بالفيديو: ابتسمي يا أمّ الشهيد

حجم الخط

لتبقى لنا الحرية، كَوَت الامهات البدلات الزيتية، لمّعوا الرناجر السود، حمل الأب المسبحة في صحن الدار يصلي، وقفت الابنة عند الباب وحمل الابن فخوراً، جعبة الاب، وقفت الاخت عن باب الجيب العسكري، ولما غاب في ضباب الطريق مع رفاقه، وقفوا جميعاً عند باب الانتظار يصلون لعودته سالماً، غاب في المتاريس وغبار الرمال ولوعة الخوف وضباب النار والبارود، وبعد أيام قرع الباب، وقف رفيقه مبللاً بالعنفوان يقرع متردداً.

فتحت الأم الباب ورأت عينيه، لم تسأله عرفت أنها أصبحت أم الشهيد، تقدّم الأب يمد يديه والدمع تحجّر في الكرامة، “تفضلوا هيدي بدلة رفيقي بعدو الدم عالق على خيوطها، والله العظيم ريحتها بخور”، غرق وجهها في قبلات الخيوط الحمراء، لم تغسلها، تركت دماء ابنها علامة الأيام، “هيدا ابني الشهيد ودمّاتو صلا”، حمل الأب ابنه صورة وعلّقها على عيون الزمن “قدمتلِك ابني يا هالارض عطيني فداه حرية”، لبس الاهل عرس الشهادة ولون العرس دائماً أبيض حتى في غياب العرسان نحو ضياء الرب، صار لبنان علامة، صار المقاومون شهداء التراب الغالي، البستنا الأيام مجداً ربي أن نكون نستحقه، أن نكون نستحق دماء الأبطال، كل ما فينا ينبض قوات، كل ما فينا يلبس البدلة الزيتية المزينة بدم الشهيد، ما زالت بدلاتهم عالقة على شغافنا وعيونهم من خلف الصور تصرخ حرية. ماتوا؟ لم يفعلوا بعد إنما راحوا لبعض الوقت عند يسوع لتبقى لنا الحرية ولنعيش على رجاء قيامة أرض الوطن المغمّس بدمائهم النقية. هذه حكاية شرف حُيكت سطورها بدماء الشهادة وشعاع الإيمان، حكاية لم يعشها الا المقاومة اللبنانية.

ابتسمي يا أمّ الشهيد.​

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل