رصد فريق موقع القوات
يسود ترقب في أجواء لبنان اليوم مع دخول البلاد بمرحلة مالية جديدة إثر انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة واستلام النائب الأول وسيم منصوري المهمة الصعبة في ظل أزمة اقتصادية حادة، والذي تحدث أمس خلال مؤتمر صحفي عن الخطوات المقبلة التي سيقوم بها.
ونال كلامه ترحيباً من رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي غرّد عبر “تويتر” كاتباً: “ما سمعناه اليوم من النائب الأول لحاكم مصرف لبنان وسيم منصوري يبشّر بالخير”.
مشهد آخر لا يقل شأناً عن حماوة الملف الاقتصادي والمالي، إذ لا تزال العيون شاخصة نحو مخيم عين الحلوة حيث المعارك العنيفة المندلعة في اليوم الثالث على التوالي، وعلى الرغم من اتخاذ القرار “الخجول” أمس بوقف إطلاق النار على أعلى المستويات لكن سرعان ما تم خرقه.
بالعودة إلى ملف الحاكمية، كان واضحاً أنّ نواب الحاكم يلقون باللائمة على وزارة المالية العاجزة عن إعداد موازنة بلا عجز. وأكدت مصادرهم عبر “نداء الوطن” أن الوزير يوسف خليل، الصامت الأكبر في هذا المشهد الاستثنائي في خطورته، كان خلال الأيام الماضية يعبّر في كل الاجتماعات عن عجزه، وعن صعوبة زيادة ايرادات الدولة لئلا تضطر الحكومة للاقتراض من مصرف لبنان، مؤكدة استنتاجاً خطيراً أنّ “خليل كان أسوأ خيار لأسوأ مرحلة، وأنه يعيش في ظل رياض سلامة وعلي حسن خليل وينفذ اجنداتهما على قاعدة (أمرك سيدي)”.
ووصفت مصادر مالية ما يقوم به نواب الحاكم بأنه “أشبه بتفجير صاعق مكبوت طيلة 30 سنة كان فيها سلامة يموّل وزارة المالية ويسدّ عجزها بلا سؤال ولا جواب”.
في السياق، ظهر انقسام حاد مساء أمس بين وزراء “منظومة” يستسهلون الأمر كي يستمر حكم من يمثلون، وآخرين مثل سعادة الشامي الذي حذّر علناً، في كتاب رسمي، من خطورة الاستمرار في الاقتراض من البنك المركزي.
وكشفت مصادر مطلعة عبر “نداء الوطن” عن أن الانقسام سينسحب على النواب أيضاً، إذ ليست سهلة الموافقة على ذلك القرض المقرون بشروط أخرى مثل إقرار مشاريع قوانين مختلف عليها بقوة مثل الكابيتال كونترول وهيكلة المصارف والتوازن المالي، وإقرار موازنة بإيرادات كبيرة جداً ستأتي على حساب عموم الناس طالما يُحجِم يوسف خليل عن إجراء إصلاح ضريبي يزيد العبء على الأكثر قدرة على التحمل أو يخاف من ذلك.
مع العلم بأن بين النواب والكتل السياسية الوازنة أيضاً من يدافع بشراسة عن مصالح الشركات والتجار والصناعيين والمصرفيين وأصحاب رؤوس الأموال.
أما في الملف الأمني، اتُخذ أمس قرار وقف إطلاق النار على أعلى المستويات في مخيم عين الحلوة، لكن إطلاق النار استمر لليوم الثاني في أكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان. فكانت حصيلة استمرار المواجهات المسلحة بين حركة فتح والناشطين الاسلاميين، ارتفاع عدد القتلى الى 11 شخصاً وإصابة 40 آخرين بجروح، بحسب بيان وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا).
وفي معلومات “نداء الوطن” أنّ تبرير عدم تثبيت وقف إطلاق النار، يعود بحسب مصادر حركة “فتح”، وهي القوة الرئيسية في المخيم، الى تداعيات مصرع قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في منطقة صيدا اللواء محمد العرموشي “أبو أشرف”.
وأوضحت هذه المعلومات، أن عناصر تابعة للحركة “لا تزال في حالة انفعال ما جعلها متفلتة”.
وأعلن لاحقاً عن التوصل في التاسعة مساء الى “هدنة إنسانية”، ووقف تبادل النيران بين “فتح” والناشطين الإسلاميين.
أمنياً أيضاً، تَبدّى الملف الأخطر في العبث الأمني، الذي أطلّ في توقيت مريب من مخيّم عين الحلوة. واللافت في هذا السياق، المخاوف من ان يكون هذا الاشعال فصلاً من مسلسل تخريبي، تتمدّد شراراته وتداعياته الى خارج المخيم وسائر المخيمات الفلسطينية، وبالتالي خلق وقائع أمنية جديدة يصعب احتواؤها.
ولاحظت مصادر متابعة عبر “الجمهورية” ان خطورة هذا الاشعال تكمُنُ في أنّه لا يبدو منعزلاً عن تطورات تتسارع في الفترة الاخيرة، عكست ما يبدو انه إيقاظ متعمّد للخلايا المتطرفة، الذي لوحِظ ان حركتها قد تزايدت وتكثفت في الفترة الاخيرة وخصوصا في سوريا، وتُرجِم ذلك في تفجيرات في اكثر من مكان، كان آخرها التفجير الارهابي الذي طال مشاركين في احياء مجالس عاشوراء في مقام السيدة زينب في سوريا.
واعربت المصادر عن خشيتها من أن يكون ذلك مؤشراً على دخول المنطقة من جديد الى مدار التوترات، وبالتالي فلتان الخلايا الارهابية، جراء تعثّر ما قد شاب محاولات اطفاء هذه التوترات خصوصاً في اليمن، حيث يبدو ان الآمال بانفراجات قد بدأت تتضاءل، كما ان خطوات الانفتاح على سوريا وكذلك على ايران تشهد بطئاً ملحوظاً خلافاً لما كانت عليه في بداية ما سميت التحوّلات الجذريّة في العلاقات بين دول المنطقة.
واكدت مصادر امنية لبنانية لـ”الجمهورية” أن اغتيال قادة فتح في عين الحلوة، سواء في توقيته، او مكانه او الطريقة العلنية والمكشوفة التي تمّ فيها، ليس عملية عابرة، بل انه ينطوي على ارادة تفجير واضحة، وهو الامر الذي يستوجب أخذ الحيطة والحذر من نوايا مُبيّتة لتفجير اوسع في مخيم عين الحلوة، وابعد منه، عبر تحريك الخلايا الارهابية من جديد سواء في داخل المخيمات الفلسطينية او خارجها في مناطق لبنانية معيّنة، بهدف زعزعة الامن واشاعة اجواء الفتنة.
قضائياً، تترقّب الأوساط القضائية والسياسية عبر “الشرق الأوسط” ما ستؤول إليه جلسة الاستماع لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة الأربعاء، خصوصاً أن سلامة فقد الحصانة التي جنّبته طيلة الأشهر الماضية تجرّع كأس التوقيف، لما لذلك من تداعيات على الوضع النقدي في البلاد، إلّا أن مصدراً قضائياً أوضح لـ”الشرق الأوسط”، أن “الملاحقات القائمة بحقّ سلامة حتى أثناء وجوده على رأس المصرف المركزي، لا تعني أنه كان يتمتع بحصانة وظيفية أو أن خروجه جرّده من الحصانة”.
واعتبر أن أي “إجراء عقابي ضدّ سلامة مثل إصدار مذكرة توقيف وهو بموقع المسؤولية سيترك انعكاسات سلبية على سوق القطع وصرف الدولار مقابل الليرة”.