معلومات استخباراتية وراء تصعيد ماكرون تجاه طهران 

حجم الخط

لا شك أن كلمة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمام السفراء الفرنسيين المعتمدين في العالم، وتحديداً في الجانب الذي خصَّصه للبنان منها، ليست أقل من إعادة خلط لمجمل الأوراق الرئاسية في ملف الاستحقاق الرئاسي المعطل في لبنان. ومن الواضح أن ماكرون تقصَّد الكلام بالمباشر عن تدخل طهران، بإشارة واضحة إلى دور طهران السلبي من خلال أذرعها في لبنان وتحديداً “الحزب”.

أهمية موقف ماكرون أنه يأتي عشية عودة موفده الخاص جان إيف لو دريان المكلَّف بمتابعة مساعي الحل السياسي في لبنان، بدءاً من إنجاز الانتخابات الرئاسية المعطَّلة. علماً أن ماكرون شكر لو دريان على الجهود التي يبذلها، آملاً أن يتوصل إلى حلّ سياسي في مدى قصير، مع تصويب مباشر على أن أحد العناصر الأساسية لهذا الحل السياسي سيمرّ من خلال توضيح موضوع التدخل الايراني في لبنان بالتأكيد.

المحلل السياسي علي حمادة، يشير، في حديث إلى موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، إلى أن “خطاب ماكرون خلال الاجتماع السنوي التقليدي الذي تقيمه الرئاسة الفرنسية لسفراء فرنسا في العالم، كان واضحاً لدى تطرقه إلى المسألة اللبنانية وبشكل خاص إلى العامل السلبي الإيراني في لبنان، إذ أشار إلى أن طهران تعيق إنجاز الاستحقاق الرئاسي في لبنان”، معتبراً أن “هذا نوع من التصعيد بوجه الإيرانيين”.

حمادة يرى، أن “للمسألة أوجه عدة ولا تتعلق فقط بالموضوع اللبناني. فالمبادرة الفرنسية عالقة في عنق الزجاجة، لأن (الحزب) مصرّ على مرشحه سليمان فرنجية رئيساً ولا يريد أن يفاوض إلا حوله، وبالتالي هو يغلق إمكانية حتى الحوار. والدعوات الفرنسية للحوار مغلقة، ليس فقط بسبب موقف المعارضة التي تدعو إلى تطبيق الدستور والنزول إلى المجلس النيابي وعقد جلسات متواصلة وانتخاب الرئيس، بل لأن (الحزب) يرى الحوار من منظار القبول وفرض فرنجية”.

كما ينوِّه، إلى أن “ماكرون حين يتحدث عن طهران، هو يشير بصراحة إلى أن موقف (الحزب) ليس موقفاً لبنانياً داخلياً وإنما موقف إقليمي خارجي، أي أن (الحزب) هو إيران في لبنان. أما النقطة الثالثة، فتعود إلى التوتر الكبير الحاصل في الإقليم”.

يتابع في النقطة الأخيرة: “من الواضح أن هناك غلياناً في سوريا في العديد من المناطق، لا سيما على الحدود العراقية السورية. لكن اللافت أنه قبل يومين من اجتماع الإيليزيه للسفراء الفرنسيين في العالم، تعرّضت إحدى الدوريات التابعة للتحالف الدولي في العراق لكمين في منطقة تقع شمال محافظة صلاح الدين وكانت تطارد خلية لتنظيم (داعش)”.

حمادة يكشف، عن أن “ثمة معلومات استخباراتية تشير إلى أن هذه الدورية، ومن ضمنها هناك جنود فرنسيون وهناك جنود من فرقة مكافحة الإرهاب العراقية المسمّاة مجازاً الفرقة الذهبية، وقعت في كمين أُعدَّ من قبل فصيل من الحشد الشعبي الموالي لإيران، وفق ما تقول المصادر الاستخباراتية. وذلك في إطار التوتر القائم على هامش مطالبة واشنطن الحشد الشعبي بالتراجع مسافة 150 كيلومتراً عن الحدود السورية”.

يضيف: “الكمين أدّى إلى مقتل جندي فرنسي، وهو ثالث جندي فرنسي يُقتل في مدة قصيرة بالعراق، وإلى جرح ثلاثة آخرين، إضافة إلى الجنود العراقيين. وهذه رسالة تلقَّتها دوائر الإيليزيه بمرارة، وثمة شكوك مبنية على معلومات استخباراتية أن الفصائل الموالية لإيران هي من أوقعت هذه الفرقة من التحالف الدولي والجنود الفرنسيين في مصيدة”.

في السياق ذاته، يلفت حمادة، إلى أن “ما عزّز الشكوك، بحسب المصادر الاستخباراتية، هو أن تنظيم (داعش) لم يصدر أي بيان حول الحادثة وقد مرّت أيام عليها، في حين أنه عادةً يفاخر بقتل جنود من التحالف الدولي ويسارع إلى تبنِّي هجوماته. فضلاً عن أن هناك ما يشبه طيّاً لصفحة هذه العملية في الإعلام الرسمي العراقي”.

وفق حمادة، “تفسير ارتفاع حدة الخطاب الفرنسي تجاه إيران، يعود إلى ثلاثة عوامل: الأول، العامل الرئاسي اللبناني، بأن (الحزب) يعيق انتخاب رئيس للجمهورية، وهو امتداد لإيران وليس حزباً لبنانياً عادياً. وثانياً، التوتر الإقليمي، وتجلَّى في الكمين الذي أشرنا إليه”.

أما العامل الثالث، الذي يعتبر حمادة أنه يمكن إضافته في إطار التحليل، “يتعلَّق بالكباش الحاصل في نيويورك حول التجديد لقوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان، وإصرار (الحزب) على سحب البند رقم 16 المتعلق بحرية حركة قوات اليونيفيل في منطقة عملياتها، والمناورة حتى اللحظة الأخيرة في هذا الإطار”.  حمادة، يشدد على أن “هذه العوامل مجتمعة هي وراء أسباب تصعيد الخطاب الفرنسي تجاه طهران، تبعاً لتدخلاتها في لبنان والمنطقة بما يضرب الأمن والاستقرار”، معتبراً أن “الاستحقاق الرئاسي في لبنان أسير توترات المنطقة، خصوصاً لناحية الدور الإيراني”.

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل