المصادر الى رأيين في فرنسا حيال المشاورات حول الاستحقاق الرئاسي: الأول، يحصر المشاورات بالاستحقاق الرئاسي، والثاني، يتوسع ليشمل الرئاسة والحوار والاصلاحات وبرامج العمل.
في المقابل، تؤكد المصادر أنّ السعوديين والقطريين أبلغوا من يعنيهم الأمر أنهم يرفضون أي توسع في الحوار ينعكس تعديلاً في النظام اللبناني القائم على دستور الطائف.
أما الاميركيون، بحسب المصادر، فهم في منزلة ما بين القطريين والفرنسيين، بمعنى أنهم لا يملكون رأياً خاصاً بهم، سوى انهم يتقاطعون مع القطريين في تأييد ترشيح قائد الجيش العماد جوزاف عون لرئاسة الجمهورية.
وفي الوقت نفسه، أكد الجانب الفرنسي أن باريس أصبحت خارج اقتراح ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية للرئاسة الأولى، علماً أنّ إستمرار الثنائي الشيعي في تبنّي ترشيح فرنجية يجعل تقاطع الأطراف المعنيين على ترشيح العماد جوزاف عون مسألة تحتاج الى وقت كي يصل الى خواتيمه، ما يعني أنّ الفراغ مرشح لأن يطول، ربما الى نهاية العام الحالي او ما بعده.
وفي سياق متصل بالموقف الفرنسي، تشير المصادر الى أنّ الشهر المقبل، هو شهر إطفاء المحركات والذهاب الى تمضية الاجازات في فرنسا، ما يعني أن معاودة الاتصالات ستبدأ في أيلول أو تشرين الأول المقبلين، وبالتالي ستؤجَّل المشاورات الى ما بعد فصل الصيف.