كتبت غرازييلا فخري في “المسيرة” – العدد 1743
منسقية بيروت تواكب متضرّري 4 آب
شربشي: كنا رأس حربة ونبقى!
هناك عند حدود البحر ومغيب الشمس، احترق قلب بيروت ألمًا وحزنًا ودمارًا، وانقلب جمالها دخانًا أسود مليئًا برائحة الموت وأنين الجرحى… هناك، في ذاك اليوم المشؤوم، رسمت يد الغدر غيومًا سوداء وركامًا في الشوارع والبيوت… ثلاثة أعوام مرّت على أكبر انفجار شهده القرن الحادي والعشرون، وجرح بيروت ينزف وينزف بين أهالٍ فقدوا أحباءهم وبين انتشار الإفلات من العقاب في دولة تعرقل مسار التحقيق، وتحاكم المجني عليه بدل الجاني…
ثلاثة أعوام مرّت، ولا تزال بيروت تلبس ثوب الحداد منذ ذاك الرابع من آب 2020، أبنية ومحال فقدت شاغليها، شبابيك مكسورة وأبواب مخلّعة، حيطان مهدمة وبيوت لا تزال مهجورة، على رغم كل الجهود المبذولة لبناء وترميم ما تهدم، ومرفأها إبن الستة الآف سنة من الحضارة، لم يستطع الى اليوم استرجاع كامل طاقته في العمل، في ظل الدمار الذي طال الأرصفة والمخازن فيه. فأين ست الدنيا بيروت اليوم؟؟
اللبناني بطبيعته يحب الحياة، ويعيشها ويتأقلم مع ظروفها، وهذه المرة أيضًا لم يخب الظن به، فتأقلم مع أسوأ الظروف، وهل هناك أسوأ من الحالة التي نعيشها اليوم على كافة الصعد الاجتماعية والاقتصادية والسياسية؟ من هنا، يؤكد منسق بيروت في القوات اللبنانية إيلي شربشي، على أن الحياة عادت الى بيروت، وذلك بفضل الجهود التي بُذلت في هذا الإطار، والتي كان لحزب القوات فيها حصة كبيرة، فكان موجوداً الى جانب أهله ورفاقه ومناصريه في المنطقة الأكثر تضررًا، بدءًا من الأشرفية وصولاً الى مار مخايل، مرورًا بالرميل والصيفي، والمدوّر، من دون أي تمييز.
“القوات اللبنانية هي الحزب الوحيد الذي كان يعمل بشكل مباشر ومنظم ومن دون أية مواربة، ورئيسه الدكتور سمير جعجع هو كرئيس حزب الوحيد الذي نزل واستطلع الواقع على الأرض بعد الانفجار، وأعطى توجيهاته المباشرة بإنشاء مبادرة الـ Ground-0 التي ساهمت بحوالى 3 ملايين دولار أميركي لإعادة إصلاح وترميم المنازل والمحال التي تضرّرت من جرّاء هذا الانفجار، وترأستها الوزيرة السابقة مي شدياق”.
ويكمل شربشي: “في المرحلة الأولى بعد وقوع الانفجار، قدمت القوات مساعدات غذائية وطبية واستشفائية للمتضرّرين، كما عملت على إيجاد مأوى لعشرات العائلات ممّن تهدمت منازلهم، عبر معارفها ومناصريها الى حين تصليح منازلهم أو إيجاد بديل لهم. بالإضافة الى المشاركة في أعمال التنظيف ورفع الركام من الشوارع واستئجار الآليات والمعدات الخاصة بهذا الموضوع. لكن، مع الأسف، على الرغم من كل الجهود التي بُذلت لا يزال هناك عدد كبير من الأبنية لم تُرمّم، وبعضها مهدد بالسقوط في أي لحظة، مما يشكل خطرًا على السلامة العامة.
الى ذلك، وقفت القوات الى جانب الأهالي المتضرّرين الذين فقدوا أحباءهم والجرحى منذ اللحظة الأولى، وجنّدت ماكينتها الحزبية والسياسية والنقابية لدعمهم، فكانت الداعم الأول لتحركات الأهالي على الأرض خصوصًا أمام قصر العدل للتذكير بأن هذه القضية لم تمت. نحن منهم وهم منا، نتواجد معهم بصفتنا الشخصية والحزبية، وما المؤتمر الصفحي الأخير الذي عقده تكتل “الجمهورية القوية” بهذا الخصوص، والعريضة الموقعة التي رفعناها الى الأمم المتحدة وصدور تقرير عن لجنة حقوق الإنسان فيها، سوى دليل حسي على ما تقوم به القوات اللبنانية لإبقاء هذه القضية حيّة، محاولين قدر المستطاع عبر نوابنا في البرلمان تسريع وتيرة العمل، ولن نوفر جهدًا بهذا الموضوع، والمطالبة بإعادة التحقيق الى الحياة والى مساره الطبيعي، وقد كنا رأس حربة رفضًا للقرار الذي صدر عن مدعي عام التمييز بإقالة القاضي بيطار، وممثلو القوات في نقابة المحامين ساهموا بشكل كبير في صدور رفض النقابة لهذا القرار. وهذا واجبنا الطبيعي بمتابعة قضية تفجير 4 آب ومسار التحقيق فيه للوصول الى كل الخيوط والأدلة التي تسمح بمحاكمة ومعاقبة جميع المتورطين في تسببه.
لا يختلف اثنان على أن انفجار مرفأ بيروت أحدث دمارًا هائلًا فيه وفي محيطه، سبّب ضررًا كبيرًا في آلاف المباني التراثية من الزمن العثماني والفرنسي، وهذه المباني هي كل ما تبقّى من وجه بيروت الأثري والتراثي، لذلك كان لا بد من التدخل السريع لحماية هذه الأبنية، فصدر القانون رقم 194 بتاريخ 16/10/2020، الرامي الى حماية المناطق المتضرّرة نتيجة الانفجار، من أجل حماية معالم بيروت التراثية التاريخية، والتي لم يبقَ منها سوى عدد قليل من الأبنية التراثية، تضرّر قسم منها في هذا الانفجار. وشمل هذا القانون مناطق المرفأ، والصيفي، والمدوّر، والرميل، حيث منع لمدة سنتين القيام بأي عمل تصرفي ناقل للملكية يتناول العقارات أو الأبنية الواقعة في المناطق المتضرّرة.
وقد كان لحزب القوات الأثر الأكبر في صدور هذا القانون، بعد رفعه كتابًا بهذا الخصوص الى رئيس الحزب، الذي حوّله بدوره مباشرة الى الوزيرة السابقة مي شدياق، والتقت حينها محافظ بيروت، بعدها عقد تكتل “الجمهورية القوية” اجتماعه لدراسة مشروع هذا القانون، وتم رفعه عبر نائب بيروت وقتها عماد واكيم وتكتل “الجمهورية القوية” الى مجلس النواب الذي صادق عليه، وسنستمر في المطالبة بتمديد مفاعيله الى حين عودة الناس الى بيوتهم، حمايةً للوجه التراثي الحضاري والديموغرافي للمنطقة.
تتحضّر منسقية بيروت لإحياء ذكرى 4 آب مع الوزير السابق غسان حاصباني، كما أننا نواكب أهلنا ورفاقنا الذين أصيبوا جرّاء هذا الانفجار، من خلال المساعدات الاجتماعية والطبية، وذلك على قدر الوزنات التي بين أيدينا. بالإضافة الى تقديمنا الاستشارات والخدمات القانونية التي يطلبها منا المتضرّرون، ونعمل على تأمين التواصل بينهم وبين الجمعيات التي لا تزال تعمل وتواكب عمليات الترميم. كما أن المنسقية تواكب الحزب في جميع مواقفه السياسية التي تصدر عنه، فننشرها ونوزعها ونعمل تحت رايتها كي لا تموت هذه القضية.
وبحكم وجود منسقية بيروت في قلب العاصمة التي تحتوي على تيارات سياسية وأحزاب عقائدية مختلفة، فإن للعمل الحزبي القواتي هناك نكهة خاصة، يؤكد شربشي على الرغم من بعض الصعوبات التي تواجهه ولكنها ليست بالصورة الضبابية القاتمة التي يحاول تسويقها الخصوم، فبيروت ذات طابع سيادي، وبالتالي فإن أهلنا في بيروت الثانية من سنّة ودروز وقسم من الشيعة هم سياديون بطبعهم ويؤمنون بالدولة، وقد تشاركنا معهم النضال والثورة منذ 14 آذار 2005 ولغاية اليوم، لذلك نحن نعتبر أنفسنا بين أهلنا وإخوتنا، ولدينا مركزان حزبيان، ونتشارك معهم جميع مناسباتهم الاجتماعية والسياسية والدينية، ولدينا حلفاء منهم مثل النواب وضاح صادق وفؤاد مخزومي، وفيصل الصايغ، وبالتالي نحن وهم حال واحد، كما لا يمكننا أن ننسى أنه من أصل 3 آلاف صوت حصل عليها مرشحنا ميشال فلاح في الانتخابات النيابية الأخيرة هناك حوالى 800 صوت غير مسيحي، وبالتالي هؤلاء أصدقاء ومناصرون للقوات نتواصل معهم دائمًا. أما بيروت الأولى، فهي عصب الثورة السيادية كانت وستبقى كذلك.
للإشتراك في “المسيرة” Online:
http://www.almassira.com/subscription/signup/index
from Australia: 0415311113 or: [email protected]