كتب ميشال يونس في “المسيرة” – العدد 1742
…فأجابهما يسوع: “قد أتَتِ الساعةُ التي يتمجّدُ فيها ابن الإنسان”!
ندخلُ رحابةَ صدركَ الإنجيليّ يا يوحنا الحبيب والتلميذ الطّاهر، نستلهمُ مِنهُ ما نعلنُه لحاضرنا المارونيِّ البطرسيِّ الأنطاكيّ بأنَّ ساعةَ المارونيَّة قد أتت لتوجِّه دعوتَها إلى رعيتِها الكُبرى لأجل إعادة زمن التوافُدِ إلى محابسها مُتزوِّدةً بتشجيع وعد الرب يسوع: “أطلبوا تجدوا إقرعوا يُفتَح لكم”، وها نحنُ نمرُّ بأيامٍ رعائيَّةٍ مُلتبسةٍ مُترجرجةٍ تحثُّنا على الذهاب أفرادًا وجموعًا نقرعُ أبواب الآباء الحبساء نُناشدُهم ونستحلفُهم لأن يختاروا حبيسًا من بينهم يتولَّى مسؤولية رئيس الرؤساء داخل صرحِ المُعطى لهم مجدُ لبنان!
إنها ساعتُكم المباركة يا أصفياء مارون وأوفياء يوحنا مارون لأن تسلكوا ذاتَ المَفرقِ المُستقيم المعالم الذي سلكه قبلكُم آباءٌ وأجداد، إلى محبسة سيدة ميفوق، ومحبسة مار بيشاي وادي قزحيا، ومحبسة سيدة حوقا، ومحبسة سيدة قنوبين، اقرعوا مثلهم الأبواب النسكيةِ الدهرّية، فأنتم أمام مفترقٍ زمنٍ قاهرٍ عصيبٍ، وليس مثل لابسي المسوحِ النسكيّة مَن يبرعُ في لبسِ التاجِ الرعويّ البطريركيّ المحبوكِ بأشواك تاج المصلوب، وليس مثل آباء المحابس المبنيَّةِ المُشيَّدةِ بجوار السنديان مَن هوَّ أحقُّ بعصا الرعايةِ يقودُ بها الشعبَ الجالس في الظلمةِ إلى حصون النور!
قد أتت السَّاعةُ الأكثرَ يقظةً ودقَّةً وفعّالية لأن يرتبطَ الرّعيلُ المارونيُّ الحالي بذاك الرعيلِ الذي تميّز بغبطةَ أزمنةِ حبسائه المُختارين الطّائعين أمر الخروجِ من محابسهم أمثال:
+ الحبيسُ البطريرك أرميا عبيد العمشيتي.
+ الحبيس البطريرك موسى سعادة العكّاري.
+ الحبيس البطريرك ميخائيل الرزّي البقوفاوي.
+ الحبيس البطريرك سركيس الرزّي البقوفاوي.
+ الحبيس البطريرك يوسف الرزّي البقوفاوي.
+ الحبيس البطريرك يوحنا مخلوف الإهدنيّ.
+ الحبيس البطريرك يوسف التيّان البيروتي!
من محارس محابس ميفوق وقزحيا وحوقا وقنوبين تمَّ استدعاؤهم إلى السدَّةِ البطريركيَّةِ ليردعوا مختلف أنواع رُتَبِ ومراتبِ الذئاب الخاطفة، فكانوا صيّادين بطرسيين أنطاكيين ألقوا شِباكَهم في ذات مستوى العُمقِ الذي فيه ألقى شبكتَه الصيّادُ سمعان بطرس، فسحبوها مُمتلئةً بأصوات الرُعاةِ المُحصَّنين بأصواتٍ رعائيَّةٍ كاملةِ الصّدق والكرامة تَعرفُها وتميِّزها الرَّعيَّةُ عن ذهنِ قلبها وإيمانها ورجائها، وأخرجوها مُثقلَةَ الأحمال بأوزان نواقيس قورش والعاصي وتحوم وادي حربا وكفرحي ويانوح وإيليج وقنوبين، فأشرقَ على شعبهم مجدُ الربِّ، المجدُ ذاته الذي أشرق على رعيان بيت لحم ليلة ولادة الرجاء الصالح لبني البشر!
من حقولِ تلك الصوامع النَّائية عن ضوضاء العالم، العامرةِ بالصَّمتِ الملائكيّ إلاَّ عن التَّسابيح والتهاليل والترانيم، خرجوا فعلةً حصَّادين لهم في حصاد القمحِ الأفخارستيِّ أذرعة مدعومة من ذراعِ الربِّ، يحصدون ويجمعون ويُغربلون الحنطةَ من الزؤان ويخبزون خبزَ الحياة ويُنادون الأبرار والخطأة معًا إلى مآدب المحبة والرحمة والمغفرة!
من تجرُّدِ وزُهدِ قلاليهم أقبلوا إلى كرسي أنطاكيا وسائر المشرق مُتضلِّعين بعريقِ خبرتِهم التنسكيَّةِ الأنطونيوسيَّةِ بكيفيَّةِ كشفِ واكتشافِ أساليب مخادعِ ومكائدِ وكمائن المُجرِّبِ اللعين المُتخصِّصِ بتسهيل تَسلُّلِ الذئاب إلى مجالس الرعيان بأنيابٍ مُستترةٍ يكشفُها السلوكُ الرعويُّ المُشينُ وتظهِّرها التعاليمُ الملتويّة والتعاميمُ المُضلِّلة والإرشادات المُدبلجة بلغة التعميَّةِ والتعتيم خارجًا عن إرشاد المعلم الإلهي: “ليكُن كلامكُم نعم نعم ولا لا، وكلُّ ما زاد على ذلك فهو من الشرِّير”!
عبرَ أجيالها وأحقابِها عبرتِ المارونيَّةُ تعابير نبؤات آشعيا عن “رَجُلِ الأوجاعِ المضروبِ بالعاهاتِ، المشدوخ من أعلى الرأس حتى القدمينِ لأجلِ معاصي أممِ الآثام والأوثان”.
من جيلٍ إلى جيلٍ والمارونيَّةُ منذورةٌ إلى أيوب وصبرِ أيوب ومحاصرة أيوب بكل أنواع البلايا والضربات والخسائر، والمارونيَّةُ عريانة خرجت من عراء جبل مارونِها وليس لها انتصار أصلب أثبت وأبقى إلاَّ إذا عادت إلى أصيلِ مُلكِها ومملكتِها في “جبالِ النمورِ ومرابض الأسودِ وأوكار النسورِ”. لا تنهزمُ المارونية ولا تتزعزع ولا تُصيبُها الأوهان إلاَّ إذا خلعت صليبَ الربِّ وصلبانَها عن كتفيها ورحلت تسعى إلى أمجاد الثروات الزائلة والرفاهية الخليعة في مجاهل الابن المارونيِّ الشّاطرِ الذي تورَّطَ وورَّط ملحمةَ الجبلِ الماروني بدوار البحرِ والدوران على أبواب القنصليات سعيًا لركوبِ مراكب هجرةٍ تستدرِجُ الأحلامَ الزّاهيَّةَ الواهيّةَ إلى بلدانٍ جديدةٍ بعيدة، تدُرُّ فضةً وذهبًا وألماسًا وعيشَ حياة ألف ليلةٍ وليلة، لكنها كحوتِ يونان تبتلعُ سجلاَّت نفوس حاملي ودائع الإيمان وصلبان المجد والشهادة والكرامة والقيامة!!
وطنُ وجبلُ سِفرِ نشيدِ الأناشيدُ واقعٌ تحت احتلال أناشيد أممٍ غريبةٍ تعزِفُ معزوفاتِ غاياتِ أممها وليس في أوتارِ عزفِها نغمٌ واحد لبلاد الأرز!
أينَ رمحُ دانيال الحدشيتي قيدوم أنطاكيا وثائر كنيسة الشرق والغرب يُميِّزُ أيَّ مملوكيٍّ يدخل لبنان بصفةِ سفيرٍ مُعتَمدٍ أو زائرٍ مستطلِعٍ آتٍ من إحدى الدول المُسمّاة كبرى يستطلعُ شؤون وشجون القاصرين؟
أين رمح دانيال الحدشيتي يُميِّزُ وجه أيَّ مملوكيٍّ داخلٍ صرح مجد لبنان بصفة ضيفٍ ثقيل الظِلِّ والدم خفيف الفِكرِ والرؤيا غزير الثرثرةِ والبربرة؟
أين حملُ الربِّ ذبيحُ أنطاكيا وسائر كنيسة الشرق والغرب، جبرائيل حجولا الذاهب إلى المحرقةِ المملوكيَّةِ بملء خاطره الأبويِّ وكامل إرادتِه المتفوِّقةِ على إرادة إبراهيم وهو يسوق ابنه إسحق إلى محرقة مَرضاة ربِّ العهد القديم، فحاز جبرائيل الحجولاويّ رتبة مسيحٍ بطريركيٍّ بطرسيٍّ مارونيٍّ أنطاكيٍّ كامل استحقاقات ومُستَحقّاتِ رجال آية آيات الفداء الأعظم الأقدس: “ما مِن حُبٍّ أعظم من أن يُحرقَ بطريركٌ فداءً عن رعيتِه وأُمَّتِه”، حتَّى ولو لم يبقَ في سجلاّت شركة تأمين “حقوق المسيحيين” وذاكراتِ الذميين إلاَّ “الشيخ مسعود”!!
مُعظمُ شعبِنا مُحتَلُّ العيش بحدٍ أدنى من الكرامة الإنسانيَّةَ وعزة النفسِ الثمينة. خبزُه دواؤه مُدَّخراتُه وجنى عمره، أحلامُ أطفالِه كتبُ دفاترُ وأقلام أبنائه، غَدُ شبابِه ومُستقبلهم جميعهم خلف قضبان زنزاناتٍ مِن صُنعِ وصنيعةِ وثنيتِه الوطنيةِ وعبادتِه للأصنام أوَّلاً، ثم من صنعِ وصنيعة المثلِ الأبلغ: كما تكونون يُولَّى عليكم ثانيَّة، ثمَّ مِن صُنعِ وصنيعةِ حكّامِه وأولياء أمره وأموره ثالثةً ودائمًا!
وها هي بيعةُ قديسي خبز مجاعة حرب سفر برلك مار أنطون بطرس عريضة والأب العام إغناطيوس داغر التنوري والراهب القبضاي مرتينوس طربية التنوري، تدعو إلى إنتفاضةٍ كنسيَّةٍ أبرشيَّةٍ رهبانيَّةٍ تحرِّرُ بيعةَ شعب الربِّ بمؤسساتِها ومدارسها ومستشفياتِها من كلِّ “متى جابي “يفضِّلُ أن يبقى داخل دار الجبايةِ على أن يلتحقَ بالمعلِّم يسوع …ومن كلِّ “زكّا عشّار” أخذ قراره بعدم التوبة.. كما أنَّ البيعة بيعتنا اللبنانيّة مدعوَّةٌ أن تكون السبَّاقةَ في تحرير مقاعد الكنيسة المقدسة مِن كلِّ هيرودسٍ وقيافا وبيلاطس الوافدين بكلِّ صلافةٍ إلى مجالس الصفوف الأمامية!
أرميا عبيد العمشيتي. موسى سعادة العكاري. ميخائيل الرزي البقوفاوي. سركيس الرزي البقوفاوي. يوسف الرزي البقوفاوي. يوحنا مخلوف الإهدني. يوسف التيّان البيروتي .ندعوكم يا حبساءنا البطاركة وبطاركتنا الحُبساء لأن تحتلَّوا بمنائركم الأبويةِ ومصابيحكم النسكية هذا الزمان، زماننا الدّاجي، فتلاقيكم نفوسُنا القلقةُ المضطربةُ بمزمور النور: “الربُّ نورنا وخلاصنا فمِمَّن نخاف”، ونحنُ اليومَ في أقسى ضيقاتِنا وأخطرَ تجاربنا نخشعُ إليكم بكل ما في وجوهنا من إشتياقٍ إلى وجوهكم العابرةِ إلينا عبرَ إيحاءات وإشارات ورموز الأزمنة البطرسية الأنطاكية المارونية فنرفعُ وإياكم إلى المُطمْئِننا: “أنا هو الراعي الصّالح”، نشيد الرجاء الأعلى نرفعه إليه صرخة المزمور الماية والواحد والثلاثين: “من الأعماق نصرخُ إليك يا رب . يا رب اسمع صراخنا واصغِ إلى توسلاتنا”!!!
للإشتراك في “المسيرة” Online:
http://www.almassira.com/subscription/signup/index
from Australia: 0415311113 or: [email protected]