من المفهوم أن يمارس فريق الممانعة، بقيادة الثنائي الشيعي، ما تعوّد عليه من أساليب ملتوية ومناورات ممجوجة في التعاطي مع الاستحقاقات الوطنية، في سبيل تأبيد هيمنته على الدولة. ولن يكون استغلال موقف سيّد بكركي البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بما خص الحوار في سياق الاستحقاق الرئاسي، الأخير في هذا المجال، في محاولة مستهجنة لتشويه موقف البطريرك الراعي وجرّ بكركي إلى شركه في الالتفاف على الدستور وتعطيله.
لكن هيهات أن ينجح فريق الممانعة في إيقاع بكركي في فخّه ودفع البطريرك الراعي إلى هذا الموقع. فضلاً عن أن تلك المحاولات تدلّ على مستوى هذا الفريق الذي لا يخجل بلعب هذا الدور الممجوج في التعاطي مع مرجعية تاريخية ووطنية كبرى بحجم بكركي.
أوساط قريبة من بكركي، تشير إلى أن “البطريرك الراعي عندما يدعو إلى الحوار، يعتبر أنه يدعو إلى حالة يُفترض أن تكون دائمة في لبنان بين مكوّنات الوطن على اختلافها. وتالياً، دعوته إلى حوارٍ كما ظهرت في كلمته الأخيرة، ليست لتعطيل الاستحقاق الرئاسي بل للتأكيد الثابت على التوجه نحو الاستحقاق الرئاسي، وللتأكيد أكثر فأكثر على ضرورة معالجة بعض العقبات التي تقف حجر عثرة في وجه إنجاز الاستحقاق، وليس الحوار على الرئيس والمبادئ والبرنامج”.
الأوساط ذاتها، تؤكد، عبر موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، أنه “لا يمكن للبطريرك أن يؤيّد كل من يعرقل تطبيق الدستور ويعطّل الاستحقاق الرئاسي بحجج واهية، بل هو يريد تعطيل مناورات المعطّلين، إن بالنسبة للنصاب أو بالنسبة لتبرير المقاطعة”، مشددةً على أن “البطريرك الراعي لن يتأخر في الإضاءة أكثر على حقيقة موقفه وتوضيح ما ينبغي توضيحه، لأنه لا يمكن أن يتخلى عن الثوابت التاريخية والوطنية لبكركي والتي لا تقبل أي تأويل وأي جدل”.
من هنا، تشدد الأوساط عينها، على أن “بكركي التي تعتبر نفسها قيّمةً على لبنان الوطن وداعمةً للبنان الدولة، لا يمكن أن تفرِّط بأي مبدأ، وبأي ثابتة قد تهدِّد الميثاق الوطني الذي هو الأساس، وهو الذي يسبق في الترتيب الدستور والقانون والاستحقاقات على اختلافها”، لافتةً إلى أن “الميثاق أسمى من الدستور. ومن هنا كان تثبيت الميثاق في وثيقة الوفاق الوطني عبر مقدمة الدستور، التي أكدت على أن لا شرعية لأي سلطة تناقض مبدأ العيش المشترك”.
تضيف: “لولا هذا الميثاق لما وُلد لبنان. والميثاق هو الذي يحدِّد دقائق التوازن بين مكوّنات الوطن. بالتالي، إن تلاعب فريق معيّن، لا سيما عندما يكون فريقاً مذهبياً يتمثل بالثنائي الشيعي، باستحقاق يعني اللبنانيين جميعاً بطبيعة الحال، لكنه يخصّ المسيحيين بالدرجة الأولى والموارنة تحديداً، لا يمكن المرور عليه مرور الكرام، ولا يمكن التسليم به بأي شكل وإرسائه كعرف يطيح بالميثاق وبالدستور الواضح نصّه في ما يتعلّق بالانتخابات الرئاسية”.
الأوساط القريبة من بكركي، تؤكد أن “موقفها واضح ولا يحتمل التفسير والتأويل. إن الاستحقاق الرئاسي يجب أن يُنجز كما نصّ عليه الدستور، وإلا نكون أمام تهديد جدّي للميثاق الوطني الذي يرعى الوطن والدولة. بالتالي، لن يكون معنىً للبنان ولا مبرر لوجوده واستمراره في حال سقوط الميثاق الوطني”.