“خلصونا من الزعران”! هكذا استنجد الثنائي الشيعي من يصدّق؟!
تنغل الفوضى في الضاحية الجنوبية، وتتحكّم المافيات والعصابات بحاجات الناس اليومية، هكذا كشفت صحيفة “النهار”. مجموعات حزبية تتوزّع في الأحياء، وتفرض الخوات على المواطنين باسم “الحزب” وحركة أمل، مجموعات أخرى تتقاسم الأحياء لتوزيع المياه ومولدات الكهرباء والاشتراكات في القنوات الفضائبة، وتجني الأرباح الطائلة، ومجموعات أخرى تتولى من دون أي صفة تمرير الصفقات من ضمن قضايا واحتياجات يومية يعيشها أهل المنطقة، والاسوأ من ذلك انتشار اعتداءات بالجملة على مشاعات الدولة من مجموعة “قبضايات”، وانتشار مكاتب غير قانونية لتسجيل تلك الأراضي بأسماء ناهبيها، وأسوأ الأسوأ انتشار مجموعة تروج المخدرات بين فئة الشباب تحديداً، والذين ينشطون خصوصاً في منطقة حي السلم وصولاً الى الشويفات مروراً بالمخيمات الفلسطينية في برج البراجنة وصبرا وشاتيلا، حيث تنغل أوكار المروجّين والمدمنين.
بحسب المعلومات، يعيش أبناء المنطقة حالاً من الخوف والانزعاج الشديدين، إذ إن ما يطلق عليهم “الحزب” اسم “البيئة الحاضنة”، يعانون الكثير الكثير من المشاكل اليومية، خصوصاً في ظل وضع اقتصادي ضاغط، عجز الحزب والحركة عن سد حاجات ناسهم، كما يعدونهم في الخطابات والتطمينات، في حين تعاني المنطقة من نقص حاد في كل شيء، أسوة بغالبية اللبنانيين في كل المناطق، مع فارق أن أصوات أبناء البيئة الحاضنة تلك، بدأت تعلو بشكل لافت وتعلن تذمرها من تلك الفوضى والتسيب القاتل في الأمن وفي تفلت الزعران من أبناء البيئة إياها على أهلهم وأقاربهم ومجتمعهم!
في خبر النهار أن بري ونصرالله مستاءان مما يحصل. جميل هذا الاستياء. والأهم، أنه على الرغم من الاجتماعات المتلاحقة وتشكيل لجان مشتركة وما شابه لضبط الوضع المتفلت، باءت كل تلك المحاولات بالفشل، “وما حدن عم يسمع لحدن”، دويلة تعيش منطق التفلّت من قانون الدولة، ولا من حسيب ولا رقيب، على الرغم من بعض الملاحقات التي قام بها الجيش على المهربين، الا أن الوضع من سيء الى أسوأ!
أبناء المنطقة يصرخون، “خلصونا من هالزعران”، بمعنى آخر اعترف أهل المنطقة من دون أن يعلنوها بالاسم. الدويلة تخنقهم، تطبق على ارزاقهم، تجعلهم من خارج سياق الدولة المحترمة المنتظمة، تجعلهم من خارج القانون، صاروا كمن يعيش في أرض مطلوبة للعدالة كلها، يحكمها متفلّتون مهربون أشقياء، حتى لو أعلنت الحركة والحزب رفضهما لهذه التصرفات، لكن لو لم يكونا هم بالأساس من انشأوا تلك الدولية على هذه المفاهيم المدمرة لمنظومة الانتظام العام، ومنطق الدولة القوية، لما وصلوا الى أن يقعا هم أنفسهم في الحفرة التي حفروها للدولة والقانون نفسه.
هذه ضريبة الفوضى والتعالي على منطق الدولة والقانون. هذه ضريبة السلاح غير الشرعي، هذه ضريبة إنشاء دويلة في قلب قلب الدولة، تجعل من نفسها أكبر منها وأهم، وتتعالى على مفاهيمها الوطنية الكبيرة، وحتى على حقوق الإنسان الحر فيها قبل الآخرين. أي بيئة حاضنة تقبل أن يحكمها “أزعر” أو مهرب يتلطى باسم الحزب حيناً والحركة أحياناً، ليحكم الزاروب ويتحكّم بالفوضى والسلاح والمخدرات؟!
أبناء البيئة الحاضنة تلك هم مواطنون لبنانيون يعانون القهر والظلم، وأيضاً منطق التعالي والتسيب، ولهم الحق بحياة كريمة حرة متحررة من حكم الميليشيات وزعرانها.
تزرع الريح تحصد العاصفة، هذا ما زرعه “الحزب” وهذا ما سيحصده دائماً، على الرغم من الخطابات الرنانة الطنانة والأبيات الشعرية التي تحكي عن “صمود البيئة الحاضنة” وما شابه. وتبقى العبرة في مقاومة احتلال الدويلة تلك، من قِبل البيئة الحاضنة أولاً وقبل سواها، فإما الدولة وإما تسيب الدويلة. إما القانون وإما… حكم الزعران والشبيحة والبلطجة.