بعد نحو 9 أشهر على الشغور الرئاسي، يضاف إليها شهران من المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، تترسخ صحة موقف رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع منذ البداية، والذي انتقده كثيرون من السياسيين والمحللين، عن خطأ في التقدير أو لمحاولة تبهيت الموقف، بأن رئيس الجمهورية يصنع بالدرجة الأولى في لبنان، وينتخبه النواب اللبنانيون في مجلس النواب، بغض النظر عن كل الضغوط أو التدخلات الخارجية، الصديقة و”المشبوهة”.
على مدى أشهر الشغور المنصرمة، وعلى الرغم من الضغوط والتهويل والتمنيات والترغيبات، والاعتقاد بإمكانية تمرير بعض “المونات” الخارجية، والتي تسلّح بها فريق الممانعة لمحاولة فرض مرشحه على المعارضة، ثبت بالدليل “الشرعي” أن كل تلك المحاولات سقطت أمام صمود فريق المعارضة، وفي مقدمته القوات اللبنانية، وتمسّكها بالثوابت اللبنانية التاريخية العصيّة على الكسر، والتي تسقط أمامها كل أوهام القوة “العابرة”.
من هنا، ربما بات واجباً على المراهنين على الضغوط الخارجية، المترافقة مع التهديد والوعيد والتهويل الداخلي لفريق الممانعة، لكسر المعارضة، الإقلاع عن رهاناتهم الخاطئة التي لن توصل إلى نتيجة. يضاف إليهم بعض محللي الشاشات أصحاب نظرية أن الرئيس اللبناني يصنع في الخارج ويعلن من المجلس النيابي، والذين بات عليهم الاعتراف بخطأ تحليلاتهم وصوابية موقف جعجع.
لا بد من المسارعة إلى القول، إن ذلك لا يعني بطبيعة الحال أن لبنان جزيرة معزولة في أقاصي الأرض عن ظروف المنطقة وأحداثها وتطوراتها، فضلاً عن الأحداث العالمية. لكن بالتأكيد، ذلك لا يعني بالضرورة أن لا كلمة لإرادة أبنائه المخلصين في صنع مصيره ومستقبله، وأن الخارج يقرّر قدرهم وما عليهم سوى الإنصياع لرغباته، أو لصفقات وتسويات من هنا وهناك مع هذا الطرف أو ذاك، على حساب هوية لبنان وتاريخه المجيد ومستقبله الزاهر، الآتي حتماً بفعل إيمان أبنائه الأحرار المخلصين.
لا شك أن المواجهة صعبة، واستعادة لبنان الحرية والحضارة من خاطفيه “الظلاميين” ليست نزهة، لكن التصميم الذي تظهره “القوات” إلى جانب حلفائها وسائر أطياف المعارضة، والنتائج التي تحققت حتى الآن في منع سقوط لبنان بالكامل في يد الممانعة، بدءاً من رئاسة الجمهورية، يؤكد أن الشعوب الحرة متى قررت عدم الرضوخ لمنطق القوة والترهيب يمكنها أن تكسره وتنتصر.
القرار واضح عند جعجع وسائر حلفائه في المعارضة ولا عودة عنه، وكلامه لا يحتمل أي تأويل حين يقول، إن “القوات تخوض حالياً إلى جانب حلفائها، معركة استرداد الجمهورية من خاطفيها، عبر منع محور الممانعة من السيطرة على موقع رئاسة الجمهورية”، مشدداً على “أهمية دور القوات الذي يتبلور يوماً بعد يوم كصمّام أمان للمجتمع”، وتأكيده أن “اللبنانيين السياديين والأحرار يعوّلون عليها لإنقاذ ما تبقى والعودة بلبنان إلى سابق عهده وأمجاده”.
إشارة جعجع أيضاً، إلى أننا “ندرك تماماً أننا أمام مسار طويل في عملية تحرير القرار اللبناني من خاطفيه وإعادته الى المؤسسات الرسمية”، يتبعها بتأكيده “أننا مصممون على اجتيازه كاملاً، من دون كللّ أو تردد، حتى يتحقق للبنانيين ما يصبون اليه من حياة حرّة وكريمة، في وطن سيّد ومزدهر تسوده عدالة القانون”.
عضو تكتل الجمهورية القوية النائب فادي كرم، يلفت، في حديث إلى موقع القوات، إلى أن “أكثر ما يؤكد صوابية موقف جعجع والقوات، هو ما وصل إليه محور الممانعة بالذات، والتصاريح التي أطلقها خلال الأيام الأخيرة”.
كرم يوضح، أنه “بعدما نفد صبر هذا المحور وسُدَّت في وجهه كل المحاولات الخبيثة التي كان يقوم بها، سواء محاولة فرض مرشحه بدايةً، ثم في مرحلة لاحقة عندما كان يحاول تمرير لعبة الحوار من خلال أفرقاء خارجيين، وصل اليوم إلى رفع يديه واستسلم”.
بالتالي، يضيف كرم: “أدرك فريق الممانعة أنه لا حلَّ إلا في الداخل، إما ديمقراطياً واحترام الدستور، وإما بالتفاهم مع الأطراف المعارضة. وذلك حين أعلن أنه لن يدعو إلى الحوار مجدداً ولن يقوم بأي مبادرة، واستسلم أمام واقع أن الدستور اللبناني واللعبة الانتخابية الدستورية هما من يفرضان إنهاء الشغور في الرئاسة”.
عضو تكتل الجمهورية القوية، يشدد، على أن “هذا أكثر ما يؤكد على كلام جعجع، بأنه من الأساس قلنا، لتُفتح جلسات انتخابية متتالية ولتأخذ اللعبة الديمقراطية مجالها، فيكون لدينا رئيس خلال يوم أو يومين أو بضعة أيام”.
“هذه النقطة من الأهمية بمكان إبرازها”، وفق كرم، “لأن طرف الممانعة هو من يؤكدها اليوم بذاته، إذ يقول، كل المحاولات التي قمت بها لم تنفع، فقد حاولت استخدام الخارج ضدّ معارضيَّ ولم أنجح، وحين حاولت فرض تسوية عليهم لم ينفع ذلك أيضاً، وكذلك حين حاولت فرض مرشح عليهم”.