كتب لوسيان شهوان في “المسيرة” – العدد 1744
سلاح العقوبات يُواجه “فائض القوة”
معاقبون بسبب أفعالهم!
في لعبة القوّة، يحتلّ سلاح العقوبات مكانة مهمّة. هدفه ضرب الفاسدين ومنتهكي حقوق الإنسان والإرهابيين عبر قرارات تنفيذية تصدر عن الإدارة الأميركية وغيرها، بموجب قوانين عدّة صدرت سابقاً ولا تزال سارية المفعول، الى جانب قوانين عقوباتٍ ستصدر تباعاً هدفها متابعة الأفعال الجرمية على أنواعها والقضاء عليها تدريجيًا بعد كشف قنواتها وخنقها وضربها في العمق. اسم لبنان وبسبب بعض اللبنانيين أصبح حاضراً بقوّة في التقارير الصادرة عن الإدارات الصانعة لهذه العقوبات، فهذا العار الذي لحق بلبنان وأثر عليه سياسيًا واقتصاديًا وماليًا، سببه فريق من اللبنانيين سلك مسارًا معاكسًا لمستقبل الشعوب وخيرها العام.
ماذا فعلوا؟
في 25 كانون الثاني 1995 في ملحق الأمر التنفيذي 12947 الذي يستهدف “الإرهابيين” الذين يهددون بتعطيل عملية السلام في الشرق الأوسط، صنّفت وزارة الخزانة الأميركية “حزب الله” كمنظمة إرهابية. هذا التصنيف لم يأتِ من باب الصدفة، باعتبار أن “حزب الله” قام بعمليات عدّة استهدف من خلالها مصالح تابعة للولايات المتحدة الأميركية بدأت بتفجير السفارة الأميركية في بيروت في 18 نيسان 1983 وأسفر عن مقتل 63 شخصاً، واستكملت في 23 تشرين الأول من العام نفسه مع اقتحام شاحنات مفخخة مقراً لقوّات “المارينز” الأميركية ومقراً لقوّات المظليين الفرنسيين في بيروت ما أودى بحياة 58 جندياً فرنسياً و241 جندياً أميركياً. في 16 شباط 1985 وبعد مؤتمره التأسيسي الأول، تلا رئيس المجلس السياسي الحالي لـ”حزب الله” إبراهيم أمين السيّد «الرسالة المفتوحة» التي تعبّر عن الوثيقة السياسية الأولى لـ”حزب الله” متوجهاً بحسب معتقداته الى المستضعفين في لبنان والعالم، وقد وردت فيها عبارة حدّدت موقف الجماعة التي ينتمي إليها من الولايات المتحدة الأميركية، إذ قال: “… إنّنا متوجّهون لمحاربة المنكر من جذوره وأول جذور المنكر أميركا”.
محاربة “جذور المنكر” تطوّرت في عمليّة خطف طائرة TWA الأميركية في 14 حزيران 1985. في تفاصيل هذه الحادثة، كانت طائرة البوينغ 727، أقلعت من مطار أثينا باتجاه روما، وعلى متنها 153 شخصًا بين الركاب والطاقم، وفور إقلاعها سيطر عليها مسلحان وطلبا من كابتن الطائرة التوجّه الى بيروت. وطالبا بإطلاق سجناء لبنانيين وفلسطينيين من سجن “عتليت” بالإضافة الى بعض السجناء في قبرص وإسبانيا واسرائيل اعتقلتهم السلطات في كل دولة بعد عمليات أمنية متعددة قاموا بها مقابل ضمان سلامة الركاب. استمر احتجاز الرهائن لمدّة 17 يومًا، عَبَرَ خلالها قائد الطائرة البحر المتوسط مرات عديدة، وفي كل رحلة كان يتم إطلاق سراح عدد معيّن من المخطوفين. خسرت الولايات المتحدة الأميركية حينها، غواصًا في البحرية الأميركية، بعد أن أطلق أحد الخاطفين النار عليه في اليوم الثاني من العمليّة، وتمّ في ما بعد، تحقيق مطالب الخاطفين بالإفراج عن مئات السجناء من السجون الإسرائيلية. واعتُبرت هذه العمليّة بمثابة تحوّل أساسي في الصراع القائم بين “حزب الله” والولايات المتحدّة.
الى ذلك، تحدثّ باحثون أميركيون عن اكتشافات استخباراتية عديدة تتعلّق بنشاط “حزب لله” التجسّسي على الأميركيين في ألمانيا عام 1989، وبين عامي 1989 ـ 1990 في فالنسيا، وذلك بعدما ألقت السلطات الإسبانية القبض على خلية تابعة لـ”حزب الله” كانت تسعى الى تهريب أسلحة ومتفجرات من قبرص بهدف القيام بعمليات ضد مواطنين أميركيين في أوروبا وغيرها من العمليات التي أظهرت حركة “حزب الله” العدائية ضد الولايات المتحدّة الأميركية.
تفجير “أبراج الخُبر” في المملكة العربية السعوديّة في 25 حزيران 1996، خطط له ونفذّه علي أحمد المغسل القائد العسكري أنذاك لـ”حزب الله” السعودي أو “كتائب حزب الله ـ الحجاز” ومعه خليّة درّبها وأشرف على عملها بين سوريا ولبنان والمملكة. في الخُبر، كانت تتمركز القوّات الأميركية وقوات التحالف وقتل فيها 19 جندياً أميركياً بالإضافة الى 500 جريح من سبع جنسيات مختلفة.
وفي مواجهة كل ما سبق، لم تتأخر الإدارة الأميركية عن تطوير عملها في ملاحقة عمليّات “حزب الله” حتى صنّفته كمنظمة إرهابية أجنبية في 8 تشرين الأول 1997. وفي 31 تشرين الأول 2001، وبموجب الأمر التنفيذي 13224 الذي صدر عقب هجمات 11 أيلول 2001، صنّفت وزارة الخارجية الأميركية “حزب الله” ككيان إرهابي عالمي.
في 8 أيلول 2006 وضعت الجمعيّة العامّة للأمم المتحدّة “استراتيجيّة الأمم المتحدّة العالمية لمكافحة الإرهاب” انطلاقا من التدابير الرامية إلى القضاء على الإرهاب الدولي، الوارد في مرفق قرار الجمعية العامة في 9 كانون الأول 1994 كما قرار 17 كانون الأول 1996 ونتائج مؤتمر القمة العالمي عام 2005 وبخاصة المتعلّق بالإرهاب. تضمنت الاستراتيجية اتخاذ تدابير معيّنة لـ”منع الإرهاب ومكافحته، ولا سيما عن طريق حرمان الإرهابيين مـن الوصول إلى الوسائل التي تمكّنهم من شنّ اعتداءاتهم، ومن بلوغ أهدافهم وتحقيق الأثر المتوخى منها». وشكّلت هذه الاستراتيجية مظلّة دوليّة لاستكمال الولايات المتحدّة حربها على الإرهاب التي كانت بدأتها في أفغانستان عام 2001 ضدّ “تنظيم القاعدة”، واستمرّت بها في كل الميادين.
مكافحة الوسائل
أصبح التمويل بمصادره المتعددّة هدفاً أساسياً لـ”حزب الله” مع توسّع رقعة انتشار عمليّاته في الشرق الأوسط وأميركا اللاتينية وأوروبا وأفريقيا. ومعلوم أن الهدف الأكبر للولايات المتحدّة الأميركية في تلك المرحلة ارتبط بمراقبة وسائل تمويل “حزب الله”، وفَضْح شبكته الماليّة والقضاء عليها لما تشكّله من ركيزة أساسية في نشاطه اللبناني، السوري، اليمني… من هنا كانت للإدارة الأميركية عدة تدابير اتخذتها في سبيل تحقيق ما تريد عبر فرض عقوبات على مسؤولين لبنانيين بشكل أساسي ساهموا في تأمين الحماية والغطاء لهذه الشبكة وقدّموا لها المساعدة المطلوبة لتحقق ما تصبو إليه الى جانب كُثر من المتواطئين مع “حزب الله” من حلفاء ومقرّبين ساهموا في دعمه.
عام 2008 أطلقت إدارة مكافحة المخدرات في الولايات المتحدّة “عمليّة كاساندرا” بالتعاون مع سبع دول منها فرنسا وبلجيكا وألمانيا وإيطاليا، بهدف كشف واستهداف شبكة “حزب الله” التمويلية، التي عمل على بنائها من خلال الإتجار بالمخدرات والسلاح وغسل الأموال وغيرها من الأنشطة الإجرامية، والتي قُدّرت قيمتها آنذاك بمليار دولار. وكشفت العمليّة كيف استفاد «حزب الله» من النظام المصرفي اللبناني من خلال استخدام بعض المصارف لخدمة عمليات غسل الأموال التي تعود إليه. وفي هذا الإطار، وفي العام 2011 فرضت عقوبات على “البنك اللبناني الكندي»، لتليها عقوبات على «جمّال ترست بنك” عام 2019.
في كانون الثاني 2011، تم تصنيف أيمن جمعة كأحد كبار تجار المخدرات ومسؤول عن غسل ما يصل إلى 200 مليون دولار شهرياً من خلال “البنك اللبناني الكندي” وقنوات أخرى مرتبطة بـ”حزب الله”. وفي نهاية العام نفسه جمع محققون دوليّون المعلومات المتعلقة بقضية “البنك اللبناني الكندي” من الولايات المتحدة إلى أوروبا، وأستراليا، وأفريقيا، وأميركا اللاتينية، وألقوا القبض ليس فقط على تشكيلات متنوّعة من تجار المخدرات، لا بل أيضاً على متورطين في عمليات غسيل الأموال لهم صلات مع كبار شخصيات “حزب الله” مثل عبدالله صفي الدين أحد المسؤولين في «حزب الله» المتورطين في قضية “البنك اللبناني الكندي”.
أما “جمال ترست بنك” فأُجبرعلى تصفية نفسه عام 2019 بعد أن فرضت عليه وزارة الخزانة الأميركية عقوبات في آب 2019 (بموجب قانون “مكافحة تمويل «حزب الله» دولياً الصادر عام 2015 وله صيغته المعدّلة عام 2018) وذلك بسبب تقديمه خدمات مالية الى المجلس التنفيذي لـ”حزب الله” ومؤسسة تحمل إسم “الشهداء” في إيران. واتُهم المصرف بالسماح لـ”حزب الله” باستخدام حسابات لدفع الأموال لممثليه وعائلاتهم، وإخفاء علاقاته المصرفية الناشطة مع العديد من المنظمات التابعة لمؤسسة “الشهداء”. كما تم إدراج أربع شركات تأمين تابعة للمصرف على القائمة السوداء.
في كانون الأول 2015 أصدر الكونغرس الأميركي قانون «مكافحة تمويل “حزب الله” دولياً “HIFPA 1” (توجيهاته التطبيقيّة صدرت في نيسان 2016)، ومع صدور القانون قامت عدّة وفود لبنانية بزيارة أميركا للتأكد من مفاعيله وتأثيراته على المصارف والمؤسسات المالية في لبنان. وفي آذار 2016 نشرت وزارة الخزانة الأميركية لائحة مؤلفة من مئة هيئة في العالم خاضعة مسبقاً للتجميد المحلي لأصولها بسبب علاقتها مع “حزب الله”، وعليه أصدر مصرف لبنان تعميمًا في 3 أيار 2016 دعا فيه المؤسسات المالية اللبنانية إلى “التعامل مع المراسلين الأجانب تبعاً للقوانين والأنظمة والإجراءات والعقوبات والقيود التي تعتمدها السلطات السيادية في بلدان المراسلين”، وأصرّ مصرف لبنان على عدم إقدام أيّ مصرف لبنانيّ على إقفال أيّ حساب لديه أو منع فتح أيّ حساب لأيّ شخص حقيقيّ أو معنويّ، إلّا بعد التنسيق معه.
وفي حزيران 2016 كشف حاكم مصرف لبنان السابق (المُعاقب اليوم) رياض سلامه عن إقفال مئة حساب مرتبط بـ”حزب الله”، تطبيقاً للقانون الأميركي، مؤكداً أن “المركزي” يعمل على تنفيذ هذا القانون وأن لبنان لا يحتمل أن يخرج من الخريطة المالية العالمية وقد كانت للقانون نفسه صيغة معدّلة (HIFPA 2) خرجت الى العلن عام 2018 تمكّن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية OFAC «حظر أو فرض شروط صارمة على فتح حساب مراسل أو حساب قابل للدفع من قبل مؤسسة مالية أجنبية تسهّل عن قصد معاملة مهمة لمجموعة إرهابية مثل “حزب الله”، أو شخص يتصرف نيابة عن أو بتوجيه من، أو مملوك أو يتحكم فيه كيان إرهابي عالمي مصنّف خصّيصا (SDGT) مثل «حزب الله».
أبرز المعاقبين
أحمد طباجة: يملك معظم أسهم شركة مجموعة “الإنما” للأعمال السياحية التي تُعنى بقطاع العقارات والبناء في لبنان، ولديها، فروع كشركة الإنماء للهندسة والمقاولات التي تنشط في لبنان والعراق. تربطه علاقات مباشرة مع كبار المسؤولين التنظيميين في “حزب الله”. بإسمه ممتلكات على الأراضي اللبنانية نيابة عن “حزب الله”. عرّض طباجة ستة أفراد وسبع شركات للعقوبات لأنهم على ارتباط به
محمد بزي: متهم بتقديم ملايين الدولارات لـ”حزب الله” عبر أعمال ونشاطات تجارية في أوروبا، الشرق الأوسط وأفريقيا.
علي شرارة، استثمر ملايين الدولارات بصفته رئيس مجلس الإدارة والمدير العام لمجموعة “سبكترم” للاستثمار، للمساعدة في تقديم الدعم المالي لحزب الله.
إبراهيم علي ضاهر: مدير الوحدة المالية المركزية في “حزب الله” التي تشرف على الميزانية والإنفاق العام. استخدم أفراد آخرون، مدرجون في القائمة نفسها مع ضاهر، حساباتهم الشخصية كغطاء لتمكين مؤسسة “القرض الحسن” من التهرّب من العقوبات التي تستهدفها، وحوَّلوا حوالى 500 مليون دولار من الخارج الى لبنان، نيابة عنها.
حسن مقلّد، وإبناه، ريان وراني: يسهّلان لحسن، الأنشطة المالية لشركته، دعما لـ”حزب الله”. مقلّد، عمل بتنسيق وثيق مع كبار المسؤولين الماليين في “حزب الله” لمساعدتهم في تأسيس وجود داخل النظام المالي اللبناني. مؤسسة مقلّد للصرافة تعمل بمثابة واجهة مالية لـ”حزب الله”. استهدفت العقوبات أيضًا شركتين يملكهما أو يتحكم فيهما مقلّد: الشركة اللبنانية للمعلومات والدراسات والشركة اللبنانية للنشر والإعلام والبحوث والدراسات.
ناظم سعيد أحمد: يمتلك مجموعة كبيرة من الأعمال الفنية وهو أحد أكبر الجهات المانحة لـ”حزب الله”. يجمع الأموال من خلال علاقاته الطويلة بتجارة “الماس الدموي”. بالإضافة الى صالح عاصي، الذي قام بتبيض الأموال من خلال أعمال أحمد في مجال الماس.
عام 2019 طالت العقوبات كلاً من أمين شرّي ومحمد رعد (نائبان في البرلمان آنذاك) الى جانب وفيق صفا رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في “حزب الله”… عام 2020، طال سيف العقوبات الوزيرين السابقين، علي حسن خليل ويوسف فنيانوس، ضمن قانون مكافحة الإرهاب (الأمر التنفيذي 13224)، وذلك بعد تقديمهما مساعدات مالية وعينية لـ”حزب الله” في لبنان.
زمن العقوبات
أصبح سلاح العقوبات هاجساً يسكن أذهان كل مُنتهك لحقوق الإنسان وكل مُساهم بصورة مباشرة وغير مباشرة بقضية فساد معيّن وكل داعم لمجموعة إرهابية أو نظام إرهابي أو حتى مسهّل لحركة تمويل هذا الإرهاب. ويكفي رصد التقارير الصادرة عن وزارة الخزانة الأميركية بحقّ الكثير من المرتكبين الى جانب متابعة التهديدات الأوروبية لكثير من الفاسدين ومنتهكي حقوق الإنسان لنتأكد أننا نعيش في زمن العقوبات.
خيار العقوبات وُضع على طاولة اللجنة الخماسية في الدوحة ولعلّه إجراء جدّي قد يتم اللجوء إليه بحق معرقلي الانتخابات الرئاسية الحالية من باب الأمر التنفيذي 13441 الصادر عام 2007 الذي يعاقب مقوّضي الديمقراطية في لبنان مما يساهم في انهيار حكم القانون والذي استُعمل آنذاك لمعاقبة النائب السابق وئام وهاب، النائب السابق أسعد حردان، العقيد حافظ مخلوف إبن خال بشار الأسد ومحمد ناصيف مساعد نائب الرئيس السوري. وكذلك حصل عام 2021 في العقوبات بموجب الأمر التنفيذي نفسه مع:
جهاد العرب، لمساهمته في انهيار سيادة القانون في لبنان. بسبب علاقاته السياسية الوثيقة، حصل العرب على عقود عامة مقابل دفع رشوة لمسؤولين حكوميين.
داني خوري، لمساهمته في انهيار سيادة القانون في لبنان. وهو شريك تجاري مقرّب من النائب جبران باسيل المدرج إسمه على لوائح العقوبات بموجب قانون ماغنيتسكي. وبسبب علاقته الوثيقة مع باسيل، حصل خوري على عقود عامة كبيرة جنى من خلالها ملايين الدولارات، بينما فشل في الوفاء بشروط تلك العقود بشكل هادف.
النائب جميل السيّد، لمساهمته في انهيار سيادة القانون في لبنان. سعى السيّد إلى الالتفاف على السياسات واللوائح المصرفية المحلية وساعده مسؤول حكومي كبير في تحويل أكثر من 120 مليون دولار إلى الخارج، على شكل استثمارات على الأرجح، لمراكمة ثروته وثروات مقرّبين منه.
ثمة اعتبار لدى البعض وهو أن العقوبات غير مجدية في محاربة الفساد والإرهاب ولكن يكفي أن تحمل لوائح العقوبات هذه أسماء محددة لفرزها أمام الرأي العام المحلي والدولي باعتبار هذه الشخصيات “مُعاقبة” مما يضعها تحت الضغط ويؤثر على حركتها السياسية في الداخل والخارج، كما يبعد عنها التحالفات المؤثرة على حضورها السياسي في السلطة. وبهذه الطريقة، يضعف نفوذ هؤلاء تدريجيًا، حتى إزاحتهم عن صدر الشعب اللبناني الى أن يخف تأثيرهم على القرار الوطني ويصبحون خارج الحكم كليًا.
أمام هذا الواقع، يتبيّن أن مسار “حزب الله” وتصرّفاته منذ النشأة حتى اليوم، سبب كل ما حلّ به… على عكس ما يدعيه معتبرًا أن سبب كل هذه «العقوبات» والملاحقة الغربية، يكمن في موقفه ضد “الاستكبار العالمي” و”أميركا الشيطان الأكبر” أو لأنه يريد أن “يرمي إسرائيل في البحر”، (إسرائيل العدو الذي اعترف بها “حزب الله” في الاتفاق الأخير لترسيم الحدود البحريّة). لعب “حزب الله” دورًا أساسيًا في السياسة اللبنانية أثّر في كل ما حلّ به وبحلفائه، بشكل مباشر على اللبنانيين، اقتصادهم، ماليتهم، سيادتهم، استقرارهم وأمنهم، فأنهك حياتهم ووضعهم في أزمة من الصعب تجاوزها في المدى المنظور. طبعًا لم يطلب الشعب اللبناني من “حزب الله” أن يفعل كل ما فعله، كما لم يجبر أي إدارة غربية على معاقبته ولم يطلب لنفسه أن يصل الى الحالة التي يعيشها اليوم، ولعلّ الأجوبة التي يقدمها هذا الشعب في مختلف المناطق اللبنانية من شويّا الى خلدة مروراً بعين الرمانة وصولاً الى الكحالة، وأمام كل حدث ميداني كان أو أي استحقاق دستوري، خير دليل على نفور هذا الشعب من هذه الجماعة “المُعاقبة” دوليًا والتي تُعاقب بأفعالها شعبًا لا يريد إلا السيادة والحرية والبحبوحة للجميع. وبسبب كل ما يحدث اليوم من تبدّل في المزاج العام اللبناني في النظرة الى “حزب الله”، قد نصل الى مُعاقبة معاكسة، وطبعاً سلميّة… “معاقبة” سيقوم الشعب اللبناني بها في يوم من الأيام بحق جماعة إيران في لبنان.