لا يبشّر مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2023، الذي أعدّه وزير المال يوسف الخليل ورفعه إلى رئاسة مجلس الوزراء تمهيداً لدرسه وإقراره وإحالته إلى المجلس النيابي، بالخير. خصوصاً لناحية خفض العجز الذي يتبيَّن من المشروع أنه إلى ارتفاع. في حين سيُنكب المواطنون بزيادة إضافية على الضرائب والرسوم في مختلف معاملاتهم الرسمية، وهم المسحوقون أساساً تحت وطأة الأزمة الاقتصادية والمعيشية المعروفة، بحيث تؤكد كل التقارير الدولية الصادرة تباعاً أن نسبة الفقر في لبنان بلغت نحو 80% من عدد السكان.
من المنتظر أن تبدأ حكومة تصريف الأعمال سلسلة اجتماعاتها المكثفة لدرس المشروع وإقراره كما ورد أو بإدخال تعديلات عليه، وأولى جلساتها ستكون الإثنين المقبل، ما لم يتعذّر تأمين النصاب لانعقاد الجلسة وسط معلومات عن عراقيل يمكن أن تحول دون ذلك.
وفق المعطيات التي أمكن تجميعها، أن مشروع الموازنة العامة للعام 2023، من الصعب أن يحظى بإجماع حكومة تصريف الأعمال، وأن تعديلات كثيرة ستطرأ عليه في حال تمكنت الحكومة من الاجتماع لدرسه وإقراره. والأسباب، بعضها اقتصادي لناحية نسبة العجز الواردة في الموازنة وطريقة تمويله، لكن معظمها ربما يكون منطلقاً من خلفيات سياسية ومزايدات ومصالح سلطوية.
نسبة العجز في مشروع الموازنة العامة المقترح غير مسبوقة، إذ بلغت نحو 34 تريليون ليرة. والسؤال من أين ستغطّي الحكومة نفقاتها في ظل الرقم المقدّر للعجز، خصوصاً في تراجع الجباية الدراماتيكي وسط إضراب الإدارة العامة والتهرب الضريبي والفلتان والمحسوبيات في مختلف مؤسسات الدولة التي تعيش حالة من التفكك والتحلُّل كما هو معلوم للجميع؟
رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق باتريك مارديني، يشير عبر موقع القوات اللبنانية الإلكتروني إلى أن “الدولة اللبنانية ستموِّل العجز من خلال الإقتراض من مصرف لبنان، ما يعني انهياراً أكبر في سعر صرف الليرة، يقابله بطبيعة الحال ارتفاعاً في سعر الدولار”.
مارديني يبدو حاسماً، لجهة أننا “في الأسابيع والأشهر المقبلة حين سنشهد انهياراً كبيراً للّيرة، لا يجب أن نتساءل عن السبب، لأننا نعلم أن هذا الانهيار سببه العجز الكبير في الموازنة العامة للعام 2023، والحكومة تقوم بتمويل العجز عن طريق طباعة الليرة من قبل البنك المركزي، أو عن طريق قيام مصرف لبنان بتغطية عجز الحكومة بالدولار كما يفعل حالياً من خلال منصة صيرفة مع معاشات موظفي القطاع العام”.
يضيف: “هذا يعني تكبير الأزمة المصرفية. والخلاصة أن مشروع الموازنة العامة للعام 2023 كما هو مطروح ستؤدي إلى انهيار أكبر لسعر صرف الليرة، وزيادة معدلات التضخم أكثر، وتكبير الفجوة المصرفية، وإضعاف النمو الاقتصادي”.
أما حول توقع وزير المال في مشروع الموازنة الذي أعدّه، من أن الناتج
المحلي سيبلغ 16 مليار دولار، في
حين بلغ قبل اندلاع الأزمة في تشرين
الأول العام 2019 نحو 54 مليار دولار، يوضح مارديني، أن “الضرائب
والرسوم المرتفعة الإضافية التي تضمَّنها مشروع موازنة العام 2023، ستخنق الاقتصاد وتزيد من الركود، ولا يمكن أن ترفع نسبة النمو بل سيتراجع أكثر”.