افتتاحية صحيفة النهار
هل سحب قائد الجيش ترشيحه من التداول؟
بداية أسبوع الانشداد الى محطات خارجية متصلة بالازمة الرئاسية في لبنان لم تمر من دون مفاجأة داخلية تجسدت في ما يمكن اعتباره “سحب” قائد الجيش العماد جوزف عون ، او حيد معادلة ترشيحه لرئاسة الجمهورية سواء ظرفيا ام ابعد من الظرف عن التداول ، الى حدود أثار معها موجة كثيفة من التساؤلات حول دلالات إعلانه هذه الموقف وما اذا سيكون له تداعيات وترددات ، كما هو متوقع ، داخليا وخارجيا . والواقع ان الازمة الرئاسية بدت كأنها أصيبت ب”عطب” إضافي غداة الجولة الثالثة للموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف #لودريان بسبب عودتها الى دوامة المراوحة التي سبقت زيارته ، في ظل التناقضات الحادة التي خلفها موقف لودريان من ضرورة التوجه الى “المرشح الثالث” او “الخيار الثالث”. وتمثلت المفاجأة الأولى في السلوكيات السلبية التي سجلها “الثنائي الشيعي” عقب جولة لودريان التي عكست تمييز هذا الفريق بين موضوع الحوار الذي كان ثمة تقارب بينه وبين لودريان في شأنه وموضوع تبديل معادلة الترشيحات التي بدا معها لودريان وكأنه كرس رسميا تخلي بلاده عن دعم ترشيح سليمان فرنجية ، واستتبع الموقف السلبي لفريق “الممانعة” رد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع امس عبر “النهار” التمسك بترشيح جهاد ازعور وحضه النواب المحايدين الى دعم هذا الترشيح . وسط هذا المناخ بدا من غير الممكن تجاوز الدلالات البارزة المحتملة لاعلان قائد الجيش موقفا يبدو اشبه نزع “اسطورة” من التداول دارت حولها معظم احتمالات المعركة الرئاسية في مرحلة طويلة منذ بدء ازمة الفراغ الرئاسي كما نسج الكثير ولا يزال حيال تقدم حظوظه “كمرشح ثالث” تحديدا ، ناهيك عن التركيز الإعلامي والسياسي الدائم بان قطر كانت غالبا ترفع لواء دعم انتخاب العماد جوزف عون رئيسا للجمهورية .
في أي حال لم يحجب هذا الموقف الانشداد الى نيويورك حيث بدأ امس رئيس حكومة تصريف الاعمال #نجيب ميقاتي اول لقاءاته مع مسؤولين اميركيين فيما ترصد الانظار الاجتماع المرتقب لممثلي دول المجموعة الخماسية اليوم على الارجح حيث يناقش الملف الرئاسي اللبناني . كما سيحضر الملف اللبناني كما هو معروف ايضا في محادثات سيعقدها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مع البابا فرنسيس في مرسيليا. ووسط كل هذا افيد أنّ الموفد القطري الذي كان سيصل إلى بيروت هذا الأسبوع أرجأ زيارته إلى مطلع الشهر المقبل، اي في أعقاب مباحثات بين دول المجموعة الخماسية في نيويورك. واشارت المعلومات الى أنّ زيارة وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية محمد الخليفي ستكون في 5 تشرين الأول المقبل.
موقف عون
وكان قائد الجيش العماد جوزف عون تناول خلال لقائه وفد نقابة الصحافة برئاسة النقيب عوني الكعكي موضوع رئاسة الجمهورية فقال باقتضاب “ما بيهمني وما بيعنيني ولم يبحثه احد معي ولم ابحثه مع احد”. أما في موضوع تهريب النازحين عبر الحدود، فاعتبر أن التهريب مضبوط الان بنسبة تصل الى 85 في المئة ولاحظ ان الحدود شاسعة ومفتوحة ومتداخلة، “ولا نملك العديد الكافي ولا الامكانات اللوجستية لضبطها بالكامل”، واكد أن ضبط التهريب مسؤولية مشتركة تبدأ بالمواطن مرورا بالبلديات والادارات الرسمية وصولا الى الجيش .
وردا على سؤال، قال “لا نية ولا سعي لدى الجيش لدخول مخيم #عين الحلوة اتخذنا كل الاجراءات ونشرنا قوة عسكرية حول المخيم لمنع تمدد القتال الى خارجه” .
وركز على موضوع الامن، فقال “اولويتنا الامن، ونعمل ليل نهار على ضبطه، فالسلاح منتشر ومتفلت، والقضاء لا يساعدنا في ضبط المتفلتين والمرتكبين والمخلين” .اما في مسألة الحدود البرية، فتحدث عما وصفه بإهتمام اميركي لترسيم الحدود البرية.
ولكن النائب ميشال ضاهر وفي اطار دعمه لترشيح قائد الجيش كتب عبر منصة “اكس”:”في الإنجيل السبت جُعل لأجل الإنسان وليس الإنسان لأجل السبت. وفي السياسة الدستور وُضع لأجل المواطن، وليس العكس. وفي ظلّ الظروف التي نمرّ بها، والحاجة الماسّة الى شخصيّة إنقاذيّة، لا بأس إن أقدمنا على تعديل الدستور. العماد جوزف عون حاجة اليوم، للوطن، للشعب وللإصلاح. الخلاصة: الرئاسة تحتاج الى العماد جوزف عون، وليس العكس”.
ميقاتي ونولاند
وفي نيويورك إستهل الرئيس ميقاتي لقاءاته صباح امس باجتماع عقده مع نائبة وزير الخارجية الاميركية للشؤون السياسية فيكتوريا نولاند في مقر اقامته في حضور وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب،ونائب مساعد وزير الخارجية الاميركية إيثان غولدريتش. وتم خلال الاجتماع بحث العلاقات اللبنانية- الاميركية والملفات التي بواجهها لبنان.
وبحسب المكتب الإعلامي للرئيس ميقاتي فقد “طالب رئيس الحكومة المجتمع الدولي بدعم لبنان لمعالجة ازمة النازحين السوريين، التي بات تعاظمها يشكل خطرا على لبنان ونسيجه الاجتماعي”. وقال: “ان الحكومة انجزت المشاريع الاصلاحية المطلوبة من صندوق النقد الدولي، والملف بات في عهدة مجلس النواب ليقرر ما يراه مناسبا”.
وأضاف المكتب الإعلامي لميقاتي “ان المسؤولة الاميركية دعت الاطراف اللبنانيين الى الاسراع في انتخاب رئيس جديد للجمهورية مشددة على ان واشنطن تدعم اي حوار لبناني- لبناني في هذا الصدد . ودعت لبنان الى تفعيل التعاون مع المنظمات الدولية وخاصة مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين لمعالجة ملف النزوح السوري المستجد وكل جوانب ملف النزوح”. وشددت “على ان واشنطن تدعم الجيش اللبناني”، معتبرة ان من الضروري استكمال الاصلاحات الاقتصادية والمالية الضرورية”.
يشار في هذا السياق الى ان الرئيس ميقاتي سيلقي كلمة لبنان امام الجمعية العمومية للأمم المتحدة وسيعقد سلسلة اجتماعات ولقاءات مع رؤساء الوفود المشاركة. وقد شارك امس في الجلسة الافتتاحية لـ”منتدى الأمم المتحدة للتنمية المستدامة” والقى كلمة في المنتدى في الرابعة والنصف بتوقيت نيويورك (الحادية عشرة والنصف ليلا بتوقيت بيروت) ومن ثم اجتمع مع الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس في مقر الامم المتحدة.
بين الوزير والمدير العام
بعيدا من الملف الرئاسي تحركت دار الفتوى على خط ترطيب المناخات ورأب الصدع بين وزير الداخلية بسام مولوي والمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان . وقام وزير الداخلية بسام مولوي امس بزيارة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان على ان يزوره اليوم اللواء عثمان . واعلن مولوي أن “لا خلاف شخصياً مع مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان ونقوم بمهمتنا بكل الأطر المحددة وهذه العلاقة تحكمها القوانين”. وأوضح ان “هذه الزيارة كانت مقررة سابقا وكان الموعد في منتصف الأسبوع الماضي أو قبل، وليس لها علاقة بأي ظروف استجدت في الإعلام”، مضيفا ” المدير العام يقوم بمهامه ووزير الداخلية يقوم بمهامه وفق الدستور والمادة 66 التي تجعله على رأس إدارته وتجعل من وزير الداخلية وزير سلطة على المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي وليس وزير وصاية، ونحن نتابع حماية مؤسساتنا وحقوق الأجهزة الأمنية. هذه المؤسسات الأمنية العريقة والمؤسسات الإدارية وقادتها ومتابعة عملها الحثيث في سبيل تأمين الأمن للبنانيين الذي هو أولوية في هذه الظروف”. وأفاد المكتب الإعلامي في دار الفتوى أن المفتي دريان اكد خلال اللقاء “ان أمن لبنان من أمن المنطقة، والقوى الأمنية اللبنانية لها دور مهم ومميز في المحافظة على أمن الوطن والمواطن”، وقال:” هذا يستدعي مزيدا من التعاون والتكامل بين كافة الأجهزة الأمنية، وفي مقدمها الجيش وقوى الأمن الداخلي لاسيما وان قوى الأمن الداخلي وقيادتها تقوم بدور مهم على الصعيد الداخلي خصوصا في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان واللبنانيون حتى بدا أن القوى الأمنية ما زالت وحدها صامدة ومتماسكة في خدمة لبنان الدولة والمؤسسات ، وينبغي على الجميع مساندتها قيادة وضباط وأفرادا، بتوجيه ومتابعة من السلطة السياسية المرتبطة بها التي عليها أن تحفظ وتدعم وتحتضن هذه المؤسسات بقياداتها المشهود لها بالصبر والعمل الدؤوب والوطنية في كل المراحل والتحديات التي تواجهها بين الحين والآخر”. وأكد المفتي دريان “ان الوزير مولوي أبلغه ان لا خلاف بين وزير الداخلية وقيادات الأجهزة الأمنية المرتبطة به فالكل يعمل لخدمة لبنان وشعبه في هذه الظروف المؤلمة التي يعيشها لبنان نتيجة عدم انتظام الحياة العامة”.
********************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية
الداخل مراوحة سلبية… واشنطن تدعم أي حوار… قائد الجيش: الملف الرئاسي «ما بيهمّني»
آخر أيلول الجاري، يُتمّ الفراغ في رئاسة الجمهورية شهره الحادي عشر، فهل يمكن ان تشكل خاتمته فاتحة لحوار رئاسي يجعل من تشرين الأول المقبل، شهر الفصل والحسم في استيلاد رئيس للجمهورية؟
الجواب عن هذا السؤال لا يكبّد الباحث عنه أيّ عناء، ذلك أنّه يُقرأ سلفاً في اللعبة العبثية التي بات معها التوافق كلمة ممحيّة من القاموس السياسي، وزرعت في الطريق الرئاسي حفراً سياسية عميقة أثبتت أنّها الأقوى، لم تقوَ على ردمها كلّ المساعي والمبادرات وانتشال رئيس الجمهورية العالق في قعرها، وفرضت بالتالي ترحيل الملف الرئاسي برمّته الى أجل ليس منظوراً. ويُقرأ ايضا في النتيجة المخيبة للزيارة الثالثة للموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان، التي اكدت بلا ادنى شك، أنّ الفرصة التي أتاحتها لوقف لعبة العبث وصياغة حلّ رئاسي لا محل لها من الاعراب في واقع لبناني مشتّت، ولا تملك قوة الدفع الجدية، التي يفترض ان تحقن بها من مصدرها، سواء من الرافعة الفرنسية او دول اللجنة الخماسية، لتعينها على تجاوز تلك الحفر.
يعود أو لا يعود؟
طارت المهمة في زيارته الثالثة، وطار لودريان بهذه النتيجة المخيبة الى نيويورك، ليُدلي بإفادته أمام اللجنة الخماسية حول ما قاساه مع مكونات سياسية، تدرك دول الخماسية قبل غيرها انها مكونات متوازية متأصلة في عدائها لبعضها البعض، يستحيل أن تلتقي على كلمة سواء. وعلى رغم ذلك، قال لودريان انه سيعود قبل نهاية الشهر الجاري، لمواكبة حوار يسعى اليه بين تلك المكونات. ولكنه، على ما تقول مصادر موثوقة مواكبة لمهمته لـ»الجمهورية»، قد يعود، وقد لا يعود، ربطاً بالوقائع غير المشجعة التي تحيط بمهمّته من ناحيتين:
الاولى من الداخل اللبناني، وتتجلى في واقع التوازنات الداخلية التي استولدت ما يسمى «توازن الانسداد والتعطيل» بين الاطراف المعنية بالملف الرئاسي منذ ما قبل انتهاء الولاية الرئاسية السابقة.
والثانية من الخارج، فسَفر لودريان الى نيويورك أوحى بأنّ اللجنة الخماسية ستقارب الملف اللبناني بفعالية وحزم اكبر، وبناء على ما ستقرّره اللجنة ستحدّد الخطوة التالية له. الا ان المصادر عينها لا ترى في أفق الخماسية ما يؤشر الى مقاربة مختلفة عن اجتماعاتها السابقة، خصوصاً انها ما زالت مكبّلة بالتناقضات الموجودة في داخلها وبالفروقات الجوهرية بين اطرافها، في النظرة الى الملف الرئاسي بصورة عامة وهوية الرئيس بصورة خاصة. وبالتالي، أقصى ما يمكن ان تقدمه في اجتماعها، على اي مستوى انعقد سواء على مستوى وزراء الخارجية او ما دون ذلك، هو بيان تقليدي مكرّر لمضامين بياناتها السابقة، لا يشكل عامل الدفع المطلوب للاطراف المتناقضة في لبنان، في اتجاه الحسم الايجابي والتوافقي للملف الرئاسي».
تقطيع وقت
على انّ المشهد الرئاسي، كما يقرأه مرجع مسؤول لـ»الجمهورية»، لا يحتمل اي مبالغات، فلا الداخل بالتوازن السلبي القائم فيه، ولا الخارج بالحراكات الشكلية التي يقدم عليها بين حين وآخر، قادران على ان يُحدثا خرقا جديا في الجدار الرئاسي. وبالتالي كلّ ما يحصل من حراكات، لا يعدو أكثر من تقطيع للوقت، ذلك انّ الحل اللبناني يقع في مكان آخر، وتأخر العثور على هذا الحل، يقرأ بوضوح في الصمت الاميركي، الذي يشبه الانكفاء عن الملف الرئاسي».
وقال المرجع عينه: «خذوا الأسرار من السّفراء، وخصوصاً سفراء الدول الصديقة لواشنطن، حيث انهم في لقاءاتهم معنا، يتناولون الملف الرئاسي بشكل عام كاستحقاق مهم يجب ان يحصل، ولكن الاولوية التي يشددون عليها هي الحفاظ على امن لبنان واستقراره. وعند التدقيق في هذا الكلام، يقول بعضهم ما يفيد بأنّ الولايات المتحدة الاميركية منكفئة حالياً عن الملف الرئاسي اللبناني، الذي لا وجود له في دائرة اولويات الادارة الاميركية واهتماماتها، وحتى في دائرة المتابعات الثانوية، على اعتبار ان هذا الملف لم يحن اوان الدخول المباشر فيه بعد».
الحل له ثمنه
الى ذلك، وبمعزل عن الصورة الداخلية المنقسمة رئاسياً، والتي يبدو معها انتخاب رئيس للجمهورية مستحيلاً، الا ان هذه الصورة، في رأي شخصية وسطية بارزة، قابلة لأن تتبدل في اي لحظة، عندما تصدر «كلمة السر».
وتتهكم تلك الشخصية على ما تسميها «عشوائيات الزمن السياسي الجديد، وما فيها من بهلوانيات ومراهقات سياسية لا تحسب حساب خط الرجعة، وتعتقد ان في مقدورها ان تقلب الميزان الرئاسي في هذا الاتجاه او ذاك، فيما هي لا ترى بالعين المجردة عندما يقول الكبار كلمتهم». وقالت لـ»الجمهورية»: «ما زلت اراهن على المبادرة الحوارية التي اطلقها رئيس المجلس النيابي نبيه بري لكي تسري في الهشيم السياسي كونها توفّر على البلد تضييع المزيد من الوقت، ونجاحها يجنبه دفع المزيد من الاثمان الغالية».
اضافت الشخصية الوسطية عينها: «هذه المبادرة، بقدر ما عبّرت عن ارادة صادقة لبلوغ حل رئاسي يفرض على الداخل والخارج، ويقطع الطريق على اي حلول اكراهية قد تفرض من الخارج، فهي، اي المبادرة، تعبّر عن فرصة لحفظ ماء وجه كل الاطراف، وخصوصا لأولئك الذين رفضوها لا لشيء فقط من باب النكاية لا بل الغباء السياسي. اما والحال هذه من الاعتراضات غير المبررة على هذا الحل، فبتنا امام مرحلة طويلة من المراوحة واستمرار الانسداد السياسي والرئاسي، في انتظار ان يتبلور الحل الخارجي الذي أرى بعض ملامحه تتكوّن على الخط الاميركي – الايراني، وهذا الحل له ثمنه بالتأكيد.
وتبعاً لذلك، تقول الشخصية الوسطية، إن كل الاحتمالات واردة، مع التطورات الايجابية التي تتلاحق منذ فترة طويلة على مسار العلاقات الاميركية الايرانية. وبالامس، كنا امام مشهد مثير؛ واشنطن أفرجَت عن ستة مليارات دولار لايران، بالتوازي مع الافراج عن اسرى من الجانبين، وليس معلوما ماذا يخبّأ في مغارة الدولتين بعد، ومن هنا ليس مستبعدا في لحظة ما ان نشهد حدثا ذا طبيعة اقليمية دولية تُخلط فيه الاوراق ويفرض على الاطراف داخلا وخارجا او يسيروا بكلمة سر او بصفقة او بتفاهم اقليمي دولي يقلب كل هذا المشهد الرئاسي القائم في لبنان رأسا على عقب».
بري ينتظر
في هذه الاجواء، ينتظر الرئيس بري ما ستقرره اللجنة الخماسية وما سيحمله معه لودريان في زيارته الرابعة الى بيروت المحددة مبدئياً قبل نهاية الشهر الجاري، الا اذا طرأ ما فرضَ تعديلاً لهذا الموعد. ويأمل الرئيس بري ان تسير الامور وفق ما هو مرسوم لها، وعلى الرغم من المواقف السلبية التي تتعالى في افق الحوار، وآخرها ما صدر عن رئيس التيار الوطني الحر جدبران باسيل قبل يومين، لا يقطع بري الامل في عقد طاولة الحوار التي باتت تقترب من الموعد المبدئي المحدد لانعقادها بداية تشرين الاول المقبل.
دعم أميركي للحوار
في هذه الأثناء، وصل رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الى نيويورك لتمثيل لبنان في اعمال الجمعية العمومية للامم المتحدة. والتقى امس، نائبة وزير الخارجية الاميركية للشؤون السياسية فيكتوريا نولاند، التي دعت خلال اللقاء الاطراف اللبنانيين الى الاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية، مشددة على ان الولايات التحدة الاميركية تدعم اي حوار لبناني لبناني في هذا الصدد. كما دعت لبنان الى تفعيل التعاون مع المنظمات الدولية وخصوصا مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين لمعالجة ملف النزوح السوري المُستجد وكل جوانب ملف النزوح. وكذلك شددت على ان واشنطن تدعم الجيش اللبناني، معتبرة انه من الضروري استكمال الاصلاحات الاقتصادية والمالية الضرورية».
قائد الجيش: ما بيهمّني
الى ذلك، برز امس موقف لقائد الجيش العماد جوزف عون خلال لقائه وفد مجلس نقابة الصحافة، حيث اكد رداً على سؤال حول الملف الرئاسي: موضوع رئاسة الجمهورية ما بيهمّني وما بيعنيني، ولم يبحثه احد معي، ولم ابحثه مع احد».
وقال العماد عون: اولويتنا الامن ونعمل ليلاً ونهاراً على ضبطه، مؤكداً ان «لا نية ولا سعي لدى الجيش لدخول مخيم عين الحلوة». لافتاً الى ان «تهريب النازحين عبر الحدود مضبوط الآن بنسبة 85 %»، مشيراً الى «ان الحدود شاسعة ومفتوحة ومتداخلة، ولا نملك العديد الكافي ولا الامكانات اللوجستية لضبطها بالكامل». وقال: «إنّ ضبط التهريب مسؤولية مشتركة تبدأ بالمواطن مرورا بالبلديات والادارات الرسمية وصولا الى الجيش».
قضائيّاً
علمت «الجمهورية» أن هناك توجهاً إلى فك الإعتكاف القضائي تدريجاً مطلع الأسبوع المقبل بعد نجاح المساعي التي قامت بها الجهات المعنية لتحسين وضع القضاة .
وفي السياق، وعلى صعيد تعزيز العمل القضائي بين لبنان وبريطانيا، رعى وزير العدل هنري الخوري بالتعاون مع جمعية القضاة النساء في بريطانيا، إنطلاق برنامج تبادل خبرات ما بين عشرة قضاة لبنانيات وعشرة قضاة بريطانيات عبر التلاقي إعتبارياً،عن بعد، وتبادل الخبرات القضائية في البلدين دورياً كل أسبوعين، وعلى مدى ستة أشهر كمرحلة أولى، مما يعزز سبل التعاون والتلاقي القضائي بين لبنان وبريطانيا.علماً أن البرنامج انطلق نهار الجمعة الفائت في الخامس عشر من أيلول.
********************************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
140 دولاراً للتلميذ النازح في لبنان و600 دولار في الأردن وتركيا!
واشنطن تُحذّر ميقاتي من “أخطار الجنوب” والممانعة تُمعن في “حوار الشغور”
عشية المشاورات على مستوى اللجنة الخماسية لأجل لبنان في نيويورك، فإن اللجنة تتداول مشروع بيان تصدره اليوم، يؤكد مضمون البيان السابق بعد اجتماعها في قطر. ويعكس البيان ما صدر عن مجلس الأمن في التمديد لقوات «اليونيفيل». وتردّدت معلومات عن أنّ اللجنة قد تعقد اجتماعاً على مستوى وزاري أو مندوبين، كما هي حال الولايات المتحدة التي ستتمثل بمساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى بربارة ليف. كما سيقيّم اللقاء حصيلة لقاءات الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الأخيرة في لبنان.
وخلال التدقيق في المعلومات الرسمية حول لقاء رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أمس نائبة وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية فيكتوريا نولاند، يتبيّن أن اولوية ميقاتي كانت «أزمة النازحين السوريين». أما أولوية نولاند فكانت «الاسراع في انتخاب رئيس جديد للجمهورية». وفي معلومات «نداء الوطن»، أن ميقاتي كان طلب موعداً من وزير الخارجية الاميركي انطوني بلينكن، فكلف نولاند بالاجتماع الذي حذّرت فيه من «أخطار في الجنوب تكون لها انعكاسات على مستوى أوسع».
ما هي تطورات الاستحقاق الرئاسي الأخيرة؟ تجيب مصادر بارزة في المعارضة عبر «نداء الوطن»: «الموقف السائد لدى المعارضة الآن، هو أن النتيجة الأساسية لجولة لودريان دعوتُه الى خيار ثالث بعدما اقتنعت اللجنة الخماسية أن الوقت حان لهذا الخيار، وبعدما تبيّن استحالة ان يتمكن أي فريق من إيصال مرشحه الرئاسي.
وتقول المصادر: «على الرغم من اعتبار المعارضة ان جهاد ازعور هو جزء من الخيار الثالث، وتنطبق عليه مواصفات اللائحة التوافقية، فإنها أبدت تجاوباً مع المساعي في اتجاه خيار ثالث، لكن الممانعة الممثلة بالرئيس نبيه بري «وحزب الله»، بقيت على موقفها المتمسك بمرشحها للرئاسة سليمان فرنجية. ولذلك قطعت الممانعة الطريق في اتجاهين: اتجاه اللجنة الخماسية ومبادرتها، واتجاه حراك اللجنة».
وتضيف المصادر: «يعتقد لودريان والقطري أن اللجنة هي من تقوم بالوساطة فتغربل أسماء وتأتي بأسماء، وتتحدث مع القوى السياسية حول اسم او تشطبه. فاللجنة تتولى التحضير، كما حصل في التقاطع بين المعارضة و»التيار الوطني الحر». لكن الممانعة قطعت الطريق على هذا الاتجاه بشكل واضح. وأصبحت الصورة ان الممانعة متمسكة بفرنجية، وبالحوار طريقاً الى الرئاسة، ما يعني اننا أمام شغور طويل».
لكن السؤال: «ما الذي يجعل «حزب الله» يتمسك بموقفه وهو العارف بميزان القوى وعجزه عن ايصال مرشحه بعد سنة على الشغور؟». أما الجواب فهو ان «الحزب» ينتظر تبدلاً ما: إما يبدل النائب جبران باسيل موقفه فتقوى أوراقه، وإما يحصل تبدل في الموقف السعودي نتيجة المفاوضات اليمنية السعودية، فيسجل «الحزب» نقطة سعودية يراهن عليها.
في المقابل ترى المصادر المعارضة «ان القطري يأمل في تسديد نقطة عند الايراني. اما السعودي فيسعى الى كتلة وسط تأخذ موقفاً مع التقاطع نتيجة رفض فريق للخيار الثالث. وهكذا فإنّ كل طرف يعمل على حل، لكن المؤكد ان الممانعة تمعن أكثر فأكثر في الشغور، ويستمر رئيس البرلمان في اسطوانة الحوار الذي ترفضه المعارضة رفضاً تاماً وتعتبره ذريعة للتعطيل. وللتذكير ففي 2014 ـ 2016 قال «حزب الله «بشكل واضح: إما ميشال عون، وإما الشغور مستمر. واليوم يقول «الحوار» بدلاً من المعادلة السابقة سليمان فرنجية أو الشغور».
ومن هذا التعطيل السافر للاستحقاق الرئاسي، كما تفعل الممانعة، الى نتائجه على مؤسسات الدولة، ولا سيما القطاع التربوي. فقد نظّمت لجنة التربية والتعليم العالي والثقافة النيابية وبالتعاون مع وزارة التربية والتعليم العالي ورشة عمل عن واقع القطاع التربوي، حذر خلالها وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي من أن التعليم الرسمي « في دائرة الخطر». وكشف عن أن عدد التلاميذ السوريين في المدارس الرسمية ارتفع إلى مئتي ألف، ما يستدعي فتح مدارس جديدة لاستيعابهم، أي الحاجة إلى مزيد من الأموال. وقال: «بالنسبة إلينا يستدعي هذا الأمر أيضاً الطلب من الدول المانحة زيادة المبلغ الممنوح عن كل تلميذ من 140 دولاراً إلى ما كان عليه في السابق أي 600 دولار أو أقله 400 دولار أميركي. ومساواة لبنان بما هو ممنوح للتلميذ السوري في الأردن وتركيا أي 600 دولار».
********************************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
تشدد المعارضة اللبنانية يهدّد حوار بري «التشرينيّ»
آلان عون لـ«الشرق الأوسط»: ننتظر حسم إطاره وآلياته لحسم المشاركة
بيروت: بولا أسطيح
في الوقت الذي تتجه فيه كل الأنظار إلى كواليس اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك في ظل المعلومات عن إمكانية انعقاد «اللجنة الخماسية» (السعودية، ومصر، وقطر، والولايات المتحدة وفرنسا) المهتمة بالشأن اللبناني لتحديد المسار الذي سوف يسلكه الملف الرئاسي المتأزم داخلياً، لفت إعلان رئيس المجلس النيابي نبيه بري عن نيته الدعوة للحوار في أوائل أكتوبر (تشرين الأول)، مؤكداً أنه هو من سيديره؛ ما يدحض عملياً كل التوقعات بإمكانية أن يكون الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان هو من يدعو إلى حوار ويترأسه، خصوصاً بعدما بدا في جولته الأخيرة على المسؤولين اللبنانيين مسوّقاً لـ«حوار بري»، لا مبادراً أو طارحاً رؤية جديدة للحل.
وبدا واضحاً أن لودريان لم يفلح بمهمته «التسويقية» من منطلق أنه لم ينجح بإقناع قوى المعارضة بالتجاوب مع فكرة الحوار الذي يسبق الدعوة إلى انتخاب رئيس بإطار جلسات متتالية؛ ما يهدد بتطيير مبادرة بري، لا سيما أن الأخير مقتنع بوجوب مشاركة الجميع ليكون الحوار منتجاً ومثمراً.
وتؤكد مصادر «القوات اللبنانية»، أن «موقف المعارضة كان ولا يزال موحداً، وهنا نتحدث عن تكتل من 31 نائباً، إضافة إلى نواب آخرين أعلنوا رفض أي حوار والتمسك بآلية الانتخاب الدستورية التي تقول بجلسة بدورات متتالية». وشددت المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «كل ما هو خلاف ذلك يعني انقلاباً على الدستور واستمرار الانقلاب على البلد والجمهورية». وتضيف المصادر: «أصبح واضحاً أن الممانعة تتلطى بعنوان الحوار من أجل مواصلة التعطيل، وقد تبين أن اللجنة الخماسية وصلت لقناعة أن لا إمكانية لأي فريق أن ينتخب مرشحه ويجب الذهاب إلى خيار ثالث… ومن يرفض هذا التوجه هو الممانعة التي لا تزال متمسكة بمرشحها وهي غير قادرة على إيصاله، أي أنها متمسكة باستمرار التعطيل، من هنا نؤكد أننا لسنا بصدد المشاركة في مسرحية جديدة لتغطية هذا التعطيل».
وفي حين ينسجم موقف «القوات» تماماً مع موقف «الكتائب»، يبدو «التيار الوطني الحر» أقرب للموافقة على السير بمبادرة بري رغم الانتقاد التي وجهه إليها رئيسه النائب جبران باسيل عند حديثه عن «صيغة ملتبسة».
وبينما يؤكد عضو تكتل «لبنان القوي» النائب آلان عون أن «التيار لم يحسم أمره بعد، ولكنه أبدى استعداداً إيجابياً للمشاركة في حوار محدود الوقت وينتهي بجلسات انتخاب»، يشير في تصريح إلى «الشرق الأوسط» إلى «اقتناع عند التيار أنه مستحيل التوصل إلى انتخاب رئيس جمهورية من دون التقاء كتل من الفريقين، إن لم يكن جميعها فعلى الأقل معظمها… فإذن، فكرة الحوار مقبولة، يبقى أن يكون إطار وآلياته مناسبة لحسم المشاركة». وعما إذا كانوا يؤيدون حصول الحوار بغياب قوى المعارضة، يجيب عون: «نفضّل أن يشارك الجميع، وما إصرارنا على شكل معيّن للحوار إلا لإقناع المتردّدين والمشكّّكين في الحوار بأننا نتشارك معهم في الحاجة إلى حوار مُجدٍ وإطار منتج. وإذا توفّر ذلك، سنشارك ونتمنّى على الآخرين أن يحذوا حذونا».
ويرى عون أنه «من السابق لأوانه حسم وجهة تصويت نواب التيار في الجلسة المقبلة رغم الموقف المكرّر بأن التصويت سيكون لصالح أزعور إذا جرت الجلسة غداً»، مضيفاً: «لكن هناك مسارات حوارية يقوم بها التيار على أكثر من جبهة، إحداها مع (حزب الله)، ثانيها مع المعارضة وثالثها قد يكون على طاولة الحوار التي سيقيمها الرئيس بري. وإذا كان التقاطع مع المعارضة رسا على جهاد أزعور ولو دون نجاح، فإن المسارات الأخرى قد تنتج اتفاقات أخرى تغيّر بوجهة تصويت التيار. لذلك؛ لا يمكن استباق كل تلك الحوارات والحسم بشكل نهائي في ما سيقوم به التيار إلى حينها. القرار يتوقّف على موعد الجلسة والتطوّرات التي ستفضي إليها مسارات الحوار التي يقوم بها التيار».
أما بقية القوى السياسية، وأبرزها «حزب الله» والحزب «التقدمي الاشتراكي» وأكثرية النواب السنّة، فهي مؤيدة لطرح الحوار أياً كان شكله، في حين ينتظر قسم كبير من نواب «التغيير» الـ12 أن تتحدد تفاصيل مبادرة بري ليقرروا المشاركة أم لا.
صليبا تعلن إنهاء اعتصامها في مجلس النواب
بعد أشهر من الاعتصام في المجلس النيابي للضغط لعقد جلسات متتالية لانتخاب رئيس، أعلنت النائبة عن قوى «التغيير» نجاة عون صليبا إنهاء اعتصامها، عادّةً أنه «عبثاً حاولنا إحداث خرق في جدار الشغور الرئاسي»، وقالت في بيان: «اعتقادنا أنا وزميلي النائب ملحم خلف بأن الفرصة الموضوعية، الداخلية، كانت مؤاتية للتوصل إلى انتخاب رئيس للجمهورية، لكنّنا اكتشفنا أن الواقع على الأرض كان غير ذلك تماماً. وقد بات لزاماً عليَّ شخصياً، أن أكمل اهتماماتي الوطنية بما فيها مجالات اختصاصي البيئي من خارج المجلس النيابي».
بالمقابل، أكد خلف مواصلة اعتصامه، مشدداً على وجوب «العودة إلى الدستور والقيام بجلسة واحدة مفتوحة بدورات متتالية» عادّاً أن «هذا ما سيحدث قريباً».
وقرر خلف وعون المكوث داخل مجلس النواب في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي حتى انتخاب رئيس للجمهورية. وكان عدد من النواب يدعمونهما في قرارهما من خلال المكوث معهما أحياناً أو قضاء طوال ساعات اليوم إلى جانبهما. لكن الظروف الصعبة التي رزحا تحتها وأبرزها عدم توفر الكهرباء لساعات طويلة أو الأمكنة المناسبة للنوم كما الظروف المناخية الصعبة أدت على الأرجح إلى تراجع النائبة عون.
وقد بات عملياً التكتل النيابي الذي ضم نواب «التغيير» بعد الانتخابات النيابية الأخيرة ينقسم إلى 3 أقسام. قسم يضم النواب مارك ضو، ميشال الدويهي ووضاح الصادق، وهم ينسجمون بمواقفهم بالملف الرئاسي مع «القوات» و«الكتائب» وعدد من النواب المعارضين المستقلين، وقد وقّعوا الشهر الماضي على ورقة سياسية ضمت 31 توقيعاً لإعلان رفض مبدأ الحوار قبل إنجاز الانتخابات الرئاسية. أما القسم الثاني فيضم النواب: بولا يعقوبيان، نجاة صليبا، ملحم خلف، إبراهيم منيمنة، فراس حمدان وياسين ياسين، هؤلاء صوّتوا لمرشح المعارضة و«التيار الوطني الحر» الوزير السابق جهاد أزعور، لكنهم يتمايزون في بعض مواقفهم عن النواب الـ31 السابق ذكرهم ويفضّلون التعاطي معهم على «القطعة». ويبقى القسم الثالث من «التغييريين» ويضم 3 نواب، هم: سينتيا زرازيز، وإلياس جرادي وحليمة قعقور. هؤلاء لا يعدّون تكتلاً واحداً كونهم يتمايزون بمواقفهم ويفضلون أن يكون كل منهم حالة نيابية مستقلة.
********************************************
افتتاحية صحيفة اللواء
«الخماسية» اليوم: تقاطع على عون يرفع من استنفار باسيل ضده
واشنطن لا تمانع من حوار رئاسي.. والصعوبات المالية تهدِّد القضاء والتعليم
بصرف النظر عن مدى جدية حركة الوسيط الفرنسي الرئاسي جان ايف لودريان، وإمكانية بلوغها الهدف المطروح امامها، عاد الرهان على التطور الايجابي في العلاقات بين دول عربية خليجية وايران، عبر «الممر الأميركي» الذي تزداد القناعة حول إلزاميته لإنضاج الممر الرئاسي اللبناني.
وعشية اجتماع الخماسية في نيويورك اليوم لتقييم ما آلت اليه مهمة لودريان، اشارت نائبة وزير الخارجية الاميركي للشؤون السياسية فيكتور رانولاند الى ضرورة اسراع الاطراف اللبنانية الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية مؤكدة دعم بلادها لأي حوار لبناني – لبناني.
ولئن كانت الخماسية، بتشجيع قوي من قطر، باتت اقرب من اي وقت مضى للتقاطع على ترشيح قائد الجيش جوزاف عون، وصولاً الى بلورة اجماع على انتخابه، فإن المصادر النيابية المتابعة لاحظت استنفاراً جدياً من قبل التيار الوطني الحر ورئيسه لمواجهة هذا التوجُّه، عبر تسكير الأبواب بوجه دعوة الرئيس نبيه بري للحوار، في ضوء ما اعلنه لـ«اللواء» في عددها أمس الاول لجهة استمرارية الجلسات لظهور الدخان الرئاسي الابيض، مع حرصه على ان تشارك معظم الكتل ذات التأثير في الجلسات التي سيديرهابنفسه وبمشاركة من نائبه الياس ابو صعب، او لجهة رفض اي تدخل عربي او دولي في تسمية الرئيس او السعي للمساعدة، كما حصل في الدوحة في العام 2008، والتي ادت الى الاتفاق على انتخاب قائد الجيش آنذاك العماد ميشال سليمان.
وأعربت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» عن اعتقادها ان البيان الذي يصدر عن اللجنة الخماسية من شأنه أن يعطي مؤشرا عن التوجُّه المقبل في الإستحقاق الرئاسي وسألت عما إذا كان الموقف نفسه سيتكرر لجهة التأكيد على إتمام هذا الاستحقاق ودعوة المسؤولين إلى القيام بواجباتهم في هذا المجال ام ان هناك موقفا جديدا يصدر عنها.
وقالت هذه المصادر أن أية إشارة من فريق الممانعة بشأن استعداده للبحث في الخيار الثالث لم تعلن عنها وذلك في انتظار بعض التفاصيل وملف الحوار، في حين أن فريق المعارضة بدوره لم يقرر خطوته المقبلة، وفي كل الأحوال الجميع ينتظر المعطيات الخارجية، مشيرة إلى أن حركة الموفد القطري من جهتها تحرك الملف الرئاسي على أن يتبلور المسعى الذي يمكن أن تعمل عليه دولة قطر بشكل جديد.
ووصفت مصادر سياسية ما يروِّج له كلا الاطراف السياسيين من مواقف، لها علاقة بانتخابات رئاسة الجمهورية، بأنه يعبر عن الاستمرار بتقطيع الوقت الضائع، بانتظار انضاج التفاهمات الخارجية بخصوص لبنان وتحديدا بين الولايات المتحدة الأميركية ودول اللقاء الخماسي وايران، بعدما ثبت عدم جدوى الوساطة الفرنسية التي يتولاها الموفد الرئاسي لودريان.
وقالت المصادر انه بعد زيارة لودريان الاخيرة للبنان، يروج كل طرف بأنه استطاع اقناع الموفد الفرنسي بوجهة نظره ومواقفه، مايؤشر إلى الاستمرار بالدوران في الحلقه المفرغة، وعدم تحقيق اي تقدم ملموس باتجاه حل ازمة الفراغ الرئاسي، واعتبرت ما يحصل حاليا هو ان «كل طرف يغني على ليلاه»، وتبقى مصلحة البلد ومواطنيه في آخر اهتماماته.
ولاحظت المصادر تعمُّد مرشح الثنائي الشيعي سليمان فرنجية، بعد زيارة لودريان بالاكثار من اطلالات المؤيدين له، يتقدمهم نجله النائب طوني فرنجية وقبله وزير الإعلام، للتأكيد باستمرار فرنجية بالترشح للرئاسة، ونفي كل مايتردد من مواقف صادرة عن المعارضة، تؤشر الى اخراج فرنجية من المعادلة، وتبنِّي خيار المرشح التوافقي الذي يحظى بموافقة الاكثرية النيابية.
وحسب المصادر، فإنه من الممكن تبدل موقف الثنائي لجهة تأييد المرشح التوافقي على حسابه، بعدما تردد ان قائد الجيش العماد جوزيف عون يتقدم على كل المرشحين التوافقيين. ولذلك لوحظ بوضوح الاعتراضات التي صدرت باطلالات مؤيدي فرنجية التلفزيونية، ضد ترشيح العماد عون لرئاسة الجمهورية.
وفي وقت ما تزال فيه القوى السياسية تدور في الحلقة المفرغة ذاتها من دون ان يتقدم احد بطرح مقبول او قابل للنقاش الجدي حول الاستحقاق الرئاسي، انتقل الاهتمام السياسي الى نيويورك مع وصول الرئيس نجيب ميقاتي أمس في نيويورك آتيا من لندن التي مكث فيها بضعة ايام.وحيث كانت له لقاءات امس، مع الامين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، ومع ممثلين عن منظمات دولية ومؤسسات مالية دولية كالبنك الدولي وصندوق النقد.
وشارك ميقاتي امس، في أعمال المنتدى السياسي الرفيع المستوى للتنمية المستدامة تحت رعاية الجمعية العامة، عشية انطلاق اعمال الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك. والذي شاركت فيه ايضاً مع الوفد الرسمي النائبة عناية عزالدين بصفتها رئيسة لجنة المرأة والطفل النيابية.
وفي السياق، افادت المعلومات عن تأجيل زيارة الموفد القطري محمد الخليفي الذي كان من المقرر ان يزور بيروت هذا الاسبوع، الى مطلع الشهر المقبل، بإنتظار جلاء محادثات بين مندوبي دول مجموعة الخمس في نيويورك.
لقاءات ميقاتي
استهل ميقاتي لقاءاته في نيويورك صباح امس باجتماع عقده مع نائبة وزير الخارجية الاميركية للشؤون السياسية فيكتوريا نولاند، في مقر اقامته في حضور وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب،ونائب مساعد وزير الخارجية الاميركية إيثان غولدريتش.
وتم خلال الاجتماع بحث العلاقات اللبنانية – الاميركية والملفات التي يواجهها لبنان. وطالب الرئيس ميقاتي المجتمع الدولي «بدعم لبنان لمعالجة ازمة النازحين السوريين، التي بات تعاظمها يشكل خطرا على لبنان ونسيجه الاجتماعي».وقال: ان الحكومة انجزت المشاريع الاصلاحية المطلوبة من صندوق النقد الدولي، والملف بات في عهدة مجلس النواب ليقرر ما يراه مناسباً.
ودعت المسؤولة الاميركية «الاطراف اللبنانية الى الاسراع في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مشددة على ان واشنطن تدعم اي حوار لبناني- لبناني في هذا الصدد».
ودعت لبنان «الى تفعيل التعاون مع المنظمات الدولية وخاصة مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين، لمعالجة ملف النزوح السوري المستجد وكل جوانب ملف النزوح».
وشددت «على ان واشنطن تدعم الجيش اللبناني، وأن من الضروري استكمال الاصلاحات الاقتصادية والمالية».
والتقى ميقاتي رئيسة جمهورية كوسوفو فيوسا عثماني، ورئيسة وزراء الدانمارك ميته فريدريكسن في حضور وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب.
عون: الرئاسة ما بتهمني
وقد تناول العماد عون خلال لقائه وفد نقابة الصحافة برئاسة النقيب عوني الكعكي الاوضاع الراهنة وملفات الساعة.
في موضوع رئاسة الجمهورية قال قائد الجيش: ما بيهمني وما بيعنيني، ولم يبحثه احد معي ولم ابحثه مع احد.
أما في موضوع تهريب النازحين عبر الحدود، فاعتبر أن التهريب مضبوط الآن بنسبة تصل الى 85 في المئة، وقال: الحدود شاسعة ومفتوحة ومتداخلة، ولا نملك العديد الكافي ولا الامكانات اللوجستية لضبطها بالكامل، واكد أن ضبط التهريب مسؤولية مشتركة تبدأ بالمواطن مرورا بالبلديات والادارات الرسمية وصولا الى الجيش.
وردا على سؤال، قال قائد الجيش: ألّا نية ولا سعي لدى الجيش لدخول مخيم عين الحلوة، لكن اتخذنا كل الاجراءات ونشرنا قوة عسكرية حول المخيم لمنع تمدد القتال الى خارجه.
وركز قائد الجيش خلال اللقاء على موضوع الامن، فقال: اولويتنا الامن، ونعمل ليل نهار على ضبطه، فالسلاح منتشر ومتفلِّت، والقضاء لا يساعدنا في ضبط المتفلتين والمرتكبين والمخلين.
اما في مسألة الحدود البرية، فتحدث قائد الجيش عما وصفه بإهتمام اميركي لترسيم الحدود البرية.
وفي الحراك الرئاسي، زار رئيس حزب «التوحيد العربي» وئام وهاب رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، وجرى خلال اللقاء البحث في «الموضوع الرئاسي وما يمكن ان يحصل من تطورات في ضوء التحرك الفرنسي في لبنان».
وقال النائب طوني فرنجيه: في حديث تلفزيوني مساء امس: سليمان فرنجيه لم يقف يوما بوجه المصلحة العليا للبلاد، وانسحابه من السباق الرئاسي غير وارد
اضاف: لم نسمع من الموفد القطري اي شيء عن ترشيح قائد الجيش، اما في ما يتعلق بحزب الله فزيارة النائب محمد رعد روتينية ومقرّرة قبل زيارته لقائد الجيش.
واكد « نحن مع الحوار من دون شروط مسبقة والوضع الاقتصادي لا يحتمل المزيد من الانتظار».
نصيحة السفير الروسي
وفي تعليق من السفير الروسي في لبنان ألكسندر روداكوف على الاوضاع في لبنان، قال: ان لبنان ينتظر حوارا سياسيا صريحا، وإن المبادئ الأساسية لهيكلية الدولة اللبنانية، تتضمن التعايش السلمي بين جميع فئات المجتمع المتنوع. ومنذ إبرام الميثاق الوطني، اتسم هذا التعايش بروح حسن الجوار وتحقق بفضل التوافق والتفاهم المتبادل بين القوى السياسية والدينية الرائدة في البلاد.
وختم السفير روداكوف: وباعتبارها أحد مراكز النظام العالمي الجديد، تدعم روسيا باستمرار وبإخلاص، كل جهود التي تهدف إلى الحفاظ على الأداء الفعَّال لآليات الدولة اللبنانية، دون أي تدخل أجنبي.
مولوي: لا خلاف شخصياً مع عثمان
في مجال آخر، أكد وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي بعد لقائه المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى، أن الزيارة كانت مقررة سابقاً والموعد كان في منتصف الأسبوع الماضي، ولا علاقة لها بأي ظروف استجدّت في الإعلام .
وقال: أكدت للمفتي دريان أننا لا نقبل أي خلل في الإدارة أو في أي مديرية تابعة لوزارة الداخلية، وشعبنا وديننا وإيماننا ورغبة اللبنانيين والتربية والدول كافة، تريد إدارة ومديريات لبنانية سليمة تصل فيها للمواطن حقوقه، وتكون خالية من أي نوع من أنواع الشوائب أو الفساد.
وأوضح مولوي: اننا نتابع عملنا في وزارة الداخلية وفي كل المديريات المتعلقة بالوزارة للقيام بعملنا، ولن نقبل بأن يعود شخص مرتكب أو ثبتت عليه ارتكابات بالفساد إلى الإدارة اللبنانية. مشدداً على أنه لا خلاف شخصياً مع مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان ونقوم بمهمتنا بكل الأطر المحددة وهذه العلاقة تحكمها القوانين.
وأفاد المكتب الإعلامي في دار الفتوى، «أن المفتي دريان اكد خلال اللقاء ان أمن لبنان من أمن المنطقة، والقوى الأمنية اللبنانية لها دور مهم ومميز في المحافظة على أمن الوطن والمواطن»، وقال: هذا يستدعي مزيدا من التعاون والتكامل بين كافة الأجهزة الأمنية، وفي مقدمها الجيش وقوى الأمن الداخلي، لاسيما وأن قوى الأمن الداخلي وقيادتها تقومان بدور مهم على الصعيد الداخلي خصوصا في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان واللبنانيون، حتى بدا أن القوى الأمنية ما زالت وحدها صامدة ومتماسكة في خدمة لبنان الدولة والمؤسسات، وينبغي على الجميع مساندتها قيادة وضباطا وأفرادا، بتوجيه ومتابعة من السلطة السياسية المرتبطة بها، التي عليها أن تحفظ وتدعم وتحتضن هذه المؤسسات بقياداتها المشهود لها بالصبر والعمل الدؤوب والوطنية في كل المراحل والتحديات التي تواجهها بين الحين والآخر.
وذكرت معلومات ان اللواء عثمان سيزور دار الفتوى اليوم في اطار المساعي التي يجريها المفتي لمعالجة الازمة.
مالياً، انتهى اجتماع لجنة المال والموازنة بحضور وزير المال يوسف خليل الى اعتبار ان موازنة العام 2023 غير دستورية وهي لزوم ما يلزم، وهي احيلت في نهاية السنة كما اعلن رئيس اللجنة النائب ابراهيم كنعان.
وأشار الى أن « اي بند أو مادة تعتبرها الحكومة اساسية من ضمن مشروع موازنة 2023 أو من خارجها، يمكن أن تطرحه علينا من خلال مشروع موازنة ٢٠٢٤ ، ووزارة المال لم تعترض على ذلك، مبدية استعداد الحكومة للقيام بذلك».
وقال:«نحن لا نقفل الباب على أي مادة قانونية ضرورية بنظر الحكومة ويوافق عليها مجلس النواب. ولكن لا يمكن أن نستمر في مسلسل اقرار الموازنات في نهاية السنة المالية، لأن ذلك سيكون بمثابة التشريع لمخالفات، والكل يعلم بتجاوزات الـ11 مليار دولار ما بعد الـ2005، وبالتدقيق البرلماني الذي قامت به لجنة المال والموازنة من الـ2010 الى الـ2019 والذي اظهر 27 مليار دولار صرفت من دون اثباتات قانونية، والملف لا يزال في ديوان المحاسبة حتى اليوم».
اعتكاف القضاة
قضائياً، ومع بدء السنة القضائية بقي الاتجاه العام لدى القضاة عدم التوجُّه الى قصور العدل، والسير في منحى الاعتكاف، من اجل تحسين ظروف حياتهم المادية.
.. والمدارس أيضاً
ولم يكن وضع المدارس بأحسن حالاً، على الرغم من اصدار مرسوم بتعديلات على اجر الساعة للمتعاقدين في التعليم ما قبل الجامعي.
وكانت ورشة العمل التي نظمتها لجنة التربية والتعليم العالي في المجلس النيابي توقفت عند عمق الازمة التي طالت الجميع، وليس التعليم فقط.
واشار الوزير عباس الحلبي الى ان العام الماضي كان عصيباً على التربية والتعليم.
وتابع: دعونا الروابط إلى اجتماع وحددنا وإياهم تاريخ بدء العام الدراسي في 9/10/2023 على أن يصدر عن وزير التربية قبل هذا التاريخ قرار يحدد آلية دفع بدلات الإنتاجية وقيمتها وتواريخ دفعها ومعايير حسابها».
تابع: «أما بشأن رصيد السلفة البالغ حوالى عشرة آلاف مليار ليرة لبنانية فقد تمَّ الإتفاق بحضور دولة رئيس الحكومة وحاكم مصرف لبنان ووزير المالية ووزير التربية على أن تُدفَع ثاني دفعة بقيمة خمسة آلاف مليار في الفصل الثاني والدفعة الأخيرة بقيمة مماثلة في الفصل الثالث».
بالتزامن، تحت عنوان «أنقذوا التعليم الرسميّ في لبنان» وبدعوة من اللجنة الفاعلة للأساتذة المتعاقدين في التعليم الرسميّ، إعتصم عدد من الاساتذة المتعاقدين بدعوة من اللجنة الفاعلة للمتعاقدين في التعليم الرسمي أمام مدخل المجلس النيابيّ، للمطالبة بحقوقهم.
وتضامنًا مع الأساتذة، ترك رئيس لجنة التربية النيابيّة النائب حسن مراد ورشة العمل التربويّة في مجلس النواب، لمشاركة الأساتذة المتعاقدين اعتصامهم خارج المجلس، متسلّمًا منهم لائحة بمطالبهم التي وصفها بالمحقّة.
********************************************
افتتاحية صحيفة الديار
الرئاسة تنتظر مساعي اللجنة الخماسيّة وربّما إيران… ومُبادرة قطريّة لم يُعرف مضمونها
مُفتي الجمهوريّة للطائفة السنيّة يستوعب خلاف مولوي ــ عثمان – بولا مراد
صحيح ان لا اخبار تتصدر حاليا الاخبار الواردة من طهران وواشنطن، بخصوص الصفقة التي أنجزها الطرفان برعاية قطرية لتبادل سجناء وتحرير أرصدة مالية مجمدة. لكن قوى لبنانية تعوّل حاليا على ان تتسع رقعة المفاوضات الايرانية – الاميركية لتلحظ الشأن اللبناني، كما تنتظر مساعي اللجنة الخماسيّة وربّما إيران لحلحلة الملف الرئاسي، خاصة في ظل الانكفاء المتواصل للمملكة العربية السعودية، وغياب اي مبادرة حقيقية من قبلها لانهاء الشغور الرئاسي في لبنان.
ولعل ما يجعل هذه القوى متفائلة في هذا المجال، هو ان الوسيط القطري الذي نجح في مسعاه بصفقة تبادل السجناء وتحرير الارصدة المالية، هو نفسه مَن يقوم اليوم بمبادرة بعيدا عن الاضواء، لاخراج الازمة الرئاسية في لبنان من عنق الزجاجة.
وتشير معلومات «الديار»ان المبادرة القطرية لم يُعرف مضمونها بعد، الا ان مصادر متابعة اكدت ان الموفد القطري يقوم بمساع يشترط ان تكون غير معلنة وبعيدا عن الاضواء، لاقناع «الثنائي الشيعي» بالسير بترشيح قائد الجيش العماد جوزاف عون، تجنبا لاحراق ورقته في حال اعتماده مرشحا جديدا للمعارضة، في ظل تمسك الثنائي بمرشحه رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، ورفض رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل ترشيح عون بالمطلق.
وبالرغم من تقصّد قائد الجيش خلال لقائه وفدا من نقابة الصحافة يوم أمس القول بأن «رئاسة الجمهورية ما بتهمني وما بتعنيني»، الا ان مطلعين على الملف الرئاسي يرون كلام عون طبيعيا ومتوقعا، لانه ليس بصدد اعلان ترشيحه وهو بقيادة الجيش، كما انه لا يريد ان يتبنى احد ترشيحه ما يؤدي لاحراق ورقته، وما يتمناه حصرا رئاسيا هو ان يحصل تفاهم اقليمي- دولي- داخلي كبير على اسمه، فيكون رئيسا توافقيا قادرا على النهوض بالبلد».
وقد لفت يوم امس، ما نقل عن نائبة وزير الخارجية الاميركية للشؤون السياسية فيكتوريا نولاند بعد لقائها رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي في نيويورك، حيث يشارك في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، اذ أكدت دعم اي حوار لبناني- لبناني لانتخاب رئيس، وهو موقف ينسجم مع الموقف الفرنسي، وتسويق موفد باريس جان ايف لودريان لمبادرة رئيس المجلس النيابي نبيه بري.
حوار بري «مكبّل»
ولا يبدو ان الداخل اللبناني سيكون قادرا اقله في المرحلة الراهنة على مواكبة الحراك الخارجي، وهو ما يدركه تماما رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي قرر تأجيل اي دعوة للحوار لمطلع شهر تشرين الاول، حتى تبيان نتائج المبادرات الخارجية والمفاوضات الاقليمية والدولية، لاقتناعه بأن اي حوار يدعو اليه لا تشارك فيه قوى المعارضة، وعلى رأسها حزبا «القوات» و«الكتائب»، سيكون دون معنى ودون جدوى وإن قرر باسيل السير به، وهو ما ترجحه مصادر «لبنان القوي» التي قالت لـ«الديار «انها تفضل ان تشارك فيه كل القوى، ليكون منتجا ويصل الى الخواتيم المطلوبة.
من جهتها، تبدو مصادر المعارضة متشددة جدا في مقاربة اي دعوة للحوار. ونقل زوار احد اقطابها عنه قوله: «الحوار مسرحية كبيرة، وارنب جديد من بري، وخديعة لن نكون ضحيتها». وتعتبر المصادر انه «طالما الموقفان السعودي والاميركي على حالهما، ستبقى قوى المعارضة متشددة في مقاربة اي دعوة حوارية، اما اذا تغيرت المعطيات الدولية فعندها نراها جلست على طاولة واحدة مع باقي القوى، لحسم ملف الرئاسة وباقي الملفات الاستراتيجية».
دريان يستوعب مولوي – عثمان
في هذا الوقت، يبدو ان مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان نجح باستيعاب الخلاف بين وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي، ومدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان. اذ اعلن دار الفتوى يوم امس، بعد لقاء جمع دريان بمولوي بأن الاخير أبلغ دريان ان «لا خلاف بين وزير الداخلية وقيادات الأجهزة الأمنية المرتبطة به، فالكل يعمل لخدمة لبنان وشعبه في هذه الظروف المؤلمة التي يعيشها لبنان نتيجة عدم انتظام الحياة العامة». وبحسب المعلومات، فان دريان اخذ نوعا من التعهد من وزير الداخلية بعدم اعطاء الإذن بملاحقة عثمان في القضايا المرفوعة ضدّه أمام القضاءين العدلي والعسكري.
ومن المتوقع، ان يلتقي دريان اليوم عثمان لحثه هو الآخر على ترطيب الاجواء بينه وبين مولوي بمحاولة لتجنيب الساحة السنية صراعا هي بغنى عنه، خاصة وان عثمان ومولوي مرجعيتان سنيتان اساسيتان حاليا في البلد، خاصة بغياب الزعامة السنية الرئيسية.
********************************************
افتتاحية صحيفة الشرق
قائد الجيش خلال لقائه نقابة الصحافة برئاسة الكعكي: الرئاسة لا تعنيني وهمّي الجيش والحفاظ على الاستقرار
التقى قائد الجيش العماد جوزيف عون وفد نقابة الصحافة برئاسة النقيب عوني الكعكي.. وخلال اللقاء اجاب العماد عون على أسئلة اعضاء النقابة الذين طرحوا امامه وعليه، هواجس البلد والمواطن..
تحدث قائد الجيش عن كل شيئ بصراحة.. واذا كان من إمكانية لوضع عنوان لكلامه فهو قوله المتكرر: «المهم عندي هو الجيش؛ فبدون الجيش لا بلد، ولا يستطيع صحافي ان يكتب ولا ان يذهب تلميذ إلى مدرسة الخ..»..
ورغم حشرية الأسئلة السياسية الا ان العماد جوزيف عون يصر على ان كل همه هو الشأن الوطني، وكيفية حماية الجيش، وجعله قادرا على الإستمرار..
وأكد ان ما يحمي الجيش ويمكنه من الاستمرار رغم الظروف الصعبة، هو مناقبية عناصره، واستعدادهم للتضحية من أجل تحقيق مهمتهم الوطنية.. والعامل الثاني الذي يمكن الجيش من الصمود هو دعم الشعب اللبناني الكبير له؛ إضافة للمساعدات الخارجية التي يلقاها. وكذلك لا بد ذكر التبرعات التي قدمها المواطنون اللبنانيون داخل وخارج البلد، ومثال على ذلك ان مواطناً من مزيارة اشترى ارضا وبنى عليها مركزا للجيش وقدمه لنا.
وسئل قائد الجيش عن الاخبار التي ترشحه للرئاسة فأجاب: انا اسمع اخباري السياسية مثلكم من الاعلام.. ويكرر قائد الجيش: انا همي هو الجيش..
وتحدث قائد الجيش عن مخيم عين الحلوة وما يكتنف مهمة الجيش فيه من معطيات؛ وقال لا استطيع ان أجزم ان هناك قرارا بتوريط الجيش في حرب المخيم، ولكنني لا استطيع ان أجزم ايضا، بعدم وجود نوايا من هذا النوع.. وأكد ان الجيش تعلم من درس نهر البارد بحيث اتخذ كل الاجراءات التي تحمي أمنه وأمن جوار المخيم اللبناني.
واستبعد قائد الجيش ان يتكرر في نهر البارد ما حصل في مخيم عين الحلوة؛ فالأول كان يوجد فيه تنظيم واحد هو المتطرفون الإسلاميون ؛ أما في عين الحلوة فيوجد بداخله قوى مختلفة، ما يخلق توازن قوى..
واوضح ان الجيش وقبل تسلمي المسؤولية كان قد بنى بعض الاسوار لضبط حركة الدخول والخروج ولمنع تمدد المخيم الى الخارج والسيطرة على اراضي الناس ولكننا توقفنا بسبب قلة الامكانيات، علما ان هذه الاسوار غير موجودة في منطقة التعمير لانها منطقة يسكنها لبنانيون وفلسطينيون وهي متداخلة مع المخيم.
وقال : لا نية لدينا لدخول المخيم ولكننا ارسلنا تعزيزات لتقوية مواقعنا فنحن في وسط الميدان بين الطرفين وقد استهدفت مراكزنا مرارا.
..عن موضوع رئاسة الجمهورية، اعلن العماد جوزيف عون، أن «موضوع الرئاسة، لا يهمني ولا يعنيني ولم يبحثه معي أحد ولم أبحثه مع أحد».
وأشار العماد عون إلى أن التهريب مضبوط الآن بنسبة تصل إلى 85 في المئة، وقال: «الحدود شاسعة ومفتوحة ومتداخلة، ولا نملك الإمكانات اللوجستية لضبطها بالكامل»، فلدينا ثلاثة آلاف عسكري في حين ان المطلوب اربعين الفا، ونحن نقوم بكل ما يلزم، مؤكدًا أن ضبط التهريب مسؤولية مشتركة تبدأ بالمواطن مرورًا بالبلديات والإدارات الرسمية وصولًا إلى الجيش.
وكشف انه في موضوع التهريب فإننا نعتقل المهربين ونحيلهم الى القضاء وهو يخلي سبيلهم.
وبالنسبة للمخدرات يؤكد قائد الجيش القضاء على كل مصانع الكبتاغون نتيجة المداهمات ولكنهم اليوم لجأوا الى طريقة مبتكرة وهي اقامة معامل صغيرة في فانات متنقلة.
وركز قائد الجيش خلال اللقاء على موضوع الأمن، فقال: «أولويتنا الأمن، ونعمل ليلًا نهارًا على ضبطه، فالسلاح منتشر ومتفلت، والقضاء لا يساعدنا في ضبط المتفلتين والمرتكبين والمخلين».
أمّا في مسألة الحدود البرية، فتحدث قائد الجيش عمّا وصفه «باهتمام أميركي لترسيم الحدود البرية، وهناك ١٣٤ نقطة مختلف عليها ولكن جرى حل ٧ منها وبقيت ٥ والوحيد القادر على انجاز هذا الامر هو الوسيط اموس هوكشتاين.
وعن العشاء الذي جمعه بهوكشتاين قال: سبق لي ان دعوته خلال زيارات سابقة، ولكنه كان مشغولا، وفي الزيارة الاخيرة تلقيت اتصالا من السفيرة الاميركية لتبلغي بقبول الدعوة الى العشاء.
وعن الخلاف مع وزير الدفاع اوضح العماد عون ان المسألة ليست شخصية، وانما هناك قانون ينظم الامور، فوزارة الدفاع هي سلطة وصاية على الجيش وليس الجيش خاضعاً لها، وانا قائد للجيش ولست مديرا عاما، وهذا ما يجعلنا مختلفين عن سائر الوزارات والمؤسسات. وانا قلق من عدم تعيين رئيس للاركان وغالبا ما اتلقى دعوة للسفر ولا ألبيها لانني مقيد في غرفة العمليات ومتابعة امور الجيش.