عقيص: الحنتوش استشهد لأنه ابى أن يعيش مواطن درجة ثانية

حجم الخط

بحزنٍ بالغ وأسفٍ عميق أحيت منطقة بنت جبيل في القوّات اللبنانية قداس الأربعين للقيادي الشهيد إلياس الحصروني المُلقّب بالحنتوش، وذلك في كنيسة السيّدة – عين إبل.

وقد حضر القدّاس إلى جانب عائلة الشهيد، وفداً رسمياً من القوات اللبنانية ضم عضو تكتّل “الجمهورية القوية” النائب جورج عقيص مُمَثِلاً رئيس الحزب سمير جعجع، النائب سعيد الأسمر، النائب السابق أيدي أبي اللمع، رئيس جهاز الشهداء والمصابين والأسرى شربل أبي عقل وعضو المجلس المركزي إيلي أبي طايع، كما حضر رئيس حركة الإستقلال النائب ميشال معوّض، رئيس بلدية عين إبل عماد اللوس، مختار البلدة رفيق عتمة، المرشّح السابق عن منطقة مرجعيون – حاصبيا فادي سلامة، الموفد الخاص لرئيس الحزب إلى بعض مناطق الجنوب جان العلم، الأمين المساعد لشؤون المناطق جورج عيد، عدد من مُنسّقي المناطق، وحشد من أبناء البلدة والمنطقة وفعاليات ومحازبين.

ترأس الذبيحة الإلهية الأب حنّا سليمان عاونه لفيف من الكهنة. بعد الإنجيل المقدّس ألقى الأب سليمان عظة جاء فيها: “رفيقنا الياس الذي كان من بين المؤمنين والمتواضعين أمام الله، هو الإنسان الشجاع المعطاء الذي استمدّهم من إيمانه بالمسيح، ببلدته، وبالوطن الذي نشأ وعاش فيه.

وتابع سليمان: “لم يرد الياس أن يظهر بأي عمل، بل كان بطلاً مجهولاً ساعد المحتاجين في كل اللحظات.”

وسأل الأب سليمان: “ما سبب قتل الحصروني، ولماذا هذا الغدر، مجيبًا بأقوال المسيح: “ستُضطهدون من أجل إسمي”، مشيرًا الى أن كل مسيحي هو مشروع شهادة وموت، لكننا نُدرك أن بعد الموت القيامة”.

واعتبر سليمان أن الحصروني حمل عين إبل بقلبه، وقد عمل من أجلها بعكس فشل الدولة.

وتابع سليمان: “الجميع يصرخ “الحنتوش حي فينا”، وهو حي بإيمانه، بالمحافظة على أرضنا وكرامتنا وشرفنا. ولفت الى أن أرض عين إبل مجبولة بالدم من سنة 1920، ومدفن الشهداء يشهد ولا يزال وسيظل يشهد أن هذه الأرض هي مقدّسة، وطأتها أقدام المسيح، وانجبلت بدم وعرق أبائنا، وأجدادنا وخيرة شبابنا وشاباتنا، الذين رحلوا لنبقى نحن.”

وأردف سليمان: “لا يعتقدوا انّه بموت الحنتوش، والغدر به، تكون عين إبل قد انتهت، تمامًا لا، لأن درب الشهداء هو زرع الإيمان، وعند كل اغتيال شهيد بأي بقعة من الوطن يتماسك الشعب مع بعضه اكثر وأكثر”. وأضاف سليمان: كما بحرب 2006 ذهبنا وعدنا، نقول لكل معتدٍ: “سنتجذّر بأرضنا حتّى الرمق الأخير”

وختم الأب سليمان: “لا القتل ولا التهجير يُرهبوننا، بل فقدان الإيمان، لأن مع فقدان الإيمان، نفقد المحبة والرجاء، وعلى هذه المبادئ عاش الحنتوش في وطنه ومع عائلته ومجتمعه”.

بعد القداس أقيم حفل تأبيني في صالون الكنيسة قدمته رئيسة مكتب الإعلام والتواصل في المنطقة لين حبيب التي اعتبرت أن إلياس الحصروني قد دخل التاريخ بجرأته واستشهاده كما دخل قلوب الجميع في حياته.

بعدها ألقى عقيص كلمة جاء فيها: “استشهد الحنتوش لأنه ابى أن يعيش مواطن درجة ثانية، بل استشهد بمرتبة الشرف، لأنه كان مؤمنًا بسيادة وطنه حتى رمقه الأخير.

واعتبر عقيص أن أربعين إلياس الحصروني ليس مناسبة عابرة بتاريخ حزب القوات اللبنانية، بل هو محطّة للعبرة، لتجديد الإلتزام بالقضية، لإعلان استمرارية مقاومتنا حتى نهاية النفق، حتى العبور إلى الدولة، حتى بزوغ فجر الجمهوريّة القويّة”.

وأكّد عقيص، أن عملية اغتيال الحصروني هي رسالة تخويف وتهديد، رسالة قمع وبطش، رسالة جبانة من أشخاص جبناء، انتصر عليهم الحنتوش مرّة وهو حي، ومرّة بتلاحم ابناء منطقته ووحدة موقففهم حول استشهاده.

ولفت عقيص إلى أنه ومن بعد 40 يومًا لا جديد في التحقيقات سائلًأ: “اذا اعتبروا ان سبب اغتيال الحنتوش شخصي، لماذا لم تظهر التحقيقات الفعلية؟ وكيف أن تنظيم عسكري عنوانه “حزب الله” يسيطر على المنطقة على غير علم بعملية الإغتيال ودقتها وسرعتها وعدد الفاعلين؟”.

وتابع عقيص: “أما إذا كان اغتيال الحنتوش وطني، كما نقول، فيتوجّب على الدولة أن تتحمل مسؤوليتها وتؤمّن الحماية لمواطنيها”، لافتًا أن تقصيرها واضح جداً.

من جهة أخرى طالب عقيص المسؤولين القضائيين والأمنيين الذين يؤجّلون التحقيق بالتحرّك، وإلّا أن يستقيلوا، لأننا لن نقبل بدفع رواتبهم من جيوبنا وهم يمتنعون عن تأدية واجبهم.

كما طالب عقيص بعدم استعمال عبارة “مسيحيي الأطراف”، لأن لا وجود لهذه العبارة، بل اعتبر أنه حيث يكون وجود مواطنين مناضلين، يكون قلب الوطن وعمقه”.

وشدّد عقيص قائلًا: “نريد قانون يكون الحَكَم بين اللبنانيين، مستقبل يدفعنا للعيش المشترك، وكما عشنا سويًا من 1000 سنة بمقدورنا ان نستمر بالعيش 1000 سنة قادمة تحت حكم الدستور والقانون وليس تحت إرادة الفرد وجماعات المصلحة”.

وتابع عقيص: “المطالبة بالعدالة ليس تحريض، المطالبة بتطبيق الدستور بكل استحقاقاتنا الوطنية ليس تعطيل”.

وأردف عقيص: “أسوأ أنواع الإنهيار التي حصلت في وطننا هو الإنهيار الأخلاقي، هو انقلاب القيم السياسية رأسًا على عقب، وأضحت الديمقراطية حوار والتمسك بقيمها هرطقة، وباتت المطالبة بكشف حقيقة أي اغتيال تحريض ومساس بالسلم الأهلي والجريمة بحد ذاتها من طقوس السلم الاهلي”.

وتعليقًا على كلام رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل قال عقيص: “بآخر خطاب اعتبرت أن حماية المسيحيين في لبنان لا تتم من خلال حفلة التحريض التي تحصل بعين إبل”، وتابع عقيص: “امتنع عن الحديث عن حماية المسيحيين، لأنهم هاجروا ويأسوا وسُرقوا على عهدكم”.

وأردف عقيص: “إذا كانت المطالبة بالعدالة تحريض فليتك تحرّض معنا، وإذا كانت الذمية والانبطاح ومسايرة القاتل هي الحكمة والوعي برأيك، فسوف نترك لك هذا الوعي الذي لا يُشبهنا وتلك الحكمة التي لا تُشرّفنا”.

وقال عقيص أن “دم الحنتوش غالي ولهذا السبب اجتمع عدد كبير من الاشخاص هنا في عين إبل، كما غيبة المخفيين في السجون السورية”، وأعلن عن رفع عريضة الاسبوع الفائت تُطالب الأمين العام للأمم المتحدة بضم هذا الملف لإختصاص المؤسسة التي سوف تتشكل قريبًا للتحقق بمصير المخفيين والمفقودين على الأراضي السورية”.

وعن استشهاد الحصروني تابع عقيص: نحن هنا لنؤكّد على اننا: “نحن لا نعتدي لكننا لا نخشى الإعتداء، نحن لا نستفز لكننا نعرف كيف ومتى نرد عنّا الإستفزاز، نحن لا نُشعِر سوانا بأي خطر لكننا نهوى مواجهة الأخطار التي يُشعِرنا بها الآخرون”.

وسأل عقيص: “كيف تريدوننا أن نناقش مع صنف مماثل من السياسيين؟ الذين يعتبرون أن السياسة هي تسويقات ظرفية ومحاصصة وتوزيع مغانم وفساد وسرقة على حساب الشعب ومصلحة لبنان”.

وشدد عقيص، على أن اليد التي عليها أن تُبتر لن ندعي لها بالكسر، بل سنتمسّك بالقانون لكي يكسرها”.

وللحصروني قال: “لو مهما قلنا سيظل القليل امام اعمالك، مع استشهادك فجّرت فينا التعلّق بهذه الأرض، واليوم، وأكثر من أي وقتٍ مضى، كسرت فينا حاجز الخوف والترقّب، ونعدك أن نبقى على موقفنا مع كل شروق شمس فوق عين إبل”.

كما ألقى مُنسّق بنت جبيل في القوات اللبنانية جوزبف سليمان كلمة سأل فيها:

لماذا قتلوا الحنتوش؟ مُجيبًا: “الجواب عندنا، والبعض يستغرب، الحنتوش كان مقاومًاً عنيدًا صلبًا ورمز للعنفوان، حمل القضية  يوم كان في الاسواق التجارية في بيروت وفي عين الرمانة وتل الزعتر وتعهد بكل الازمات التي مرّت على وطننا أن يكون بالمقدمة ليدافع عن عين ابل وكل المنطقة وكل الوطن.

وشدد سليمان على أن وطن الحنتوش هو الحرية والكرامة، وذكّر بكلام الحنتوش: “سأظّل حصرم بعين كل معتدي ومُدافعاً بكل الطرق لو كلفتني  حياتي… وهيك صار.

وتابع سليمان: “نعم يا رفاقي، الحنتوش استشهد بكل عزة وعنفوان، ولم يتنازل عن مواقفه وكأنه على علم أن الثمن غالٍ، ولم يتراجع بوماً، نضال الحنتوش الذي عشنا وتربينا عليه هو نضال كل مقاوم شريف مستعد للتضحية، ولهذا السبب انتمى لحزب القوات اللبنانية، حزب الشرف والشهامة الذي شهد على مسيرته الطويلة بالنضال والصمود”.

وشدّد سليمان على أننا جميعًا مستعدّين للشهادة من دون ان نحني راسنا الا على أقدام الصليب، مستعدين للشهادة ليبقى وطننا حر ومستقل يحفظ كرامتنا.

وختم سليمان: “لا نخاف من أحد ولا نتعدى على أحد لكننا لا نقبل أن نعيش اهل ذمة بوطن قدمنا آلاف الشهداء من أجله”.

وكان قد استهل الكلام شقيق الحنتوش مارون الحصروني الذي لفت انه “من المستحيل أن نصدّق أن الحنتوش رحل من بيننا بهذه الطريقة”، معتبرًا ان “الذين قتلوه خافوا عنفوانه وغدروه بأرع سيارات متناسين أن روح الحنتوش لا زالت ترفرف فوق الساحات وفي ذاكرة الشباب وفي وجدان الآباء والامهات”.

وجدد الحصروني الوعد لشقيقه بأن أهله ورفاقه لن يسكتوا أو ييأسوا وسيلاحقون المعتدي ولو كثرت التضحيات، وشدد على أنهم “سيقاضوا القتلة مهما طال الزمن، وإلا لهم عدالة السموات”.

وردًّا على باسيل الذي اتهم أهل عين إبل بالتحريض قال: “إخرسوا، لستم سوى فُتات تُباعون وتُشترون بالخيانة وتُرتهنون لكل الجهات”.

كما وجه الحصروني رسالة لوسائل الإعلام الصفراء قائلًا: “بئس الدكاكين التي تخرّجتم منها، لأن كلّ ذرّة من مصداقية الياس الحصروني هي أشرف من أقلامكم الناشرة بالكذب.

من جهته رئيس بلدية عين إبل عماد اللوس أكد أن الحنتوش لا يموت، وحتى لو اقتادوه ليلًا وقطوا أنفاسه، وكسروا ضلوعه، وانتزعوا روحه من جسده، فعبثًا هو لا يموت.

وتابع اللوس: “إذا تهيأ لهم انهم خنقوا صوت الحنتوش فعليهم أن يعلموا أن صدى كلماته يعلو بين الأحياء والبيوت”.

وأردف اللوس عن لسان الحنتوش: “اذا اعتقدتُم لوهلة انكم زرعتُم الذعرَ في بلدتي، فأيقنوا انني بشجاعتي وجُرأتي ألهمت قلوب الشباب”.

وتابع اللوس بلسان الحصروني: “وصيتي لكم، لا تخافوا، مَن قتلوني فشَبَحُهم الى الزوالِ، صدّقوني لا تجزعوا افعالَهُم ولا تُريكُكُم أقوالَهُم في دهاليز التاريخ المُظلمة سيُدفنون، وأنا وانتم وأرضنا وتاريخنا وأمجادنا للخلودِ باقون اعبثاً فعلتم ما فعلتم فنحن لا نموت”.

كما ألق هشام بو غنام كلمة باسم شباب عين ابل، لفت فيها الى أن جيل اليوم لن ينسى الحنتوش، بل سيناضل لكشف الحقيقة ومتابعة التحقيقات، مؤكّدًا أن الحنتوش حيّ في كل أنسان حر.

في الختام تسلّمت عائلة الشهيد الحصروني دروعاً تكريمية من النائب عقيص ورئيس جهاز الشهداء والمصابين والأسرى شربل أبي عقل، ومن منسق المنطقة جوزيف سليمان، ودرع آخر بإسم منطقة صور قدمه لها المنسّق فؤاد عوده.

بعدها توجه الجميع إلى مُجمّع قصر الصنوبر حيث أقيم غداء عن نفس الشهيد الحصروني.

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل