انقشعت بعض الايجابيات الواعدة بإمكان الوصول إلى ايجابيات تتيح استكمال التحقيقات في واقعة انفجار #مرفأ بيروت، بُعيد التوصية الصادرة عن بيان البرلمان الأوروبي حضّاً في سبيل تشكيل لجنة تقصي حقائق دولية. وبدا كأنّ هذا التطور الأوّل من نوعه نحو “شعاع الحقيقة” على مشارف الذكرى الثالثة للتفجّر المهول الذي عرفته العاصمة بيروت. وبدأت الخطوة الأولى للعمل باتجاه الوصول إلى لجنة التقصي مع توقيع تكتل “الجمهورية القوية” عريضة تطالب الأمين العام للأمم للمتحدة أنطونيو غوتيريش بتشكيلها. وسلّمت العريضة وقتذاك إلى مكتب المنسّق الخاص للأمم المتحدة في لبنان بشباط 2021. ثم استكملت المساعي “القواتية” بتحرّك للنواب لدى سفراء مجلس الأمن والسفراء الأوروبيين استكمالاً للسعي باتجاه تشكيل لجنة دولية لمتابعة التحقيقات. وإذ تركّزت الرهانات الخارجية على إمكان وصول التحقيق المحلي إلى نتائج طوال السنين الماضية، إلا أنّ التعطيل المصحوب بعراقيل سياسية استمرّ في غياب التوصّل إلى خواتيم فعليّة.
ثم احتكمت “القوات اللبنانية” إلى أسلوب آخر للمساهمة في إحياء ملف التحقيق في انفجار المرفأ، من خلال المبادرة باتجاه مجلس حقوق الإنسان انطلاقاً من إرسال عريضة تتضمّن تواقيع أكبر عدد ممكن من النواب، لحقها إصدار البرلمان الأوروبي توصية داعمة وداعية إلى تشكيل لجنة تقصي حقائق دولية مستقلة وإرسالها إلى لبنان للتحقيق في جريمة انفجار مرفأ بيروت ضمن إطار الأمم المتحدة.
واضطلع جهاز العلاقات الخارجية في “القوات اللبنانية” برئاسة الوزير السابق ريشار قيومجيان، بجهود بارزة للتوصّل إلى هذا التطوّر اللافت، بعدما جُمعت تواقيع 30 دولة للمطالبة باستكمال التحقيقات في قضية انفجار المرفأ وعدم تعطيلها، فوُضعت القضية دولياً على السكّة.
وينطلق قيومجيان في شرح تفاصيل الخطوات التي اتخذها تكتل “الجمهورية القوية”، من الإشارة إلى “انعقاد مؤتمر إلى جانب أهالي الضحايا هدفه رفع عريضة إلى مجلس حقوق الإنسان وإرسالها إلى السفراء وأعضاء البرلمان الأوروبي للمطالبة بتشكيل لجنة تقصي حقائق دولية. وتبلور الإنجاز الكبير بتطرّق بنود ثلاثة في بيان البرلمان الأوروبي إلى أهمية الحضّ على الوصول إلى لجنة التقصي، لكنّ حيّز الإضاءة على المستوى اللبناني ارتبط بموضوع النازحين الذي تضمّن بدوره إيجابيات لجهة التحدّث عن تشكيل لجنة دولية مؤلّفة من الأمم المتّحدة والاتحاد الأوروبي والدولة اللبنانية للتباحث في الملف. ويُطلَب من الدولة اللبنانية التحرّك على مستوى حلفاء النظام السوري لإعادة النازحين، لكن الأخير لا يريد عودتهم إلى بلادهم”.
يتمحور السؤال الأساسي بعد “التطور النوعي” المتبلور في مضامين بيان البرلمان الأوروبي، حول الخطوات المقبلة وإذا كان هناك إمكان لتشكيل لجنة تقصي حقائق دولية بعد التوصية؟ يقول قيومجيان لـ”النهار” إن “البرلمان الأوروبي أصدر القرار بالدعوة إلى تشكيل اللجنة كتوصية تعتبر بمثابة مكسب لقضية انفجار المرفأ. لكن، يحتاج الوصول إلى خرق فعلي في الصدد لاستمرار العمل على المستوى الدولي والمتابعة على نطاق الدول الكبرى للتوصّل إلى خروقات جديّة. ولا بدّ من عمل تراكميّ مع البرلمانات الدولية للمساهمة في الانتقال إلى خطوات مقبلة، مع التأكيد على استمرار مواكبة قضية انفجار المرفأ للعمل على الوصول إلى الحقيقة والعدالة انطلاقاً من تشكيل لجنة حقائق”. ولا يغيب عن إضاءات قيومجيان أيضاً، الإشارة إلى “متابعة فريق خاص على مستوى “القوات اللبنانية” لقضية انفجار المرفأ، بما يشمل النائب غسان حاصباني والنائب جورج عقيص إضافة إلى التواصل مع “هيومن رايتس” ومنظمات حقوق الإنسان. ويُضاف إلى ذلك تواقيع كتلة الكتائب وكتلة “تجدّد” النيابية وبعض النواب المستقلّين على المستوى النيابي، مع رهان على زيادة أعداد المطالبين باللجنة من النواب اللبنانيين انطلاقاً من أسس توحيد الجهود وإبعادها عن السياسة للوصول إلى نتيجة بالتنسيق مع أهالي شهداء المرفأ رغم الصعوبات المتمثّلة في انقسامهم”.
وفي غضون ذلك، عُلم أن أهالي شهداء المرفأ يعملون على تقديم عريضة رسمية جديدة موجّهة إلى الأمم المتحدة، مع تضمّنها تواقيع 68 نائباً للحثّ على تشكيل لجنة تقصي حقائق دولية في مهلة أقصاها 6 أشهر. وتؤكّد مقاربة الناشط ويليام نون على “المتابعة القائمة لقضية المرفأ مع النواب اللبنانيين والوفود من الاتحاد الأوروبي للإضاءة على المطالب، مع التعويل على توصيات البرلمان الأوروبي وسط عرقلة التحقيق الداخلي والرهان على التحقيق الخارجي للوصول إلى نتائج”. ويضيف نون لـ”النهار” أن “بيان البرلمان الأوروبي جيّد لكنه يحتاج استكمالاً بعدما كانت الوفود الأجنبية تفضّل عدم التعامل مع التحقيقات نتيجة وجود تحقيق لبنانيّ، لكنّ الآراء تبدّلت راهناً نتيجة الضغط على القضاء وأهمية التدخل كمعيار إيجابي”.
هل تُعتَبر هذه المؤشرات مشجّعة للوصول إلى نتيجة على مشارف الذكرى الثالثة للانفجار؟ في الاستنتاج العام المعبّر عنه على نطاق المحامي الدولي الوزير السابق كميل أبو سليمان، فإنها “المرّة الأولى التي يوقّع خلالها أكثرية من نواب البرلمان اللبناني عريضة مشيرة إلى غياب الثقة في إمكان تحقيق العدالة من خلال القضاء اللبناني. وترافق ذلك مع تبدّل في المزاج العالمي والدولي حيال كيفية التعامل مع قضية انفجار المرفأ في ظلّ غياب العدالة وعدم انقشاع أي أفق للحلّ قريباً”. واستناداً إلى تقويم أبو سليمان لـ”النهار” للتوصية الصادرة عن البرلمان الأوروبي، فإنه “في حال تشكيل لجنة تقصي الحقائق، فإنها لا تعتبر بمثابة محكمة ولن تكلّف لبنان أي نفقات إذا تأسست، وفي إمكانها التنسيق مع التحقيق اللبناني للوصول إلى نتائج. وهناك وعيٌ لدى بعض المؤثّرين فحواه بأنه ليس عادلاً عدم الاقتراب من الحقيقة والعدالة، في ظلّ غياب الانفراجات القريبة على نطاق التحقيق الداخلي”.