خلع الشيخ ياسر عودة عمامته على الهواء مباشرة وقال: “اذا كانوا يريدون عمامتي فليأخذوها. إذا خلصتوا من العمامة رح تخلصوا من ياسر عودة؟ سأبقى أجاهر بالحق ما دمت حياً ولن يسكتني الا الموت. كلما نطقت بكلمة حق أتعرض لحملة تخوين شعواء، أصبح بنظرهم عدو الإسلام الأول، وقاتل الحسين، وتصدر بحقي الفتاوى والاتهامات الجاهزة، لم يتركوا اتهاماً الا وألصقوه بي، حتى أمي لحقوا بها الى القبر واتهموها أنها ماتت وهي غير راضية عني…”!
من أهم “مميزات” الدويلة، حرية الرأي “الفاقعة” التي تقارب “الفلتان”… ربما! من أهم مميزات حاكم الدويلة، أن سيّدها ما عاد يحتمل أي فكرة، ولا أي فكرة معارِضة لنهجه الإرهابي بحق لبنان، وخصوصاً إذا كانت صادرة عن البيئة الشيعية، أو عن أي لبناني شيعي، لبناني حقيقي، وبحكم سطوته على قرارات المجلس الشيعي الأعلى، يصدر الأخير الفتاوى بحق هؤلاء المعارضين لنهج الدويلة وسيدها، غير آبه بكرامات الناس ولا بحقوقهم ولا بمكانتهم الدينية والاجتماعية والأهم، الفكرية.
16 شيخاً صدر بحقهم قرار نزع عماماتهم، وأبرزهم الشيخ ياسر عودة الذي حوّل قضية البيان الصادر ذاك، الى قضية رأي عام، تتعلق مباشرة بجوهر الحرية الإنسانية، وهي حرية الرأي، فصعّد لهجة الردّ بوجه تلك الأحادية القاتلة لجوهر لبنان، وجوهر الأديان فيه، ووقف الى شاشة التلفزيون نازعاً عمامته، معلناً أن ليس العمامة من تصنع رجال دين أنقياء بل المواقف الوطنية الكبيرة. الشيخ عودة معروف عنه مناهضته لمواقف “الحزب”، وسياسته الهدامة لكيان الدولة اللبنانية، ولطالما طالب بعودة الحزب الى البيئة اللبنانية والانسلاخ عن إيران، وفي كل خطبة يتطرّق فيها الى انتقاد أداء “الحزب”، يتعرض الشيخ الى تهديدات وسلسلة حملات تخوين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لكن لم يكن يتوقع أن تصل الأمور بهم الى درجة أن يصدر المجلس الشيعي الأعلى، فتوى بنزع عمائم المشايخ المعارضين، خصوصاً بعد انتقادهم للحزب لما حصل أخيراً في بلدة الكحالة.
“أنتم أصبحتم أدوات سخيفة بيد “الحزب”، وعمائمكم باتت في خدمة السلطان الجائر، وأصبحتم سجناء أذلاء”، قال بغضب كبير الشيخ محمد الحاج حسن، الذي تضمنت لائحة نزع العمائم تلك اسمه، وهو الذي يجاهر يومياً بانتقاده للحزب وسيده وأدائه. “أنتم المجلس الشيعي الأعلى الذي يجب أن يكون الأم الحاضنة لكل الشيعة، أصبحتم أداة سخيفة ورخيصة بيد “الحزب”، وعمائمكم أصبحت بخدمة السلطان وميليشيا السلاح التي تدمر البلد، أصبحتم عبيد هذا الحزب”، أضاف الشيخ حسن.
الخطير في بيان المجلس الشيعي الأعلى، ليس قرار نزع العمائم المتفلتة من قبضة الحزب وحسب، بل ما تضمّنه من قمع مباشر لحرية الرأي لطائفة كبيرة، فيها ما فيها من طاقات فكرية وإنسانية كبيرة، ومصادرة حرية الأفراد وتعميم نهج قمعي بائد، يعتمد على الترهيب والتخوين والاستبعاد للاستعباد، وتحويل لبنان الى واحة إيرانية محكومة من الضاحية، مخلوعة الإرادة، وكأن افرادها آلات تتحرك بمفتاح تحريك من الضاحية ولا سواها، والأخطر أن المجلس الشيعي تحوّل الى محكمة تدين وتقاضي الأفكار الحرة الخارجة عن نطاق مفهوم الحزب للحرية.
الى هنا انحدر لبنان مع الدويلة تلك، لبنان الحرية وتبادل الأفكار وحرية الأديان والمعتقدات!
ليست العمامات من تصنع الرجال الشجعان بمواقفهم وضمائرهم الحيّة يا سيد، بل المواقف الوطنية الكبيرة والضمائر النقية، والإيمان المطلق بالله الواحد، الذي منحنا العقول لنكون أحراراً أحراراً أحرار، ولن نكون سوى ذلك في دولة اسمها لبنان، حرة منفتحة مستقلة عن دويلتك تلك التي تنتهك حرية الانسان لتعيش في قبور التخلف.