كان الموفد الفرنسي جان ايف لودريان يتمنى لو ينجح في اقناع القوى السياسية اللبنانية بالجلوس الى طاولة حوار او طاولة عمل، فيُنقذ مبادرته وصورة بلاده وسمعتها بعد سلسلة اخفاقات وانتكاسات راكمتها باريس على مدى الاشهر الماضية. الا ان ما حققته زيارته الثالثة الى لبنان على هذا الصعيد كان صفر نتائج، وذلك بفعل تمسك الاطراف المعارضة بالدستور ورفضها تكريس أعرافٍ تسبق كل عملية انتخابية وتخدم “الحزب”.
من هنا، تقول مصادر سياسية مطلعة لموقع القوات اللبنانية الاكتروني، أن هذه الاطراف يبدو انها سجّلت هدفاً في مرمى لودريان يصب في مصلحة اللعبة الديمقراطية من جهة، وفي مصلحة مقاربة الخماسي الدولي للاستحقاق الرئاسي من جهة ثانية، اذ دفعت لودريان الى التخلي بشكل شبه كامل عن فكرة الرئيس الطرف، بعد ان كانت باريس تؤيد ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية. هذه أبرز نتائج الجولة الثالثة، تتابع المصادر، والتي تحققت بفضل صلابة موقف المعارضة، اذ باتت فرنسا “وأخيرا”، على قناعة اليوم، بأن لا بد من خيار رئاسي ثالث، لا يكون، لا فرنجية ولا الوزير السابق جهاد ازعور.
واذا كانت المعارضة مستعدة لخيار كهذا، فإن العيون تتجه اليوم الى الثنائي الشيعي… هل سيتنازل عن رئيس المردة لصالح مرشح جديد؟
وفي حال كان لودريان سيعود الى لبنان الشهر المقبل ام لن يعود، فإن الدوحة ستتسلّم في الايام الآتية دفة قيادة المركب الرئاسي مركّزة في شكل خاص على “عقدة” موقف الحزب – حركة امل. فقطر ستتحرك ، في ضوء بيان سيصدر عن اجتماع مرتقب للخماسي في نيويورك الثلثاء، اقليميا ولبنانيا، لتعزيز حظوظ الخيار الثالث. حتى الساعة، لا يمكن التكهن في مصير مسعى الدوحة. فالافصاح عن زيارة قام بها رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد الى بنشعي ، قد يعني ان الحزب لا يزال متمسكا به مرشحا، ما يعني تاليا ان الشغور سيستمر. اما اذا كان هذا اللقاء لجس نبض فرنجية حيال امكانية التخلي عنه لان الضغوط الدولية لانجاز الانتخابات آخذةٌ في التعاظم، سيما وأن قطر على علاقة طيبة مع ايران ومِن المُحرج كسفُها، فإن ثغرة ستكون فُتحت في جدار الازمة السميك.
وبعد، الحوار الذي يتمسك به رئيس مجلس النواب نبيه بري أصبح تفصيلا في المشهد الرئاسي، فسواء عُقد بمن حضر وبرئاسة نائب رئيس المجلس الياس بوصعب، ام لم يُعقد، فإنه مجرد محطة لن تقدّم او تؤخر في الاستحقاق الذي كان حسمُ مصيره امس، ولا يزال اليوم وسيكون غدا، رهنَ قرار الحزب: فك أسر الرئاسة والإقلاع عن سياسة تركيع اللبنانيين، ام إبقاء كرسي بعبدا واللبنانيين رهائن كرمى لمصالح الضاحية ومصالح ايران فتستخدمهما على مائدات “القمار” الاقليمية والدولية.