يقف وفيق صفا بفائق الثقة بالنفس وفائض التجبر، بوجه رئيس الدفاع المدني، ويملي عليه ما يجب وما لا يجب أن يفعله، ويأمره…. نعم، يأمره بأن يفعل المستحيل لإخماد الحريق، “والحزب رح يساعدكن” يقول له بفوقية الآمر والناهي، وكأن الضاحية، أو طريق المطار تحديداً، أرض ملكيتها خاصة للحزب خارجة عن حدود بيروت والدولة اللبنانية، وهو حارسها الأمين!
يقف وفيق صفا وسط حريق طريق المطار، المجهول الأسباب والمنبع، والذي تتعالى فيه لهب النيران المستعرة بقوة مخيفة، من جوف الأرض في مشهد غريب عجيب، وسط صمت إعلامي مريب، إذ حوصر خبر اندلاع النيران ولم تحاصر النيران في ساعتها، ما جعل سكان المنطقة وكل بيروت يتخوفون من أن يكون للحزب مخزون آخر من النيترات أو أي مواد أخرى متفجرة، مخبأة في جوف الأرض ودهاليز الضاحية.
بفائق الصعوبة التي قاربت المستحيل، تعمل فرق الإطفاء لتتمكن من إطفاء ذاك الحريق الغريب، الذي يقال إنه شب في مستودع للأقمشة والإسفنج وحصد في أول أيامه شهيداً للدفاع المدني، محمد بادي. السنة اللهب مستعرة والذعر دبّ في قلوب الأهالي وأجبر الكثير منهم على ترك منازلهم ومحالهم التجارية بعدما توسعت رقعة النيران بشكل غير متوقع، واجتاح الدخان الأسود المنازل، بسبب ما قيل بإنها مواد سامة مخزنة، وبسبب تخزين مواد غير قانونية سريعة الاشتعال وموضبة بشكل عشوائي.
هي دهاليز الضاحية، لا أحد يعرف ما يجري في ظلام دويلة خارجة عن سيطرة الدولة، لا تعترف بالدولة الا عندما تحتاج خدماتها. وها هو وفيق صفا، يقف فوق الصفيح الساخن يستنجد بفرق إطفاء بيروت والدفاع المدني، بنبرة عالية مؤكداً أن “الأمر له”، وبدل أن يتواضع وأن يساعد، وأن يكون مواطناً عادياً ككل اللبنانيين، يتوسط حراسه ويتفاصح ويتعالى ويعلّم مسؤول الدفاع المدني، ولو كان يملك عصا الرب السحرية لربما وقف وقال للنار انسحبي، وكأنه كاد أن يفعلها، تماماً كما تجرأ وهدد القضاة في قلب العدلية في ملف تفجير المرفأ، وتجبر على آلام أهالي الضحايا وهدد بعضهم، لكنه نسي أن الترسانة الوحيدة الجبارة هي يد الرب، فعساك تتواضع يا صفا ويتواضع معك حزبك رأفة بناسكم ومعاناتهم.