رصد فريق موقع القوات
يترقب لبنان اليوم عودة الموفد الفرنسي جان إيف لو دريان إلى بيروت للبحث في الملف الرئاسي خصوصاً أن هذه العودة مدعومة ببيان صدر عن الاجتماع الخماسي والذي وضع حداً لمهزلة الحوار الذي يطالب بها محور الممانعة والتي ترفضه “القوات اللبنانية” على قاعدة لا حل للأزمة الرئاسية إلا عبر البرلمان وتطبيق الدستور لا تكريس الأعراف.
وإلى جانب الأزمة الرئاسية، هناك أزمة شغور أخرى تتمثل في حاكمية مصرف لبنان، إذ لا تزال الأجواء ضبابية، فنواب الحاكم يطالبون بتغطية قانونية وإلا الاستقالة، أما في الموازاة، يسود همس في الكواليس بأن “طَيف” حاكم مصرف لبنان رياض سلامة باقٍ خلال “المرحلة الانتقالية”.
وفي السياق الرئاسي، استبعدت مصادر سياسية مطلعة عبر “اللواء” أن تكون هناك مبادرة رئاسية جاهزة طالما أن اللقاء الخماسي لم يطلق مبادرة محددة وترك الأمر بيد الأفرقاء في الداخل. وفي المعلومات ان مهمة لو دريان المنسقة مع “المجموعة الخماسية” وخصوصاً مع المملكة العربية السعودية تنقل الى المسؤولين ورؤساء الكتل، لا سيما الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي الاجواء الدولية والعربية، حول ضرورة انهاء الشغور بالملف الرئاسي اللبناني، وشخصيات اخرى ذات صلة.
من جهته، كشف مصدر دبلوماسي في باريس لـ”نداء الوطن” أن “لو دريان جاد جداً في تحقيق اختراق نوعي في ملف الأزمة السياسية المتمثلة بإنجاز الاستحقاق الرئاسي، لأن ذلك سيسهل عليه الانتقال الى مهمة ثانية يزاوج بينها وبين متابعته للملف اللبناني، لذلك هو أمام تحديين: الأول: مسألة تعيينه خلفاً لجيرار ميستراليه على رأس الوكالة الفرنسية لتطوير العلاقات بين فرنسا والمملكة العربية السعودية، مع الاستمرار في مهمة متابعة الملف اللبناني، وهذا التعيين في طور التثبيت. الثاني: الانتقال من مرحلة المبادرة الفرنسية التي تم نعيها في اجتماع الدوحة الأخير، الى مرحلة التعبير الحقيقي عن توجهات اجتماع الخماسية العربية والدولية في كيفية مقاربة الاستحقاق الرئاسي، وبالتالي مدى قدرته على دفع الفرقاء اللبنانيين الى الاتفاق على شخصية قادرة على جمع القيادات اللبنانية، وخارج كل الاصطفافات، يتم انتخاب رئيس الجمهورية، وهذا يؤدي الى الحوار اللبناني حول كل الملفات العالقة”.
ويؤكد المصدر ان “عودة لو دريان لا تعني وجود حلول سحرية، لأنّ بين ما يسعى اليه لو دريان من إنجاز يستثمره شخصياً وبين الواقع بوناً شاسعاً من الخلافات يحتاج الى قرار صادم لمّحت اليه اللجنة في بيانها المشترك، فهل يتم الانتقال من الاقناع الى الفرض؟ هذا ما ستكشفه مهمة لو دريان الجديدة التي ستكون حاسمة في تحديد اتجاه الأمور”.
بدورها، أبلغت مصادر واسعة الاطلاع “نداء الوطن” أنّ الهدف الأول في زيارة لو دريان للبنان هو القول إنّ فرنسا متمسكة بحل الازمة الرئاسية، وانها لم تستسلم ولم تحبَط بسبب العراقيل والمطبّات ولن تتراجع عن سعيها لإخراج لبنان من النفق المظلم الذي هو فيه، وسيطلع لو دريان من يلتقيهم على نتائج الاجتماع الخماسي.
وأضافت: “أتى الموفد الفرنسي لجس النبض وبيده حجة، هي عرض وقائع اجتماع اللجنة الخماسية. وأهمية هذا الاجتماع، أنه صارت هناك وثيقة تضمّنها بيان بمثابة خريطة طريق حددت بشكل واضح “ان الاستحقاق الرئاسي يتم عن طريق الانتخابات في مجلس النواب واحترام الآليات”.
وخلصت الى القول: “نسفت هذه الخريطة بتوقيع فرنسي أمرين كانت باريس تسعى الى تحقيقهما، هما الحوار والمقايضة او ما يسمى السلة المتكاملة”.
وعلى صعيد حاكمية مصرف لبنان، يصرّ نواب الحاكم في اجتماعهم أمس مع ميقاتي على طلب تغطية قانونية رسمية، ليستطيعوا الاستمرار في تمويل الدولة بواقع 200 مليون دولار شهرياً على الأقل (رواتب القطاع العام ودعم أدوية ونفقات عامة أخرى).
ولم تنفع محاولات ميقاتي تدوير الزوايا “ولم تقنع إجاباته الزئبقية نواب الحاكم الذين أصروا على ضرورة إيجاد مخرج في غضون أقل من 48 ساعة”، كما أكد مصدر متابع. وأضاف: “وعد ميقاتي المجتمعين بالتشاور مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وبطلب استشارة قانونية لمعرفة هل تستطيع الحكومة طلب قرض من مصرف لبنان بقيمة 1.2 مليار دولار لمدة 6 أشهر، قابلة للتجديد”.
وفي الغضون، أكدت مصادر عبر “نداء الوطن” أنّ نواب الحاكم أصروا أيضاً على ضرورة إقرار تشريعات “الكابيتال كونترول”، وهيكلة القطاع المصرفي، ومعالجة فجوة الخسائر ومصير الودائع، وهي مشاريع قوانين في المجلس النيابي الذي “لا يمكنه التهرب من مسؤولياته بإلقائها على الحكومة وحدها”. كما أصروا على زيادة إيرادات الدولة من مرافقها العامة، و”الأملاك البحرية، على سبيل المثال لا الحصر، التي يتقاعس وزير الأشغال العامة في حكومة تصريف الأعمال علي حمية عن المساس بها بذرائع تهرّب مختلفة، مثل أنّ الأمر ليس من صلاحيات وزارته فقط”.
وشددت المصادر على أنّ “تلك الإصلاحات ضرورية حتى يستطيع مصرف لبنان إطلاق المنصة الجديدة التي يسعى من خلالها لوقف نزف خسائر المنصة الحالية التي تتراكم شهرياً على ميزانية البنك المركزي”.
وقال نائب لحاكم مصرف لبنان لـ”نداء الوطن”: “يشيطنوننا كما لو أننا تسببنا بفجوة 72 مليار دولار في مصرف لبنان، وهي نتاج 30 سنة من الممارسات التي اتفق فيها سلامة مع المنظومة على صرفها بالطرق المعروفة”.
وفيما برز شكلياً غياب سلامة عن الاجتماع المخصص للتداول في مآلات معالجة الشغور الداهم في رأس هرم السلطة النقدية الذي يشغله منذ 30 عاماً، وحضر نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي ووزير المال يوسف الخليل، تردّدت معلومات عبر “الشرق الأوسط” عن اقتراحات متعدّدة بشأن الاستعانة بسلامة في إدارة المرحلة الانتقالية، إنما من دون معلومات واضحة عن طبيعة موقعه ودوره وإمكانية التمديد الجماعي لهيئة الحاكمية كما هي، بعد استقالة النواب الأربعة.