طوَّر علماء أذرعاً روبوتية دقيقة يمكنها التوغل في جسم الإنسان والوصول إلى الرئتين للكشف عن الخلايا السرطانية، مما يسمح للأطباء بالوصول إلى الأورام التي كان يتعذر الوصول إليها وتدميرها، بحسب صحيفة The Times البريطانية، أمس الخميس.
يبلغ قطر الذراع 2.4 ملليمتر فقط وهي فائقة النعومة، أي أقل من نصف عرض أنابيب منظار القصبة الهوائية القياسي الذي يبلغ قطره نحو 6 ملليمترات، حتى أكثر أشكال الأنابيب الروبوتية تقدماً المستخدمة حالياً يتراوح قياسها بين 3.5 و4.2 ملليمتر.
مكونات الأذرع
وصُنعت الأذرع من السيليكون، وهي أكثر نعومة من الأنسجة المحيطة بها، مما يعني أنها تسبب ضرراً طفيفاً عند ملامستها حتى لأنابيب الشعب الهوائية الصغيرة جداً داخل الرئتين.
خلال العملية، يُستخدَم مغناطيس قوي خارج الجسم لمساعدة الأذرع الروبوتية على الانحناء حول الزوايا الضيقة دون الحاجة إلى الاتصال المفرط بجدران أنابيب الشعب الهوائية. ويمكن بعد ذلك أخذ عينة من الورم أو شعاع الليزر لتدميره.
وعملياً، قام باحثون من جامعة ليدز باختبار الجهاز على رئتي جثث بشرية، ووجدوا أن الأذرع يمكن أن تصل إلى عمقٍ أكبر بنسبة 37% في الرئتين مقارنة بالمعدات القياسية، وفقاً لدراسة نُشرت في دورية Nature Communications Engineering.
تبرز الذراع المغناطيسية من طرف منظار القصبة الذي يُدفَع للداخل من خلال الفم، إلى أسفل الحلق، وحتى الأجزاء الأولى من الشجرة القصيبية داخل الرئتين، حيث تكون الأنابيب أوسع.
“ثورة في التنقل داخل الجسم”
بدروه، قال مدير مختبر ستورم لاب في جامعة ليدز بيترو فالداستري، والذي أشرف على الدراسة: “هذا تطور مثير حقاً. يتميز هذا النهج الجديد بكونه خاصاً بالتشريح، وهو أكثر نعومة من التشريح ويمكن التحكم فيه بشكل كامل عن طريق المغناطيس. هذه الميزات الرئيسية الثلاث لديها القدرة على إحداث ثورة في التنقل داخل الجسم”.
غالباً ما يُعالَج سرطان الرئة عن طريق الجراحة، ولكن هذا يكون علاجاً توغلياً داخل الرئة، وقد يتسبب ذلك في إزالة الأنسجة السليمة أو إتلافها مع الورم.
ولطالما سعى العلماء إلى طريقة لاستهداف سرطان الرئة من دون الإضرار بالأنسجة السليمة حول الورم، على ألا تتطلب فتحاً أو ثقباً في صدر المريض.
خلصت الدراسة إلى أن “النتائج المعروضة تمثل خطوة أولى محتملة نحو تحويل علاج السرطان في المناطق الطرفية من الرئتين من خلال نهج أدق وأكثر تخصيصاً للمريض وبأقل قدر من التدخل الجراحي”.
دور المغناطيس الخارجي
وفي دراسة منفصلة نُشِرَت بدورية Advanced Intelligent Systems، تمكن الباحثون أنفسهم أيضاً من استخدام اثنتين من الأذرع الروبوتية في وقتٍ واحد لإجراء جراحة الدماغ على نسخة طبق الأصل من الجمجمة عن طريق دفع الأذرع من خلال الأنف.
ووجدوا أن من الممكن استخدام المغناطيس الخارجي للتحكم في الأذرع وتوجيهها بشكلٍ مستقل. وحملت إحدى الأذرع كاميرا بينما حملت الأخرى مُطلِق شعاع ليزر لاستهداف الورم. ونجحت التجربة في محاكاة استئصال ورم حميد في الغدة النخامية. وتُجمَع الآن البيانات للتمكُّن من بدء التجارب على البشر الأحياء.