هل يسلِّم سلامة محتويات “الصندوق الأسود”؟

حجم الخط

لا يزال بيان نواب حاكم مصرف لبنان الأربعة الأخير والذي لوحّوا فيه بالاستقالة، موضع بحث وجدل في الأوساط السياسية والمالية والنقدية والاقتصادية. وذلك لأن الجميع مربك في كيفية التعاطي مع مسألة انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة آخر تموز الحالي، وسط شبه استحالة في تعيين حاكم جديد للأسباب المعروفة، والمخاوف من الترددات على الوضع المالي والنقدي وسوق الصرف ووضعية الليرة وسعر الدولار ومصير منصة صيرفة.

السيناريوهات كثيرة، والقراءات لبيان نواب الحاكم تعدَّدت: منها ما وُضع في خانة الشبهة السياسية ربطاً بالمرجعيات السياسية التي عيَّنتهم في مواقعهم، ومنها على خلفيات اقتصادية ومالية وقانونية، وغيرها.

كل القراءات قد تكون صحيحة بشكل أو بآخر، فبعضها يضيء على جانب من المسألة، فيما تركز أخرى على جوانب مختلفة، لكنها في النهاية ربما تتكامل وتتقاطع على أن المشكلة تقع بالأساس على عاتق السلطة الحاكمة والمتحكمة، التي إما هي متواطئة أو متخاذلة أو عاجزة تجاه ما وصلنا إليه من وضع مأساوي في لبنان على المستويات كافة.

الخبير في المخاطر المصرفية والباحث في الاقتصاد محمد فحيلي، يعتبر، أن “هناك قراءة غير صحية في ما يخصّ المشهد النقدي حول كل ما يدور في مصرف لبنان مع قرب استحقاق انتهاء الولاية الخامسة للحاكم رياض سلامة نهاية تموز الحالي، والبيان الذي أصدره نواب الحاكم قبل أيام، وما يحصل مع المستشارة التنفيذية لسلامة (ماريان الحويك)، ومنصة صيرفة”.

ويوضح فحيلي، في حديث إلى موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، أن “العمليات التي تحصل عبر صيرفة، تتم بموافقة المجلس المركزي لحاكمية مصرف لبنان”، لافتاً إلى أنه “نتيجة الاجتماع الذي حصل قبل فترة بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير المال يوسف خليل وحاكم البنك المركزي سلامة، تم اللجوء إلى منصة صيرفة لصرف رواتب وأجور القطاع العام على سعر دولار مدعوم”.

ويضيف، أنه “في ما يخص هذه القرارات والإجراءات المشابهة، هي موضوعة على ما يشبه الطيار الآلي في مديرية العمليات بمصرف لبنان. ومصدر دولارات هذه العمليات معروف تماماً، فهي تأتي من السوق الموازية باعتراف سلامة”.

ويشير، إلى أنه “من الواضح تبعاً للبيانات الدورية الصادرة عن مصرف لبنان، أن الاحتياطي النقدي بالعملات الصعبة لا يتأثر ولا ينخفض نتيجة عمليات صيرفة في الفترة الأخيرة بقدرٍ متناسب مع ضخّ الدولارات في السوق”، معتبراً أن “هذا دليلاً واضحاً على أن الاحتياطي الالزامي المتعلق بأموال المودعين لا يتم المسّ به”.

وبرأيه، أن “الحويك لا علاقة لها بهذا الموضوع، فربما يكون لها الفضل بتطوير منصة صيرفة في مرحلة ما، لكنها موظفة أدَّت مهمة في مصرف لبنان وانتهى عملها، إنما منصة صيرفة تحت سلطة وسيطرة البنك المركزي حصرياً”، لافتاً إلى أن “نواب الحاكم أرادوا الإضاءة على مسألة أساسية، فمنذ تاريخ انطلاق الأزمة في لبنان والأعين على رئاسة السلطة النقدية أكثر مما هي على رئاسة الجمهورية أو على رئاستي مجلس الوزراء والنواب”.

ويعتبر فحيلي، أن “رئاسة السلطة النقدية كانت الأهم منذ اندلاع الأزمة، وما يحاول نواب الحاكم قوله هو إن الفراغ في رئاسة الجمهورية على خطورته، استطاع لبنان التأقلم معه في محطات دستورية عدة، لكن الفراغ في السلطة النقدية ربما تكون تداعياته أكثر تأثيراً، خصوصاً أن آخر تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي يشير إلى أن غياب رغبة مكونات الطبقة السياسية الحاكمة بإقرار الإصلاحات وتنفيذها يمكن أن يوصل إلى الارتطام الكبير”.

ويلفت، إلى أن “المواطنين وموظفي القطاع العام والشركات والمؤسسات والمستوردين، الجميع تعامل على وقع التعاميم المختلفة التي أصدرها مصرف لبنان ومنصة صيرفة منذ اندلاع الأزمة، لتأمين فواتير الاستهلاك والمصاريف التشغيلية للمؤسسات واستيراد المواد والسلع من الخارج، وهذه كلها بحاجة إلى توقيع سلطة مسؤولة”.

ويؤكد، أن “هناك قراراً يجب أن يُتخذ على مستوى السلطة السياسية. فهل نريد الاستمرار بالسياسات النقدية على ما هي عليه اليوم، أم ستحصل انعطافة استراتيجية بمقاربة السياسات النقدية بعد 31 تموز الحالي؟ والجواب عند السلطة السياسية لا عند نواب الحاكم”.

ويشدد، على “ضرورة حصول تسلُّم وتسليم رسمي بين سلامة ونائب الحاكم الأول وسيم منصوري، لا اعتبار أن الأمور تمشي تلقائياً لأن منصوري عضو في المجلس المركزي لمصرف لبنان. فهناك (صندوق أسود) قام بين السلطة السياسية التي تحكم منذ 30 سنة وبين الحاكم سلامة، ولا أحد يعلم بمحتوياته، ويجب أدبياً وأخلاقياً ومناقبياً ومهنياً أن يطلع الحاكم الجديد أو من يكون بالإنابة على محتوياته”.

ويرى فحيلي، أنه “من حق نواب الحاكم التحفظ على السياسات النقدية التي اتُّخذ القرار باعتمادها في اجتماعات خارج المجلس المركزي لمصرف لبنان. منها اجتماع بين رئيس الجمهورية السابق ميشال عون ووزير المال والحاكم، وآخر بين رئيس الحكومة ووزير المال والحاكم، وثالث بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير المال والحاكم. بالتالي من حق نواب الحاكم عدم التسليم تلقائياً بهذه القرارات لكونها لم تحصل في اجتماعات للمجلس المركزي لمصرف لبنان”.

أي عملية نسخ من دون ذكر المصدر تعرض صاحبها للملاحقة القانونية

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانبة

خبر عاجل