البطولات البعيدة من عدسات الكاميرا.. شهداء المقاومة اللبنانية

حجم الخط

 

هم كثر، لم نعرفهم جميعاً لكننا سمعنا عنهم، وحفظنا بطولاتهم عندما تنافسوا وتحدوا الموت من أجل الدفاع عن لبنان وعن مجتمع آمن بالحرية وأراد العيش بكرامة.

أسماء كثيرة في المقاومة اللبنانية لم تسعها الأرض، فاختارت الأفق على مساحته، وامتلأت الصور وضجت السماء بأرواحهم العابرة إلى دنيا الحق.

كثيرة هي روايات البطولة التي سُطرت بدماء شهداء المقاومة اللبنانية، أكثر من 15 ألف شهيد زيّنوا جبين الوطن بصدورهم وجبلوا الأرض بعرق القضية، فشرب أرز لبنان من جهد بنيانهم ليبقى شامخاً.

يومها، لم تكن التضحية مقابل منصب، لم تكن مكافأة الشهادة بمقعد نيابي، أو بكرسي وزير، أو بتعيين من هنا ومكاسب من هناك، بل كانت بطولة المقاومة اللبنانية مفتوحة، تَنافس فيها المقاومون فقط لنيل كأس الشهادة، مقابل مصير مجتمع مهدد بوجوده ومقدساته.

يومها كانت البطولة فقط للحفاظ على الكنيسة، وعلى صوت جرس يصدح فرحاً وإيماناً، دائماً وأبداً. يومها كانت الأرض تتزحزح تحت أقدامنا، ووطننا المهدد بالسرقة حاولوا استبداله بشعب آخر أراد تهجرينا. يومها كان النظام السوري يسعى الى جعل لبنان محافظة سورية خاضعة لجيش الأسد. يومها لم يكن هناك من مواقع تواصل اجتماعي، ولا هواتف ذكية توثق بطولات الرفاق، بل محتل طامع وغبي ودماء ذكية مُقاومة ناضلت بعيداً من عدسات الكاميرا. البعض استشهد بصمت، في ليل ماطر ومثلج، والبعض الآخر استشهد فكان عرس الشهادة صامتاً، وحده ضجيج البطولات وزغاريد أم الشهيد مزّقت ذلك الصمت، وحدها الدموع كانت شاهد الحق الحيّ على رحيل الأبطال، ووحدها ثياب الحداد التي لفّت أجساد أمهاتنا شكّلت العلامة الفارقة والعنوان الصارخ لكل من ارتقى على مذبح الوطن.

يومها، كانت جدران مناطقنا المحررة بمثابة حائط إعلان، صور الشهداء تغطي الجدران، “مات ليحيا لبنان”، صور شباب في أقل من ربيع عمرهم، وما دون الـ18 عاماً. لم يكن حلمهم يواكب مستوى أعمارهم، بل كانت أحلامهم أكبر، كبيرة بحجم الشهادة، نبيلة حتى حدود بناء المستقبل على طريقتهم الخاصة. حبذا لو كان مستقبلهم، هم بنوا المستقبل من أجلنا، لتبقى لنا الحرية وليبقى لنا لبنان.

يعود أيلول في كل عام مكللاً بالغار، وطعم النار وحرقة القلوب، تتزاحم فيه مشاعرنا وتختلط أحاسيسنا وكأننا نعيش في ذلك اليوم والعصر، عندما كانت سواعد الشهداء مشبوكة وملتحمة الشرف الذي دافع عن قدسية المقاومة اللبنانية ونهجها وقضيتها.

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل