الأمين العام للحزب حسن نصرالله: “مَن يحمي هذا البلد وشعبه هي مقاومته ومقاومته فقط، وكلّ الشواهد تؤكد هذه الحقيقة وهذا ما نحن مصرّون على القيام به”.
أهم ما في العبارة أن نصرالله مصرّ على القيام به! القيام بماذا يا سيد؟!
يعجبني هذا الرجل حين يصرّ على إعلان “حقيقة” مفترضة، صار هو نفسه يعرف تماماً، ويعلم علم اليقين أنها أكبر كذبة على الإطلاق تعيشها أولاً بيئته، التي ما عادت في غالبيتها حاضنة، ولكنها لا تجرؤ على البوح، وثانياً يعرف الرجل أن اللبنانيين بغالبيتهم العظمى، يرفضون هذه الكذبة الكبيرة، ويعملون بكل ما أوتيوا من قدرة على مجابهتها والتصدي لها، لكنه صار يتقن لعبة الإعلام والترويج، مسقطاً من حساباته أن تلك اللعبة ما عادت كافية لفرض أمر واقع على اللبنانيين، وأن إطلالاته الإعلامية ورفع الأصابع والصراخ، ما عاد يجدي ولا يؤثر ولا يخيف أحداً، لأن الحقيقة صارت فاقعة مدوية وتخطّت كل تلك المهرجانات الكلامية المدوية في فراغها.
يتداول فايسبوكيون وتويتريون هذا الشعار الذي أطلقه نصرالله، بعدما حولوا كلمة “يحمي” الى “يمحي”. تعبير فيه الكثير الكثير من الحقيقة، ما لم نكن عادلين ونقول هي عبارة تحوي كل الحقيقة. إذ كيف حمى ويحمي حسن نصرالله عبر “مقاومته” تلك، الشعب اللبناني؟ هل بالحروب العبثية من وقت الى آخر، وأن ننسى لا ننسى حرب تموز التي “حمت” الشعب اللبناني عبر استشهاد 1200 مواطن، وأدت الى دمار هائل في البنى التحتية، وتهجير نصف الشعب اللبناني على الأقل، وفي النهاية أعلن مقولته الشهيرة “لم أكن أعلم” ومن ثم “انتصرنا”، ونتيجة الانتصار إلزامه بالقرار 1701؟
طيب، كيف حمى نصرالله ومقاومته لبنان، بتفجير مرفأ بيروت الإرهابي، الذي صُنف ثاني أكبر تفجير غير نووي في العالم وقتل معه بيروت ولبنان؟ كيف حمتنا مقاومته من نتراته تلك؟ هل من جواب؟
طبعاً حمته عبر تطيير التحقيقات، ومنع القاضي طارق بيطار من إكمال ملفاته، وحتى منع بعض الأهالي من التظاهر والاحتجاج، ومن ثم خنق التحقيق ورميه في وجه عذاب أهالي الشهداء وصراخهم. هكذا حمت المقاومة بيروت.
طيب كيف حمت “مقاومته” عين الرمانة في تلك الغزوة البربرية المصوّرة مباشرة على الهواء، والتي أظهرت مئات المسلحين من “الممانعة”، مدججين بالأسلحة الثقيلة، التي وجهت الى الأحياء الشعبية والى صدور أهل المكان، مباشرة ومن دون خجل ولا حياء وبوقاحة موصوفة وتحد مباشر للجيش اللبناني، وحاولت احتلال المنطقة والجوار، ولولا تدخل الجيش ودفاع أهل عين الرمانة عن بيوتهم وأعراضهم وأهاليهم، لكانوا قتلوا الأهالي جميعاً وصادروا البيوت والممتلكات بإرهاب علني مباشر على الهواء وعلى عيون العالم؟ هكذا حمت المقاومة عين الرمانة، هذه لعمري حماية قلّ نظيرها.
وما بالكم بعد بحماية المقاومة لبيروت في ذاك الـ7 أيار المجيد، وما بالنا أكثر وأكثر في سلسلة اغتيالات قلّ نظيرها لأحرار لبنان وسيادييه، وما بالنا أكثر وأكثر بتعطيل الاستحقاق الرئاسي لأن ثمة ترسانة تحمي وترهب وتهدد كل من يجرؤ على مقاومة هذا التعطيل، وإذا ما عدنا للأرشيف لن نرى سوى عنوان واحد “مقاومة قيامة لبنان”، أو بالأحرى وكما تداولت وسائل التواصل الاجتماعي الصورة، “مقاومة تمحي لبنان وكل الشواهد تؤكد هذه الحقيقة”!
يا سيد… يا سيد، ولا سيد عندنا الا المسيح وحده، لا أحد يحمينا إلا صمودنا، وتصدينا وإيماننا الكبير بقدرتنا على المواجهة لتلك الترسانة الإرهابية، وذلك الاحتلال الإيراني الزائل حتماً كما كل الاحتلالات التي سبقته، نحن لا نملك السلاح ولا نريد، سلاحنا الوحيد الشرعي الذي يحمينا، هي بندقية الجيش اللبناني والقوى الأمنية الشرعية، لا نحن ولا الرب سلّمناك رقابنا “لتحميها”، لست مفوضاً إلهياً ولن تكون، الله خير وعدل ومحبة، والوطن أرض وشعب وجيش ودولة، ولا أحد، لا أحد أكبر من الوطن. الجميع الى زوال مهما تكبّر وتجبّر، ويبقى لبنان أرض الخلود والعراقة والنضال. لست مفوضاً أن تحمينا، ولا نريد تلك “الحماية”، وطننا سياجنا، مقاومتنا الشرعية الوحيدة، هي اللبنانيين السياديين الأحرار، وجيش حرّ يحمي الكيان والحدود والسيادة، وما عدا ذلك كله باطل بباطل يا…سيد!